تجّار الأزمات يرفعون سعر جواز السفر العراقي

تجّار الأزمات يرفعون سعر جواز السفر العراقي

03 يوليو 2014
العراقيون يهربون من المعارك (أرشيف/getty)
+ الخط -


أدّت الإضطرابات الأمنية والمعارك الدائرة في العراق في الفترة الأخيرة، إلى رفع نسبة المهاجرين العراقيين إلى الخارج. وعلى هامش هذه المأساة، نشط عمل سماسرة جوازات السفر، فقاموا برفع كلفة الحصول على جواز سفر وصولاً إلى ألفي دولار.

وفي حين تؤكد الحكومة العراقية على عدم دفع الرشاوى في دوائر الدولة، وإن إصدار جواز السفر يتم بعد دفع رسوم مالية بسيطة، إلا أن جولة لـ"العربي الجديد" على "دوائر الجوازات والجنسية"، تكشف معاناة المواطنين، عبر وضعهم أمام خيارين: إما الرشوة أو الانتظار في طوابير لا تنتهي. 

حين تصبح الرشوة "عمولة"

يقول أحد السماسرة إن عمله لا يمت للرشوة بصلة، وغايته تسهيل عملية حصول المواطن على جواز سفر من دون عناء الوقوف بطابور طويل، وإنه "وسيط لا أكثر بين المواطن والادارة الرسمية"، وفق تعبيره.

ويضيف السمسار الذي يلقب بـ"أبو العبد"، والذي يملك علاقات متشعبة بدوائر الجوازات والجنسية، لـ"العربي الجديد"، أن النسبة التي يقطعها لنفسه من العمولة التي يدفعها طالب جواز السفر "زهيدة"، وأن "الضباط والموظفين في دوائر الجوازات يفرضون "عمولات" عالية.
ويلفت أبو العبد إلى أن "موظفي الجوازات، وأغلبهم من الضباط وحملة الرتب العسكرية ينالون مانسبته 75% من العمولة". 

بدوره، يقول ضابط يحمل رتبة مقدم، ويعمل في دائرة الجنسية لـ"العربي الجديد"، إن المواطن هو سبب رفع تسعيرة الجواز، ويؤكد المقدم، الذي رفض نشر إسمه، أن المواطنين ببحثهم عن الوساطة من أجل تسريع معاملاتهم يفتحون الباب للرشوة.

ويشرح الضابط، طلب عدم ذكر اسمه لحساسية موقعه، أنه يتوسط لكثير من أصدقائه ومعارفه عند زملائه لتسريع معاملاتهم، "لكن لا أحد يقبل الوساطة بالمجان، لافتاً إلى أن "الرشوة صارت أمراً اعتيادياً في دوائر الدولة".

ولم ينف المقدم في دائرة الجنسية وجود تعقيدات في إدارة دوائر الجنسية والجوازات، كاشفاً عن وجود روتين وعراقيل لا ضرورة لها تصعّب عملية حصول المواطن على الجواز بسرعة، "وينسحب هذا الواقع على بطاقة الجنسية (الهوية)، لكن ليس باليد حيلة"، على حد قوله. 

الرشوة بدلاً من الطابور

ويشير المواطن العراقي عبد الستار النعيمي إلى أنه دفع مبلغ 1700 دولار من أجل إصدار جوازات سفر لخمسة من أولاده، ويقول النعيمي لـ"العربي الجديد" "دفعت 500 دولار لتسريع معاملات شهادات الجنسية، و1200 دولار لأحد سماسرة الجوازات، لكي أحصل على جوازات السفر".

أضاف أنه لو لم يدفع هذا المبلغ لما تمكن من الحصول على الجوازات خلال فترة وصفها بالقياسية.

وتابع: "إكمالي المعاملات في ثلاث دوائر خلال فترة تصل إلى أقل من شهر، يعتبر إنجازاً قياسياً". ويلفت النعيمي إلى أنه لو لم يدفع هذا المبلغ لاستمر في مراجعة الدوائر والوقوف في طوابير طويلة وإضاعة الوقت لأكثر من شهرين.

وتشهد دوائر الجوازات إقبالاً كبيراً من العراقيين للحصول على جوازات السفر لغرض السفر خارج العراق، هرباً من الأوضاع الأمنية الملتهبة التي تشهدها مدن العراق، وذلك في وقت تشهد فيه العاصمة بغداد أعمال قتلٍ طائفي، أجبرت العائلات العراقية على بيع بيوتها أو تأجيرها والسفر إلى دول أخرى وطلب اللجوء الإنساني، عند مكاتب هيئة الأمم المتحدة في دول مجاورة.

الأولوية لمن يدفع أكثر

يروي المواطن علي سلمان أن ظروفه المادية الصعبة اضطرته إلى الوقوف بطوابير طويلة وقضائه نهاراً كاملاً من أجل الحصول على جوازات السفر له ولعائلته.

ويقول سلمان لـ"لعربي الجديد": "عليّ أن أصل إلى تركيا وأطلب اللجوء الإنساني لي ولعائلتي في مكتب هيئة الأمم المتحدة، وهذه الخطوة تتطلب الكثير من الوقت".

ويلفت سلمان إلى أن دائرة الجوازات رفضت تسريع معاملاته بسبب قدم بطاقات الجنسية (الهويات) له ولأبنائه، مما اضطره الى الانتقال إلى دائرة أخرى.

ويشرح موضحاً "دفعت مبلغ قدره 300 دولار، وأكملت إصدار بطاقات الجنسية وشهادة الجنسية خلال إسبوعين، ولم تكن لي مقدرة على دفع مبلغ إضافي لإصدار الجوازات"، لافتاً إلى أنه وقف في طابور طويل قبل ساعتين من بدء الدوام الرسمي، ونجح في تسليم معاملات عائلته بعد ست ساعات من الانتظار.

ويضيف سلمان "الأولوية في تسريع المعاملات لمن يدفع الرشوة، وهذا أمر معروف في دوائر الدولة، وبرغم المرتبات العالية التي يتقاضاها الموظفون، لكنهم يستغلون المواطنين ويرفعون مداخيلهم لتصبح أكثر بخمسة أضعاف من مرتباتهم".

دلالات