أزمة دم في مصر

أزمة دم في مصر

21 فبراير 2019
الحاجة إلى الدم كبيرة في أقسام الطوارئ (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت أسعار الدم ارتفاعاً كبيراً في المستشفيات الحكومية والخاصة في مصر، إذ وصل سعر الكيس الواحد إلى 1700 جنيه (97 دولاراً أميركياً)، ليواجه المواطنون مأساة حقيقية داخل المستشفيات الحكومية بسبب النقص الحاد في كميات الدم التي يحتاجها المرضى. كذلك، فإنّ المنظومة الصحية بأكملها تعاني خللاً حاداً في مختلف أنحاء البلاد، بداية من نقص الدم مروراً بنقص العلاج وقلة الإمكانات، ما يتسبب في موت آلاف المرضى، بالإضافة إلى انعدام الرقابة الحقيقية على أكياس الدم، أما ما يجري التبرع به فيهرَّب إلى المستشفيات الخاصة لبيعه فيها.

يكذّب مسؤول مصري تصريحات وزيرة الصحة، هالة زايد، الأحد الماضي، بتحديد ثلاث قوائم لصرف الدم، الأولى متعلقة بالجهات الحكومية مثل مستشفيات التأمين الصحي والمستشفيات العامة حيث يبلغ سعر كيس الدم الكامل 140 جنيهاً (8 دولارات)، والثانية متعلقة بـالشركات القابضة والمستشفيات الجامعية والخيرية ويبلغ سعر كيس الدم الكامل 250 جنيهاً (14 دولاراً) فيها، والثالثة المستشفيات الخاصة، حيث يبلغ سعر كيس الدم الكامل 450 جنيهاً (26 دولاراً). ويؤكد المسؤول أنّ أسعار الدم أصبحت خيالية تفوق طاقة المرضى، بعدما تجاوز السعر 1500 جنيه (86 دولاراً). يضيف أنّ بنوك الدم الحكومية باتت تبيع الدم كما في السوق السوداء، لمن يدفع أكثر، في ظل ضعف الرقابة الحكومية، كما أنّ هناك إهمالاً شديداً في حفظ الدم، بالإضافة إلى أنّ المستشفيات الخاصة تتاجر بأكياس الدم، ما يؤدى إلى ارتفاع قيمة الفاتورة التي يسددها المريض.




يلفت المسؤول إلى أنّ تصريحات وزيرة الصحة حول أسعار الدم أثارت بلبلة في الشارع المصري، الذي عانى خلال الفترات الأخيرة من ارتفاع الأسعار في جميع المنتجات الاستهلاكية والدواء، متوقعاً أن يصل سعر كيس الدم في المستشفيات الخاصة إلى أضعاف ما هو عليه حالياً. يتابع أنّ عربات الإسعاف المنتشرة في الميادين والشوارع المصرية تنادي على الأهالي من أجل التبرع بالدم واستعطاف المارة من أجل إنقاذ حياة مريض، لكن، بعد ذلك، يجري بيع تلك الأكياس من المتبرعين إلى المستشفيات الخاصة. ويدعو الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الصحة، إلى إيجاد حلول لمواجهة نقص أكياس الدم، وليس تفاقمها.

تواجه المستشفيات الحكومية المصرية المركزية والوحدات الصحية، نقصاً حاداً في الدم والبلازما، وتفرض المستشفيات على المرضى وذويهم التبرع بالدم كشرط لازم أثناء الحجز وقبل إجراء أيّ عملية جراحية، حتى لو وصل الأمر إلى إجراء عملية استئصال اللوزتين، بحجة تجنب إصابة المريض بهبوط حاد في الدورة الدموية. ويصل التبرع إلى ما بين 3 و4 أكياس لكلّ مريض واحد، ويجري بيع الأكياس فوراً إلى المستشفيات الخاصة عبر عدد من الموظفين في بنوك الدم بالمستشفيات الحكومية، التي تعد باباً خلفياً للاتجار بالدم، في الوقت الذي عبّر فيه كثير من المرضى والأهالي عن استيائهم، من سوء الخدمة في المستشفيات وعدم توفرها على أكياس دم لمعدومي الدخل والفقراء.

يكشف الدكتور رشدي خلف الله، أستاذ الباطنة بمستشفى بنها الجامعي، أنّ المستشفيات الاستثمارية لديها سماسرة، لجلب تبرعات الدم إليها مقابل مبالغ مالية، كما أنّ بعض المستشفيات الجامعية والحكومية تسدّ النقص لديها من خلال بنوك الدم بوزارة الصحة خصوصاً بنك الدم في محلة العجوزة، أو جمعية الهلال الأحمر، في ظل انتشار بعض الأمراض التي تحتاج إلى نقل دم مستمر، مثل الفشل الكلوي والأورام وأنيميا البحر المتوسط، بالإضافة إلى إصابات الحوادث التي تنقل إلى أقسام الطوارئ. يتابع: "في ظلّ عدم قدرة وزارة الصحة على التحكم في أسعار أكياس الدم، وقع المواطن البسيط ضحية لجشع المستشفيات، التي تحاول استغلال المتبرعين الفقراء، وبيع دمائهم بأعلى الأسعار، في الوقت الذي يموت فيه غير القادرين على الكلفة المرتفعة، لعدم توفر المستشفيات الحكومية على أكياس دم".

يشير خلف الله إلى أنّ هناك عشرات من عمليات نقل الدم تجري بطريقة غير صحية، في الاتجاهين، مع إمكانية انتشار فيروس "سي" بين المرضى الذين تتوقف حياتهم على نقطة دم. يقول إنّ أكياس الدم هي المنقذ الحقيقي من الموت في بعض الأمراض، وإنّ هناك نقصاً شديداً في أكياس الدم تعاني منه مستشفيات كثيرة، بالرغم من جميع التصريحات الرسمية التي تؤكد توافر أكياس الدم.



يتابع أنّ ثمة معاناة حقيقية يواجهها أهل المرضى في ما يتعلق بأكياس الدم، في الوقت الذي تحتاج فيه عمليات جراحية إلى 30 كيس دم، نتيجة تعرض المرضى للنزيف المتواصل، ما يزيد كلفة العلاج، مطالباً البرلمان المصري بالتحرك من أجل حلّ تلك المشكلة الكبرى على حياة المرض، موضحاً أنّ القائمة التي أعلنتها وزيرة الصحة بخصوص أسعار الدم مفزعة، وتؤكد على ارتفاع أسعار الدم، في جميع الأحوال.