القدس تستقبل العيد... ركود وفقر وأسواق تشكو ضعف مرتاديها

القدس تستقبل العيد... ركود وفقر وأسواق تشكو ضعف مرتاديها

12 سبتمبر 2016
زيارة المسجد الأقصى تختصر فرحة العيد(أحمد غربلي- فرانس برس)
+ الخط -



على غير عادته، لم يفتح أحمد العجلوني، وهو تاجر مقدسي في شارع الواد بالبلدة القديمة أبواب محله حتى ساعة متأخرة من الليل كما كان يفعل ذلك أيام العيد.

إذ كانت أسواق القدس تزدحم بالمتسوقين الوافدين إليها من الضواحي القريبة والبعيدة، وحتى من محافظات الوطن المختلفة قبل أن يغلق جدار الفصل العنصري على المدينة وأهلها ويحرمها من مصدر رزق رئيس.

الحال كذلك بالنسبة لعمران النتشة، وهو صاحب محل لبيع الألبسة في سوق خان الزيت، وكلاهما يشكوان سوء الحال الاقتصادي، والركود التجاري الذي يضرب أسواق البلدة القديمة بقوة، ويعصف بأرزاق أصحاب المحلات الذين انتظروا المتسوقين ولم يأتوا كما كان منتظرا ومتوقعا. في حين ذهبت أعداد كبيرة منهم للتسوق في أسواق القدس العربية، وفي المجمعات التجارية الإسرائيلية الكبرى هناك، ليحصلوا على أسعار منافسة، كما يقول العجلوني، ويؤيده في ذلك النتشة.

ويشير العجلوني إلى "ما يتعرض له تجار البلدة القديمة في القدس من حملات دهم ضريبية يومية، وغرامات مالية عالية تصل إلى ألف شيكل، بادعاء مخالفتهم قوانين البلدية التي تحظر عرض البضائع أمام المحلات".

مع ذلك، تزدحم محلات بيع الحلويات ومعمول العيد المقدسي بالمشترين، وتقف طوابير منهم أمام محلات جعفر، أشهر محل كنافة في سوق خان الزيت، وكذلك أمام محلات أبو صبيح في شارع الواد لتتزود باحتياجاتها من حلويات العيد. لكن حجم المبيعات أقل من المعتاد، كما يقول عبد أبو صبيح، صاحب المحل في شارع الواد، وهو أمر حدث في عيد الفطر.


ويتابع: "المواطن قلص مشترياته من الحلويات بسبب ارتفاع الأسعار، وضعف المداخيل، وزيادة معدلات الفقر والبطالة. بينما اختار ميسورو الحال صناعة الحلويات في بيوتهم، لأنهم أيضاً لا يستطيعون تحمل الأسعار المرتفعة".

بالنسبة للمواطن المقدسي نبيه الباسطي، فقد كان انشغاله وتفكيره أكثر في مسكنه، إذ اضطر قبل أيام فقط من العيد من هدم طابق ثالث إضافه على منزله القائم أصلا لحل أزمة سكن خانقة تعانيها أسرته. نفذ الهدم تحت طائلة الحبس والغرامة المالية العالية. فعيد الأضحى هذا العام بالنسبة للباسطي يعني المزيد من التضحية والصمود، حسب قوله. وأضاف:"سنحيي العيد بالأقصى وبالصلاة فيه.. وبقاؤنا في بيوتنا هنا صمود ما بعده صمود".

مقابل ذلك، تنشط مجموعات شبابية في البلدة القديمة وضواحيها، بالتعاون مع لجان الزكاة، ولدى مواطنين عاديين في توزيع لحوم الأضاحي في اليوم الأول من العيد. يقول سامر العباسي وهو أحد الناشطين في المجموعة: "جمعنا قوائم بأسماء أكثر من 70 عائلة مستورة لنوزع عليها لحوم الأضاحي ومساعدات مادية لمن هم الأكثر فقرا، وكذلك توزيع ملابس العيد على أسر كثيرة الأولاد، ونحرص أن تصلهم المساعدات في وقتها المناسب".

عشية العيد تحظى بعض عائلات الشهداء باهتمام من قبل فاعلي الخير ومن الناشطين، حيث تتوزع خارطة الشهداء على البلدة القديمة وأحيائها، وفي مخيم شعفاط. لكن كما يقول ثائر الفسفوس الناطق الاعلامي باسم حركة فتح في مخيم شعفاط: "أهالي الشهداء بحاجة إلى ما هو أكثر من المساعدة المالية. هم بحاجة لدعم معنوي ولتضامن ومؤازرة، وأعددنا برنامجا حافلا بهذا الشأن، لن نترك بيت شهيد إلا وسنكون مع أسرته وأطفاله".

في مخيم شعفاط، عيد الأضحى هذه المرة مختلف تماما بالنسبة لعائلة الشهيد مصطفى نمر الذي ارتقى قبل نحو عشرة أيام، ولا زالت تنتظر تسلم جثمانه، فيما الاحتلال يماطل في التسليم، ويتلاعب في أعصاب والديه. ويقول طلال نمر، والد الشهيد:" شو طعم العيد ومصطفى بعيد عن أمه وإخوته، بعيد عن البيت". أما والدة نمر، التي اتشحت بالسواد فاكتفت بالترحم على روح نجلها، والدعاء له والترضي عليه. وحزمت أمتعتها والعائلة لتحيي العيد في حي حطة بالبلدة القديمة مع أبناء جلدتها، قريبا من المسجد الأقصى".