أمراض تفتك بحجّة اليمنية

أمراض تفتك بحجّة اليمنية

22 ديسمبر 2018
تمسك يد طفلها الذي يعاني سوء التغذية (محمد حمود/Getty)
+ الخط -


لا تقتصر مأساة اليمنيّين في محافظة حجة الواقعة شمال غرب اليمن على المجاعة والمواجهات المسلّحة، إذ تكثر الأمراض في هذه المحافظة. وتنتشر أمراض الكوليرا والدفتيريا والملاريا والحصبة والسل وسوء التغذية والجدري في بعض مديريات المحافظة من جراء تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية. في هذا الإطار، يقول المواطن عبد الخالق الأسلمي إنّ سوء التغذية والكوليرا والجدري فاقمت من معاناة سكان مديريته وتسببت في وفاة عدد من الأطفال وإصابة العشرات. يضيف أن غياب دور المنظمات الإنسانية والإغاثية، وتدهور الأوضاع الصحية، أدى إلى زيادة انتشار الأمراض بين الأطفال والكبار.

ويؤكّد الأسلمي أنّ أمراضاً غير مألوفة تنتشر بين المواطنين، "لم نعرف أو نسمع عنها من قبل، حتى أنّ بعض العاملين في المجال الصحي لا يستطيعون تحديد الأمراض، ويطلبون منا الذهاب إلى المستشفيات الكبيرة، وهذا أمر صعب بالنسبة لغالبية السكان الذين بالكاد يستطيعون توفير الطعام". ويشير إلى أن الوصول إلى المستشفيات الكبيرة لإجراء التحاليل يتطلب المال، ما يجبر المريض على تحمل المعاناة وربما الموت من دون أن يلتفت إليه أحد.

خالد الشراقي هو أحد الذين أُصيبوا بالكوليرا مؤخّراً. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تهدف إلى محاصرة المرض من قبل المنظّمات الدولية، إلا أن أعداد المصابين ترتفع. يقول لـ "العربي الجديد": "أصبت بالمرض وبعض أفراد أسرتي، لكنّنا نقلنا إلى المستشفى سريعاً، وخضعنا للعلاج وتماثلنا للشفاء. هذا ما حدث مع أربعة من جيراننا، وكاد أحدهم أن يموت لولا رعاية الله"، مشيراً إلى أن المياه الملوثة هي سبب انتشار المرض في مدينة حجة.



وفي السياق، يقول مدير الرعاية الصحية في مكتب الصحة في محافظة حجة، وليد شمسان، إنّ مديرية أسلم وتلك القريبة منها تعدّ من المديريات الأشد فقراً على مستوى المحافظة واليمن بشكل عام، من جراء ارتفاع نسبة الأمية والفقر، إضافة إلى قلّة الوعي الصحي، ما ساعد على انتشار الأمراض. يضيف لـ "العربي الجديد" أن بعض الأمراض انتشرت بين المواطنين، منها سوء التغذية والكوليرا والملاريا والسل والتهابات الجهاز التنفسي والطفيليات، مؤكّداً أنّ عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا في مديرية أسلم وحدها بلغ منذ يناير/ كانون الثاني الماضي وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، 109 حالات، وقد توفي شخصان. كما أصيب أربعة أشخاص بالدفتيريا وتوفي أحدهم، إضافة إلى إصابة 12 شخصاً بمرض الحصبة. ويشير إلى أن عدد الحالات التي تعاني من سوء التغذية الحاد الوخيم بلغ 2118 حالة، وقد عولجت 1255 حالة حتى تماثلت للشفاء بمعدل 94.2 في المائة، في وقت توفيت حالتان. يضيف أن إجمالي عدد الحالات المتخلفة عن متابعة العلاج بلغ 43 حالة بمعدل 3.2 في المائة.

وعن حالات سوء التغذية الحاد المتوسط، يقول شمسان إنّ إجمالي الحالات المكتشفة بلغ 2649، وعولجت 2282 حالة حتى تماثلت للشفاء بمعدل 94.1 في المائة. أما إجمالي عدد الوفيات التي رصدت من خلال وحدات العلاج فلم يتجاوز الإثنين، بمعدل 0.1 في المائة.

أما عدد الحالات التي تعاني من مضاعفات وقد أحيلت لتلقي العلاج فثمان، بمعدل 0.3 في المائة، في حين بلغ عدد المتخلفين عن متابعة العلاج 131 حالة بمعدل 5.4 في المائة، وعدد الحالات التي لم تستجب للعلاج بلغ 9 بمعدل 0.4 في المائة. ويشير إلى أن زيادة نسبة الأمراض ناتجة من عجز كبير في مخزون الدواء، مطالباً المنظمات الدولية بالقيام بدورها لتعزيز الخدمات العلاجية والوقائية على مستوى المرافق الصحية، ودعم أنشطة الأمن الغذائي، وتوفير سبل العيش، وتعزيز خدمات المياه والصرف الصحي، ودعم نظام الإحالة للحالات الحرجة.



إلى ذلك، يقول مدير مكتب الصحّة في محافظة حجة إبراهيم الأشول، إن القطاع الصحي في المحافظة يفتقر إلى الكثير من الاحتياجات الضرورية للقيام بدوره في مكافحة الأمراض التي تنتشر في عدد من المديريات بشكل كبير. ويؤكّد لـ "العربي الجديد" أن الوضع الصحي في المحافظة يحتاج إلى تدخل سريع من قبل وزارة الصحة، "لضمان استمرار تقديم خدمات علاجية تساهم في الحد من انتشار الأمراض". ويلفت إلى أن سوء التغذية والكوليرا والدفتيريا والحصبة والملاريا أمراض تنتشر في مديرية أسلم وخيران المحرق وعبس، وقد عزلت مديرية كحلان. كما انتشر المرض الفيروسي جدري الماء في قرية البداح في عزل أسلم الوسط.

ويشير الأشول إلى أن محافظة حجة هي من أكثر المحافظات تضرراً من الحرب في اليمن، ما أثر على مستوى الخدمات الصحية المقدمة للسكان. وتبيّن تقارير أن أكثر من نصف المرافق الصحية في البلاد متوقفة عن العمل بكامل طاقتها، عدا عن عجز السلطات عن تسليم رواتب الموظفين في القطاع الصحي. كما تشير إلى أن نحو 16.4 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى المساعدة لضمان حصولهم على الرعاية الصحية الكافية، من بينهم 9.3 ملايين شخص في حاجة ماسة. وتوضح التقارير أن الحصول على الحد الأدنى من الرعاية الصحية أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأشخاص المعرضة حياتهم للخطر بسبب الأمراض أو الإصابات من جراء الحرب.