الشهيد نصار طقاطقة... اغتاله الاحتلال قبل زفّه عريساً

الشهيد نصار طقاطقة... اغتاله الاحتلال قبل زفّه عريساً

16 يوليو 2019
الشهيد نصار لم يكمل الشهر في سجون الاحتلال (فيسبوك)
+ الخط -
لم يخطر ببال عائلة الشاب الفلسطيني نصار ماجد طقاطقة (31 سنة) من بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم جنوب الضفة الغربية، أن ابنها نصار لن يزفّ عريسا هذا الصيف، بعد استشهاده صباح اليوم الثلاثاء، في عزل سجن "نيتسان" بالرملة بعد نقله إليه من زنازين مركز تحقيق الجلمة الإسرائيلي.

العائلة المكلومة مصدومة جداً، كانت تنتظر اليوم الذي يرتدي فيه ابنها بدلة عُرسه، بعدما كان يتحضر لزفافه هذا الصيف ويبحث عن شريكة حياته، لكن نصار لن يُلبِس عروسه المستقبلية المحبس ولا مجوهرات الذهب التي اشتراها، ولن يُكمل تجهيز منزله الجديد، ليبدأ فيه حياته الزوجية؛ ولن تزغرد نساء العائلة له، كما لن يجلس على "الكوشة"؛ لأنه سيُزفّ بطريقةٍ أخرى... شهيداً.

ويوضح أمجد طقاطقة شقيق الشهيد لـ"العربي الجديد": "كان أخي يُجهّز نفسه للزفاف وهو يبحث في هذه الفترة عن العروس المناسبة، وسبق له أن ارتبط بفتاة لكنه فك الخطوبة، وبدأ يبحث عن شريكة أُخرى لحياته، كان يعمل في منشار حجر في بلدتنا بيت فجار، وعكف على بناء منزله الجديد منذ عشر سنوات، لكن قوات الاحتلال اعتقلته وقتلته في الزنازين".

قوات الاحتلال اعتقلت الشهيد نصار طقاطقة من منزله الذي كان يُجهزه عند نحو الساعة الثانية فجراً من تاريخ 19 يونيو/ حزيران الماضي، وبعد مرور أسبوعين على اعتقاله أحضرته من التحقيق إلى منزله وفتشته، ثم أعادته إلى التحقيق مجددا.

وأقدمت قوات الاحتلال خلال عملية التفتيش على تدمير محتويات منزل الشهيد نصار الكائن وسط بلدة بيت فجار، على بعد أمتار قليلة من منازل إخوته وعائلته. وعمدت إلى تكسير غرفة النوم التي كانت ستكون (عش الزوجية)، ومنعوا عائلته من رؤيته أثناء تنفيذ عملية الاعتقال وحتى خلال فترة اعتقاله التي لم تكمل الشهر.
ويؤكد الشقيق أمجد أن "سلطات الاحتلال نقلت أخي نصار الذي يُعتقَل لأول مرة في حياته إلى زنازين معتقل المسكوبية أولاً ثم إلى زنازين الجلمة"، هكذا علموا من محامي نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، دون أن يتمكن المحامون من زيارته، ولم يتمكن أهله كذلك من التواصل معه بأيّ طريقة.




وتابع أمجد: "كان أخي وترتيبه في العائلة الثاني بعدي، بكامل صحته، ولا يعاني من أيّ مشكلة صحية أو مرض، وأعدمته سلطات الاحتلال داخل الزنازين. حسبي الله عليهم، أخذوه من المنزل وأعدموه، ونحتسب أخي فداءً للأقصى أسوة بباقي شهداء الوطن، ونحن لا نعرف التهمة التي يوجهها الاحتلال له".



وفقد الشهيد نصار والده قبل 15 عاماً، وهو يعيش في عائلته الآمنة والمؤلفة من الأم يُسرى، و3 إخوة أمجد ومجدي ومهدي، و3 أخوات سماح وسهى وسُهير. والعائلة المكلومة تطالب بالتحقيق في ظروف استشهاد نجلها، والوقوف على أسباب استشهاده، وتسليم جثمانه الذي ما زال محتجزاً ليتمكنوا من إلقاء نظرة الوداع عليه ومواراته في الثرى.


وقال الناطق الإعلامي باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ثائر شريتح، لـ"العربي الجديد": "ترتكب إسرائيل جرائم قتل الأسرى أمام مرأى من العالم العاجز عن محاسبتها؛ ففي حالة الأسير طقاطقة تم الاعتداء عليه بالضرب المبرح وبطريقة وحشية حتى استشهد، علماً أنه تم تمديد اعتقاله 3 مرات آخرها ثمانية أيام قبل يومين".
وبالنسبة لتسليم جثمان الشهيد نصار طقاطقة، يوضح شريتح أن الطاقم القانوني في الهيئة يعكف على متابعة الأمر، بالإضافة إلى بحث مسألة تشريح الجثمان للوقوف على أسباب الاستشهاد.




ونظمت الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، وهيئة شؤون الأسرى، والقوى والفعاليات الوطنية والشعبية وقفة على دوار المنارة وسط مدينة رام الله، استنكارا لجريمة الاحتلال، ورفع المشاركون صور طقاطقة ولافتات تطالب بوقف سياسة "الموت البطيء" بحق الأسرى، ولافتات أخرى تطالب بالدعم الشعبي للأسرى المضربين عن الطعام.

وطالب مسؤول العلاقات الخارجية في هيئة متابعة شؤون الأسرى والمحررين، عصام بكر، في حديث لـ"العربي الجديد"، بتوفير حماية للأسرى في سجون الاحتلال ضد الانتهاكات التي تمارسها إدارات السجون بحقهم، وإمعانها في سياسة الموت البطيء، وضرورة إيفاد لجان تحقيق دولية للوقوف على ما يجري في سجون الاحتلال.




بدوره، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدري أبو بكر، لـ"العربي الجديد"، أثناء مشاركته بالوقفة، إن "طقاطقة معتقل منذ أقل من شهر، ونقل إلى المستشفى ليدعي الاحتلال أنه استشهد نتيجة جلطة، لكن الهيئة طالبت بضرورة تشريح جثمانه، وتمت الموافقة على الطلب حيث سيتم التشريح بوجود طبيب فلسطيني، ومحام لهيئة الأسرى".

وقال رئيس نادي الأسير، قدورة فارس، في حديث للصحافيين أثناء الاعتصام، إن "كل المعطيات المتوفرة تشير إلى أن طقاطقة قتل عمدا"، مستندا إلى نوع التهم التي وجهت له، ومنع المحامي من لقائه، ومحاولة عقد جلسة محاكمة له دون حضوره، ووجوده في سجن "نيتسان" في الرملة، وهو أمر غير معتاد لمن يتم التحقيق معهم لأن هذا السجن لا يحوي مركز تحقيق.