مي نايف.. رائدة التنمية البشريّة في فلسطين

مي نايف.. رائدة التنمية البشريّة في فلسطين

18 سبتمبر 2016
في غزّة، بدأت التأسيس لحياتها مجدّداً (محمد الحجار)
+ الخط -
أمضت مي ثلاثة وثلاثين عاماً خارج وطنها الأم، فلسطين. في ذلك الوقت، سعت إلى تحصيل ما استطاعت من علم ومعرفة. تنقّلت من بلد إلى آخر. لم تكن تحمل غير وثيقة سفر للاجئين الفلسطينيّين. كانت قد أُجبرت على الرحيل من الكويت إلى العراق مع عائلتها نتيجة قرار سياسي، وعجزت عن متابعة علمها. في وقت لاحق، عادت إلى غزة لمتابعة ما حلمت به على الرغم من الظروف الصعبة، لتُصبح اليوم رائدة في التنمية البشرية في فلسطين، بعد مسيرة دامت 15 عاماً في التحصيل العلمي.

نايف حاصلة على دكتوراه في الأدب والنقد، وهي مدرّبة معتمدة في التنمية البشرية. ولدت في عام 1962 في غزة. لكنّ عائلتها انتقلت بعد عام إلى الكويت بسبب عمل والدها. في الثانوية العامة، حصلت على المرتبة الرابعة عشرة على مستوى الكويت. وفي عام 1980، التحقت بجامعة الكويت الرسمية ودرست اللغة العربية. بعدما تخرّجت، بدأت تدرّس في المرحلة الثانويّة في إحدى مدارس العاصمة الكويتيّة حتى عام 1990.

خلال عملها، بدأت التحضير للدراسات العليا في معهد الباقوري في مصر، وقد اختارت إعداد دراسة حول الشاعر الفلسطيني، سميح القاسم. لكنّ حرب الخليج الثانية في عام 1990 منعتها من إتمامها، وقد سافر أستاذها المشرف على دراستها للعمل في دولة الإمارات العربية، تاركاً لها رسالة: "بعدت المسافة بيننا وفسد الزمان".

بعد انتهاء حرب الخليج، توجهت نايف وعائلتها إلى العراق، بعدما دعا الرئيس الراحل، صدام حسين، الفلسطينيين في الكويت إلى الإقامة في بلاده في ظل أزمة الكويت ومنظمة التحرير الفلسطينية. هناك، لم تتابع دراستها لأنّ ذلك كان مشروطاً بانضمامها إلى حزب التحرير الفلسطيني. رفضت الانتماء السياسي وعملت في مكتبة لبيع القرطاسية على مدى خمسة أعوام، قبل أن تعود إلى غزة وعائلتها في عام 1995.

في غزّة، بدأت التأسيس لحياتها مجدّداً وعملت في مركز صحي، تزامناً مع متابعتها دراسات عليا في اللغة العربية في جامعة الأزهر. هذه المرّة، تناولت شاعر الثورة الفلسطيني، محمد حسيب القاضي، وتحدّثت عن دواوينه التسعة، وأطلقت على بحثها اسم "بنية الخطاب الشعري عند محمد حسيب القاضي"، وحصلت على شهادة الماجستير في عام 2002.

كذلك، عملت في المجلس الوطني الفلسطيني مديرة للإعلام، وتولّت منصب مديرة المكتب في غزة. وفي عام 2005، تقدّمت لدراسة الدكتوراه في معهد البحوث في مصر، واختارت شعر المرأة الفلسطينية منذ عام 1967 وحتى عام 2005، وكانت أوّل باحثة تكتب عن الشاعرات الفلسطينيات. شملت دراستها خمس شاعرات من غزة، وخمساً من الضفّة الغربيّة، وخمساً من الشتات، وخمساً من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.



خلال مسيرتها الأدبيّة، أصدرت كتباً نقدية ثلاثة حول الشعر الفلسطيني، وهي "الخطيئة والتكفير والخلاص في شعر محمد حسيب القاضي"، و"العنف وقضايا نسوية أخرى في شعر المرأة الفلسطينية"، و"الخصائص الفنية في شعر المرأة الفلسطينية"، وقد درّست اللغة العربية في جامعتَي الأزهر والقدس المفتوحة.

كانت التنمية البشرية أهمّ الركائز، التي اعتمدت عليها نايف لتطوير حياتها العملية والعلمية، لافتة إلى أنّ التنمية البشرية هي وسيلة لمساعدة الإنسان والارتقاء به، ومساندته لدخول سوق العمل وتحقيق أهدافه والنجاح. وقد قدّمت أوّل برنامج تنمية بشرية متكامل في فلسطين، حمل اسم "برنامج التنمية البشرية بين التنمية والطاقة" (دبلوم وماجستير ودكتوراه) متضمّناً الطاقة والتنمية والبرمجة اللغوية العصبية والتنمية والطاقة وتقديم الرسالة البحثية.

تبنّى "بوليتكنك المستقبل التطبيقي" في غزة البرنامج كاملاً. في هذا السياق، تقول نايف لـ "العربي الجديد": "كنت قادرة على استغلال برنامجي هذا لتحقيق أرباح مادية. لكنّني أردت أن تستفيد منه كليّة تخرّج الطلاب وفق معايير معيّنة، على ألّا يكون التدريب فيها فردياً". وتوضح أنّه في ما يتعلّق بالتنمية البشرية والطاقة، تركّز على خطوات النجاح بطريقة عملية، وقد عملت على إعداد برنامج للبرمجة اللغوية العصبية على خمسة مستويات، وهي مواد معتمدة حصلت عليها من خبراء هولنديّين. تضيف: "نركّز على تغيّر أنماط الحياة في أسوأ الظروف، وتحديد الهدف والتخطيط والتركيز على الاحتمالات التي تواجه الإنسان في الواقع العربي".

تشير نايف إلى أنّ أبرز معوقات علوم التنمية البشرية، في فلسطين والوطن العربي، تتمثّل في اعتماد العقلية العربية في العلوم الغربية الأجنبية. وفي فلسطين، توفّر وسائل التدريب، التي تمنحها المؤسّسات الدولية والمدعومة، آلية تدريب مجانية، لكنّها تقليدية من جهة أخرى ولا تتمتّع بالجودة المطلوبة.

المساهمون