مرابطات الأقصى... حاضرات لتلبية النداء ضد قوات الاحتلال

مرابطات الأقصى... حاضرات لتلبية النداء ضد قوات الاحتلال

28 يوليو 2017
لا للبوابات.. لا للكاميرات (أحمد غرابلي/ فرانس برس)
+ الخط -

يلبّين نداء الأقصى كلّما دعت الحاجة. هنّ "مرابطات الأقصى" المتأهبات للدفاع عنه. وفي الأيام الأخيرة انتشرنَ عند أبواب المسجد ليلبّينَ النداء من جديد.

ضُربنَ واعتُقلنَ وأُبعِدنَ عن الأقصى، غير أنّ ذلك لم يردعهنَّ عن المرابطة عند أبوابه ليسجّلنَ موقفاً مع مواطنيهنّ، ويقلنَ "لا للبوابات ولا للكاميرات" و"لا عودة إلى الأقصى إلا بنصر مؤزر يعيد له طهره من نجس المحتل".

خديجة خويص من "مرابطات الأقصى"، وهي أمّ لخمسة أطفال - صفاء أكبرهم وفاطمة أصغرهم - ترابط منذ سنوات في المسجد الأقصى وعند أبوابه، وتقول من باب الأسباط: "نحن نساء ندافع عن الأقصى ونسجّل حضوراً فيه خلال اقتحامات المستوطنين من ضمن حلقات تعليمية على مصاطبه. وقد عمل الاحتلال الإسرائيلي على قمعنا بكل الأساليب والوسائل إمّا من خلال الاعتقال أو الإبعاد". وخويص من المرابطات اللواتي اعتُقلنَ لأكثر من تسع مرات، وقد باتت ثلاث مرات منها في سجون الاحتلال. أمّا مجموع أيام إبعادها عن الأقصى فيزيد عن 600 يوم خلال ثلاثة أعوام. وهي أُبعِدت عن البلدة القديمة والضفة الغربية فيما قطع الاحتلال التأمين الوطني عنها وعن أفراد عائلتها.

تشير خويص إلى أنّ "الاحتلال بدأ تدريجياً باعتقال النساء عند خروجهنّ من المسجد الأقصى وتسليمهنّ قرارات الإبعاد عنه وعن أروقته وعن البلدة القديمة. وكانت البداية مع 15 يوماً لتصل مدّة الإبعاد إلى ستّة أشهر". وتوضح أنّه "من خلال وجودنا في المكان منذ ساعات الصباح الباكر، تمكنّا من تشكيل درع واقية للدفاع عن المسجد الأقصى من المستوطنين المقتحمين باب المغاربة، الذي استولى الاحتلال على مفاتيحه عند احتلال القدس في عام 1967".

وتشدّد خويص على أنّ "الدفاع عن المسجد الأقصى هو واجب لا يحتكره المرابطون والمرابطات، بل هو واجب على كلّ من يستطيع الوصول إليه للوقوف درعاً واقياً حامياً، وإن سالت منه الدماء". وتتحدّث عن تجربتها الأصعب في الاعتقال عندما جرى استدعاؤها في العام الماضي للتحقيق معها وجرى تمديد اعتقالها لمدّة أسبوعين متتاليين، داهم الاحتلال خلالهما منزلها وحطّم أثاثه واعتقل زوجها وأبعده إلى الضفة الغربية. كذلك استدعيت إحدى بناتها للتحقيق معها.

وتخبر خويص كيف "تعمدت قوات الاحتلال الضرب والسحل والدفع بواسطة الهراوات وتفريقنا ومطاردتنا في البلدة القديمة. وقد ألقت في اتجاهنا قنابل صوتية وقنابل غاز وأطلقت رصاصاً مطاطياً. لكنّ ذلك لم يثننا اليوم عن معاودة المرابطة عند أبواب المسجد الأقصى". تضيف: "دورنا هو حثّ الناس على المرابطة والدفاع عن الأقصى إلى حين عودته إلى ما كان عليه قبل 14 يوليو/ تموز الجاري. كذلك نحرص على توعية الناس حول الدخول من باب حطة، وهو أحد أبواب المسجد وشرايينه. فإذا تساهلنا في إغلاقه اليوم، قد يستمرّ ذلك لفترة طويلة".




هنادي الحلواني من المرابطات، وهي أمّ لخمسة أطفال أيضاً، تقول: "أُبعدت لمرّات واسمي اليوم مدرج على القائمة السوداء للممنوعين من دخول الأقصى حتى إشعار آخر. وقد تسلّمت عشرة قرارات إبعاد إمّا عن الأقصى وإمّا عن البلدة القديمة". تضيف أنّ النساء المرابطات عند أبواب الأقصى جئنَ من القدس وضواحيها ومن الداخل الفلسطيني من شماله إلى جنوبه، وقد رابطنَ ووقفنَ واعتصمنَ واعتكفنَ رافضات الخضوع لسياسة الاحتلال الإسرائيلي". تضيف أنّ "الدفاع عن المسجد الأقصى يدفعنا إلى المرابطة عند أبوابه، فهو أمانة في أعناق المسلمين والمسلمات. نحن خطّ الدفاع الأول عنه، وقد اصطفانا الله من أهل بيت المقدس، لذلك توجّب علينا الدفاع عنه وحمايته ممّا يتعرّض له من محاولات تهويد".

وتشدّد الحلواني على أنّ "نساء الأقصى ورجاله علّموا العالم أجمع دروساً في الثبات والصمود والتكافل الاجتماعي والإرادة، إذ إنّ إرادة المقدسيّين أخضعت الاحتلال الصهيوني الذي يُقال إنّه الجيش الذي لا يُقهَر، من دون أن يخضعوا هم إلى قراراته المتعلقة بالبوابات الإلكترونية والكاميرات. فالمقدسيون قالوا بعزيمة واحدة: لا للبوابات ولا للكاميرات". وتشير إلى أنّه "من خلال مظاهر المرابطة المتعددة، شكّلنا خط دفاع عن المسجد الأقصى. فلجأنا إلى الصلاة وإلى دروس العلم وإلى الحضور اليومي إلى الأقصى منذ ساعات الصباح الباكر، لنقول لمقتحميه: نحن أصحاب المكان ولنا حقّ فيه".

وتخبر الحلواني كيف "ضُرِبتُ كالرجال وتعرّضت للإهانة والشتائم بألفاظ نابية. فاستخبارات الاحتلال طاردتني من باب المجلس إلى شوارع القدس، وراحوا يعتدون عليّ أمام طفلي الصغير حمزة. وهو راح يبكي لعدم تمكّنه من فعل أيّ شيء". وتوضح الحلواني أنّ "سلاحنا الوحيد في الأقصى هو التكبير وإعلاء كلمة الله وكتابه عند اقتحامه من قبل المستوطنين. فنحن لا نملك القوة المادية بل قوة الإيمان بأحقيتنا بالأقصى". وتؤكد الحلواني أنّ "الاحتلال تعامل مع المرابطات مثلما يفعل مع الرجال. فقد زجّنا في سجونه وطاردنا وضربنا وسحلنا ونزع الحجاب عن رؤوسنا أمام الجميع. وكلّ ذلك لأنّنا أقلقنا الاحتلال بصمودنا وثباتنا على الحق وحبّنا للأقصى". تتابع: "نحن نعدّ أنفسنا لسان الأقصى ورسالته أينما حللنا، ونحن صورته". فالحلواني تعمل على نشر رسالة الأقصى من خلال حسابها الشخصي على موقع "فيسبوك"، من خلال أخبار المسجد وناسه وما يدور في ساحاته وعند أبوابه.

في السياق، يقول راسم عبيدات أنّ "النساء المقدسيات والفلسطينيات قدّمنَ منذ القدم تضحيات كثيرة وكنّ في السنوات الأخيرة خطّ الدفاع الأول عن المسجد الأقصى، وأعقن المشاريع التهويدية في الأقصى". يضيف أنّ "الاحتلال عامل المرابطات في المسجد الأقصى وعند أبوابه كالرجال، إذ اعتدى عليهنّ بالضرب والسحل. كذلك اقتحم منازلهنّ وعمد إلى استدعائهنّ للتحقيق من ضمن إجراءات أخرى بهدف ثنيهنّ عن المرابطة هناك".

ويؤكّد عبيدات أنّ "نساء الأقصى مثّلنَ أحد أهم أسباب اندلاع هبّة القدس الأخيرة. وقد سقط شهداء كثر من غيرتهم على ما حدث مع المرابطات عند أبواب المسجد الأقصى". ويتابع أنّ "دور المرابطات في الدفاع عن المسجد الأقصى واضح جداً. فهنّ حضرنَ ورابطنَ عند أبوابه واعتُقلنَ. هنّ أدّين دوراً مهماً في الثبات والصمود جنباً إلى جنب مع مواطنيهم من الرجال".

عبادة وليست تنظيماً

يثق كثيرون بأنّ المسجد الأقصى علّم ناسه كيفيّة التكاتف والتكامل واعتماد الكلمة الواحدة، فيما راح يدفعهم في اتجاه العمل الجاد والجهد، وهو يلهم كلّ طفل وشاب وامرأة ورجل. أمّا المرابَطة فتأتي كعبادة، وهي ليست مثلما يراها الاحتلال تنظيماً أو مشروعاً أو مؤسسة. لذا لا يمكن حظرها مثلما تُحظر مؤسسة أو شركة معيّنة.