كهوف كورونا في أفريقيا

كهوف كورونا في أفريقيا

28 مايو 2020
وقاية في جنوب أفريقيا (شارون سيريتلو/ Getty)
+ الخط -
يشبِّه البعض حالات البقاء القسري في المنازل استجابة لإجراءات الحجر الصحي بالعودة إلى حياة الكهوف الأولى، والتستر بها اتقاء لمهددات البيئة الطبيعية، مع وجود فارق هنا، إذ إنّك من "كهفك" الحديث هذا يمكنك متابعة ما يجري في الخارج، الأمر الذي قد يسبب لك مزيداً من الذعر، أو يدخلك في دائرة الأمان النفسي.

عندما بدأ من الصين تفشّي وباء سارس، من سلالة فيروسات كورونا في العام 2002، سرى في عدد من الدول الأفريقية ما مفاده أنّ الفيروس لا قبل له بشمس أفريقيا الحارقة. وبسبب السيطرة السريعة على الوباء وقتها، ضاعت المعلومة العلمية، ولم يجد الوباء مكانته في الذاكرة الأفريقية للوبائيات الفتّاكة، حتى ظهر خَلَفُه الحالي "كوفيد 19" وتحول سريعاً إلى جائحة عالمية، فركن البعض هنا في بداية الأمر إلى أنّ هناك حزام أمان أفريقياً، ظهر في عدد من منصات الإعلام، وتعزّز الأمر بإعلان فرنسي عن "احتمال أن يكون الفيروس عاجزاً عن التكاثر والنقل في النظام الأفريقي الحار". وساهم الفقر والجهل وتراكم الوبائيات في جعل الأفارقة، حكاماً ومحكومين، أقل اهتماماً، بالرغم من أنّ الوباء كان يحصد الأرواح حول العالم، وأنّ هناك ظهوراً لإصابات مؤكدة في بعض البلدان الأفريقية.

في الأول من مارس/ آذار الماضي، طُرحت مسألة مناعة أفريقيا ضد الفيروس للتداول، ونوقشت احتمالات الحظ والمناخ وهشاشة الوضع الصحي المؤدي إلى العجز عن الكشف. وقد رجح كثيرون أنّ فشل الأنظمة الصحية في الكشف تسبَّب في قلة الإصابات المعلن عنها. وفي إبريل/ نيسان الماضي، بدأ الحديث عن تباين الاستجابة لدى الحكومات الأفريقية، وقد سجل بعضها استجابات بطيئة، فيما اتسم بعض الاستجابات بالعنف لفرض العزل الصحي إلى حدّ إطلاق الرصاص على المخالفين، كما سنّت بعض الدول قوانين رادعة، ونفذت أخرى إجراءات صارمة من قبيل قطع الإنترنت والخدمات الهاتفية عن بعض المناطق لشهور، كما حدث في إثيوبيا. وبالرغم من أنّ السودان كان من أوائل الدول استجابة (أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي)، فإنّ البعض ظلّ يرى في التصريحات الصادقة للمسؤولين عنفاً لفظياً.



في أواخر مارس الماضي، حذّر بيل غيتس، من الانتشار السريع للوباء في أفريقيا، مع احتمال موت عشرة ملايين أفريقي، في ظلّ ضعف التجهيزات الصحية، ومن ذلك التلوث وعدم كفاية إمدادات المياه الآمنة. وبدوره، شكك الرئيس التنزاني، جون ماغوفولي، في الثالث من مايو/ أيار الجاري، في جودة أجهزة الفحص المستوردة بعد تجربتها.

وهكذا، يعود الإنسان الأفريقي إلى "كهفه" قسراً، غير مدرك ما سيقع له في اليوم التالي.

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون