نقص المراكز يهدد أطفال التوحد في السعودية

نقص المراكز يهدد أطفال التوحد في السعودية

01 يوليو 2015
عدد الحالات أكبر من القدرة على علاجها (العربي الجديد)
+ الخط -



أكثر من 250 مصاباً بالتوحد في السعودية، أي بمعدل يتجاوز المعدل العالمي بنحو 50 في المائة. ويبلغ معدل الإصابة بالتوحد في المملكة ما نسبته مريض واحد لكل 100 شخص، في حين يقدر المعدل في الولايات المتحدة بمريض واحد لكل 150 شخصاً.

ويعاني هؤلاء من نقص حاد في مراكز التأهيل، كما أنّ الكثير من العائلات تجهل طريقة التعامل معهم، ما يضعهم في خانة المتخلفين عقلياً، في حين أنهم يحتاجون تعاملاً وتدريباً خاصين لدمجهم في المجتمع، وتجاوز الحالة المرضية التي يعانون منها. التوحد هو اضطراب في الجهاز العصبي، وهو من أكثر الأمراض شيوعاً، يصيب الجهاز التطوري للطفل، ويظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل.

ويتهم المختصون في المرض وزارة الصحة، بأنها لا تمنح مريض التوحد الاهتمام ولا تتابع علاجه ولا الأدوية التي يتناولها. وتكمن المشكلة الأكبر لهؤلاء المرضى، الذين يحتاجون تعليماً وتدريباً من نوع خاص في النقص الحاد في مراكز العلاج، ما دفع أكثر من 10 آلاف مريض للعلاج في الخارج، خصوصاً في الأردن التي تشهد تطوراً في علاج التوحد مقارنة بالسعودية. كما أن المراكز الموجودة في السعودية باهظة التكاليف، إذ تبلغ تكلفة علاج الحالة أكثر من 120 ألف ريال سنوياً، كما أن عدد الحالات التي تقبل في المراكز قليل جداً، ولا تكفي 20 في المائة من مرضى التوحد في البلاد.


وتؤكد مديرة جمعية التوحد الخيرية، سميرة الفيصل، أنه لا يوجد في السعودية سوى خمسة مراكز مؤهلة بشكل جيد لعلاج وتأهيل أطفال التوحد ودراستهم، كما أن عدداً متواضعاً من المراكز الصغيرة غير المتخصصة تهتم بالتربية الفكرية أكثر من التوحد وفرط الحركة. وتقول: "لا تقدم أغلبية المراكز العلاج الكافي، الذي لا يتجاوز التأهيل والتدريب لأكثر من خمس ساعات يومياً، وهو يتوقف في الإجازات، ما يعني أن كل ما يتعلمه الطفل يضيع بلا أية فائدة".

من جهته، يكشف ماجد العميري، وهو أب طفل مصاب بالتوحد، أنه بعد تشخيص مرض ابنه في سن الرابعة حاول البحث عن مركز تأهيل، لكنه فوجئ أن أقرب موعد تحصل عليه كان بعد خمس سنوات، ويقول لـ "العربي الجديد" "عندما يصبح سن ابني تسع سنوات سيقبلون به، ولكن في هذه الحالة سيكون الوقت قد فات على فعل أي شيء".

 نقص المراكز، وارتفاع تكلفتها الجنوني، ليست المشكلة الوحيدة التي يعاني منها مرضى التوحد، فمع أن المرض منتشر بكثافة في السعودية، إلا أن هناك نقصاً كبيراً في فهمه، ولا يتم التعامل معه على أنه مرض له علاج وتأهيل خاص، ما دفع استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين في كلية الطب في جامعة الملك خالد في أبها، الدكتور موسى آل زعله، إلى أن يطالب آباء الأطفال المصابين بالتوحد بضرورة فهم حالة أطفالهم بشكل جيد، حتى يتسنى لهم التواصل معهم.


ويضيف "كل طفل يعاني من التوحد يشكل حالة فردية خاصة، وعلى ذلك ينبغى على أسر أطفال التوحد مراعاة نقاط، من أهمها تحديد الأشياء التي يفضلها الطفل، والسلوكيات التي يجب أن يسلكها، وتجديد الأمور التي تضايقه والتعرف على النظام الروتيني الذي يحبه".

كما يشدد على أنّه "من الضروري أن يتجنّب الوالدان المواقف التي تثير غضب الطفل والعمل على التقرب إليه، بعلاقة جسدية بالملامسة والكلمات الرقيقة، لأن النجاح في التقرب إليه بهذه العلاقة مفتاح تعديل سلوك هذا الطفل وتجنب التغيرات المفاجئة سواء في المكان أو السلوك، ومحاولة الحفاظ على استقراره".

ويشدد الدكتور آل زعله على عدم استعجال النتائج، باعتبار أنّ "الطفل المصاب بالتوحد يحتاج إلى صبر طويل، لأن نموه بطيء عن أقرانه"، مشدداً، أيضاً، على أهمية تقليل أوقات جلوس المصاب بالتوحد أمام التلفزيون، وتقليل استخدامه الأجهزة الإلكترونية لأقصى درجة ممكنة، لكي يكون دمجه مع بقية الأطفال أسهل، سواء بين أقاربه أو في إحدى رياض الأطفال بهدف تحسين لغته ومهاراته الاجتماعية، وليس بهدف التعليم الأكاديمي.

إلى ذلك، يؤكد الأخصائي في التوحد، الدكتور أحمد الحواس، أن أهم أسباب انتشار مرض التوحد في السعودية هو انتشار أمراض فقر الدم الشديد لدى الأم الحامل أو تعرضها لنقص في الأكسجين أثناء الولادة، كما أن التوحد قد يصيب الطفل بسبب خلل في النواقل العصبية وإفراز بعض الهرمونات في الجهاز العصبي المركزي، لافتاً إلى أنه يمكن تمييز أطفال التوحد من خلال قصور يظهر لديهم قبل بلوغهم سن ثلاث سنوات، كأن يكون لدى الطفل قصور في التواصل مع محيطه الاجتماعي، وقصور في مقدرته على التخيل، وقصور في العلاقات الاجتماعية والقدرة على تكوينها.

اقرأ أيضاً: المتوحّد يحتاج إلى الإصغاء وليس العلاج

المساهمون