منطق الأمور

منطق الأمور

05 يونيو 2015
الانتخابات بالنسبة لكثيرين ليست شأناً هاماً (الأناضول)
+ الخط -

يرغب البشر عادة في الأمور الأسهل، يقبلون على الأكثر قرباً ويختارون الأكثر أمناً، هي على الأغلب غريزة، وقد تكون منطقية، لكن هذا لا ينفي مطلقاً أن البشر يفعلون ذلك لأنهم يكرهون الكد والتعب.

في العمل والحب والهوايات، وحتى الطعام والشراب، يبحث الناس عمّا يسهل الوصول إليه أو التعامل معه، البعض يختار مهناً بسيطة ليريح نفسه من عناء العمل، حتى وإن كانت لا تدرّ عليه القدر الكافي من المال أو لا تحقق طموحه، والبعض يكدّون قليلاً حتى يصلون إلى مرحلة ما، ثم يبدأ الركون إلى المساعدين أو تحميلهم الأعباء والاكتفاء بجني الأرباح.

والأغلبية يختارون شريك الحياة الذي يقوم عنهم بالكثير من الأمور التي لا يرغبون في القيام بها بأنفسهم. هي عادة تختار الثري الذي يوفر لها الرفاهية والخدم، وهو عادة يختار الجميلة التي توفر له الدلال والفخر بين الأصدقاء، دون النظر إلى كثير من التفاصيل الأكثر أهمية.

قلما تجد من يهوى القفز بالمظلات، أو التجوّل في الصحاري والغابات، لكن معظم البشر يعشقون مشاهدة كرة القدم، وقليل منهم يمارسها، وعندما يلعبون فإن كثيراً منهم يختار الشطرنج أو البلياردو أو تنس الطاولة، وغيرها من الألعاب المريحة.

حتى في متابعة الأخبار، يكتفي البعض بمصدر أخبار واحد، صحيفة أو موقع أو قناة تلفزيونية واحدة، هو لا يرغب في البحث وتحرّي الحقيقة، البعض لا يهتم بالأخبار على الإطلاق، وهي ربما فكرة جديرة بالاختبار.

الانتخابات بالنسبة لكثيرين ليست شأناً هاماً، إلا إن كان فيها ما يهمهم شخصياً. الناس حول العالم يذهبون إلى صندوق الانتخاب بحثاً عن مزيد من الرعاية الصحية وتقليل الضرائب وزيادة التأمين، إن لم توفر لهم الصناديق تلك الضروريات، كما في العالم العربي، أو بالأحرى العالم الثالث، فإنهم لا يذهبون، إلا إن دفع لهم المرشحون أو أرهبتهم الدولة بالغرامات.

العمل بالسياسة لا يلقى إقبالاً حول العالم، والانشغال بها أمر تكرهه أغلبية البشر. في العالم الثالث يبدو العمل بالسياسة انتحاراً، إلا إن عملت مع النظام الحاكم، أو على الأقل كنت تدور في فلكه. الانشغال بالسياسة أبعد ما يكون عن أذهان معظم الشعوب الفقيرة، هم منشغلون بتحصيل أسباب البقاء أحياء.

من ينشغل بالسياسة في العالم الذي يحكمه الطغاة والمستبدون مصيره على الأغلب مزرٍ، سيكون منبوذاً على أقل تقدير.

يبقى أن قلة من البشر يخالفون تلك العادات الراسخة، هؤلاء تنظر إليهم الأغلبية باعتبارهم ثلة من المارقين أو المجانين. تلك الثلة وحدها تحمل مشاعل التغيير. اللّهمَّ أدمها نعمة واحفظها من الزوال.

اقرأ أيضاً: في وصف الجهل

دلالات

المساهمون