أطفال غزّة المرضى مهدّدون

أطفال غزّة المرضى مهدّدون

26 سبتمبر 2015
هل يتمكّن من متابعة علاجه؟ (فرانس برس)
+ الخط -

لم تَسلم مستشفيات غزّة الحكومية أو الخاصة من نقص المعدات الطبية والأدوية، طوال سنوات الحصار الثماني. ومذ ذلك الوقت، كلّ ثلاثة أشهر تقريباً، تبدأ وزارة الصحة بتوجيه نداءات استغاثة إلى الخارج لإنقاذ آلاف المرضى. لكن هذه المرّة، دقّ المعنيون ناقوس الخطر، إذ إن الأطفال المرضى، خصوصاً الذين يعانون من الفشل الكلوي، مهددون.

في بداية هذا الأسبوع، حذّر "مستشفى النصر للأطفال" من توقّف خدمات غسيل الكلى، بعد نقص كبير في أجهزة فلاتر الغسيل وأنابيب نقل الدم. وقد توقّع الأطباء العاملون في المستشفى توقّف الخدمة خلال عشرة أيام، إذ راحت تتقلص أكثر فأكثر سبل العلاج.

الطفل موسى إكي، يبلغ من العمر أربعة أعوام، يخضع عادة لغسيل الكلى يوم الأربعاء من كل أسبوع. لكنه عندما قصد المستشفى الأربعاء الماضي، طلب الأطباء من والده إحضاره كلّ 10 أيام، في انتظار حلّ الأزمة. يقول الوالد محمد إكي لـ"العربي الجديد" إن "ابني في حاجة إلى علاج في الخارج، لأن علاجه يعتمد على أجهزة عديدة، في حين لا تتوفّر في غزّة أي منها. وما يخضع له اليوم هو علاج مؤقت فقط، وهذه الأزمة تشكل خطراً على حياته".

وللتخفيف من قلق الوالد، حاول الأطباء طمأنته بأن العلاج مرّة كل عشرة أيام لن يؤثّر على ابنه، شريطة أن يقلل من تناول السكاكر وغيرها من أطعمة يحبّها الأطفال. لكن باله لم يهدأ، إذ إن استمرار الأزمة يعني توقف المستشفيات عن تقديم العلاج.

ويشير الوالد إلى أن ابن أخيه توفي في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2013 نتيجة الفشل الكلوي، إذ كان يتلقى فقط نسبة 50 في المائة من علاجه المطلوب. وهذا يجعله في حيرة من أمره، خصوصاً أنه منع من مرافقة ابنه إلى الأراضي المحتلة حتى يتابع علاجه هناك، بسبب سياسة الاحتلال التي ترفض عددا من الغزيين بحجج عديدة. من جهة أخرى، فإن إغلاق معبر رفح يمنعه أيضاً من الخروج من القطاع، "وأنا أحاول منذ شهرين السفر إلى مصر وعرضه على طبيب مختص على نفقتي الخاصة".

وتطاول الأزمة أيضاً "مستشفى الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي التخصصي للأطفال" الذي أعلن عن حاجته إلى فلاتر وأنابيب للتمكّن من متابعة عمله اليومي. وقد كان مدير المستشفى مصطفى العيلة قد صرّح بأن "قسم غسيل الكلى في المستشفى قد يتوقف عن تقديم خدماته في مدّة أقصاها أسبوعان، من جرّاء النقص الحاد في فلاتر أجهزة الغسيل الكلوي، وأنابيب نقل الدم".

وقد شدّد العيلة على "خطورة استمرار الأزمة في المستشفيات، خصوصاً أن أوزان الأطفال وأعمارهم مختلفة، بالتالي لا يجوز استخدام فلاتر أو أنابيب نقل الدم ذاتها لجميع الأطفال المرضى. ذلك من شأنه أن يُودي بحياتهم". وأوضح أن دائرة المستشفيات في وزارة الصحة في غزّة كانت قد أجرت اتصالات مع وزارة الصحة في رام الله، مطلع العام الحالي، لتوفير المستلزمات والأجهزة والأنابيب اللازمة لغسيل الكلى، إلا أن الكميات لا تكفي الحالات المرضية التي تتزايد مع الأيام.

اقرأ أيضاً: غزّيون يثورون للكهرباء

الطفل محمود عبدالوهاب، يبلغ من العمر سبعة أعوام، وهو يتلقى علاجه في مستشفى الرنتيسي منذ عام، لكنه يتأثر منذ نحو شهر من أزمة انقطاع التيار الكهربائي، ولم يتلقّ علاجه مرّتين.
في هذا السياق، يوضح طبيب الأطفال، مؤمن أبو دقة، لـ"العربي الجديد" أن "60 في المائة من الوفيات التي تسجّل في كل شهر تعود إلى نقص في العلاج من جهة، وإلى عدم تلقيه في ميعاده من جهة أخرى". ويشير إلى أن "المنح التي تتلقاها وزارة الصحة كل شهر لا تكفي لتغطية حاجة ثلث الحالات المرضية في مستشفيَي النصر والرنتيسي الوحيدين في قطاع غزة". يضيف أنه تابع عشر حالات فشل كلوي، مطلع العام الجاري، منها 7 حالات تفاقم وضعها بسبب نقص الأجهزة. ومن هؤلاء المرضى من لا يستطيع التوجّه إلى الخارج لتلقي العلاج، وهم الآن في مرحلة حرجة".

تجدر الإشارة إلى أن 26 طفلاً مريضاً دون الرابعة عشرة من عمرهم يعالجون في قسم الكلى في مستشفى الرنتيسي، وهم في حاجة إلى الغسيل أربع مرات أسبوعياً، في حين تستلزم حالات بعضهم ست مرات أسبوعياً. وقد أوضحت وزارة الصحة أن ما يتوفّر اليوم هو 24 فلتراً لجلسات علاج الأطفال، وهي تكفي لـ24 جلسة غسيل. أما مرضى الفشل الكلوي من البالغين، فهم يحتاجون شهرياً إلى 5560 جلسة غسيل كلوي، تستلزم 2500 فلتر، في حين أن المتوفر حالياً هو 200 فلتر فقط. بالتالي، فإن نقص الفلاتر، بحسب الوزارة، "يعيق تقديم الخدمات لأكثر من 544 مريضاً بالفشل الكلوي، منهم الأطفال الذين يحتاجون إلى 250 جلسة غسيل في الشهر".

اقرأ أيضاً: فرحة مؤجّلة في غزة

المساهمون