المستشفيات في العراق نقاط عبور نحو المقابر

المستشفيات في العراق نقاط عبور نحو المقابر

30 أكتوبر 2016
مؤسسات طبية تفقد دورها العلاجي(حيدر محمد علي- فرانس برس)
+ الخط -
للشهر الثاني على التوالي تعاني المستشفيات العراقية الحكومية من شح الأدوية ومواد التخدير، بعد تحويلها إلى نظام التمويل الذاتي بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالعراق.

ولفظت سيدة في العقد الثالث من عمرها أنفاسها، أمس السبت، بعد إجراء عملية ولادة لها من دون تخدير، ما دفع بزوج الضحية وأقاربها إلى الهجوم على المستشفى وتدمير أثاثها، وضرب بعض العاملين فيها.

ويشبّه عدد من المرضى المستشفيات بمعبر الترانزيت من الحياة صوب المقابر بسبب قلة الأدوية وعدم توفر الخدمات.

ويقول المواطن عبد الجليل حسين لـ"العربي الجديد": "والدي كان يعاني من مرض مزمن، وفي ساعة متأخرة من الليل نقلناه إلى مستشفى حكومي، وأدخل بسرعة إلى ردهة الطوارئ، ولكن الطبيب أبلغنا بعد دقائق أنه توفي. عدم قدرة المستشفى على علاجه، وتحويله إلى غرفة العمليات تطورت حالته وأصيب بنزيف دموي حاد في بطنه وتوفي".

وتابع "نقلنا جثته إلى الطب العدلي ثم إلى المقابر، إذ أصبحت مستشفيات العراق نقطة عبور إلى القبر، والشعب العراقي يعاني كارثة صحية لم نر مثلها في تاريخ العراق القديم والحديث".

من جهته، يقول مواطن آخر من العاصمة بغداد، يدعى محمد عبد العزيز لـ"العربي الجديد": "والدي تعرض لوعكة صحية مفاجئة، وبعد مرور ساعات على نقله إلى المستشفى كنا نبحث خلالها عن طبيب يعالجه، توفي، ونقل إلى الطب العدلي ومنها إلى المقبرة"، مضيفاً "المستشفيات العراقية باتت محطة ترانزيت من الحياة إلى المقابر".

وحذر نواب وعاملون في عدد من المستشفيات من خطورة الموقف، وضرورة توفير المواد المخدرة اللازمة للعمليات الجراحية، بعد تقليص وزارة الصحة الكميات المجهزة للدوائر الصحية بسبب التقشف المالي.

وحذر النائب عزيز العكيلي من توقف العمليات الجراحية في عدد من المحافظات، ومنها ذي قار، بسبب شح مواد التخدير، داعياً وزارة الصحة إلى توفير المستلزمات الخاصة بالتخدير في مستشفيات ذي قار وغيرها.

من جهته، أكد أحد الاطباء العاملين في المستشفيات الحكومية سلمان العكيلي لـ"العربي الجديد" إن" هناك نقصا حقيقيا في أدوية التخدير، ونعاني عند إجراء العمليات الكبرى والصغرى، لأن وزارة الصحة قللت كميات هذه المواد، ما يعني أن العمليات ستتوقف حتى تجهيز المستشفيات بالأدوية المخدرة".





وتابع "رغم دفع المرضى تكاليف الطبابة، التي تبلغ نحو 3 آلاف دينار عن كل مريض، لكنها لا تسد الحاجة الفعلية للمستشفيات، لأن بعض الأدوية لا يمكن للدوائر الصحية شراؤها، لأنها من اختصاص وزارة الصحة العراقية التي تتعاقد لشرائها".

وبيّن أن "كثيراً من المرضى يتوجهون نحو المستشفيات الأهلية لعدم توفر العلاجات ومواد التخدير في المستشفيات الحكومية، وعلى الحكومة تدارك هذا الوضع قبل حدوث ما لا يحمد عقباه، لأن خلو المستشفيات من أدوية التخدير يعني توقف العمليات في المستشفيات الحكومية".

وأضاف أن "النقص في أدوية الأمراض المزمنة والأمراض السرطانية يجعل غالبية المرضى يتوجهون إلى الصيدليات التجارية لشرائها بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار الحكومية، إذ يصل سعر بعضها إلى نحو 300 ألف دينار".

وأوضح المريض عمر عبد الله، في مستشفى ابن الأثير الحكومي في بغداد لـ"العربي الجديد" إن "رغم ما ندفعه من أموال في المستشفيات الحكومية، يبقى مستوى الخدمات دون المطلوب، ولو احتاج المريض إلى المبيت ليوم أو يومين يدفع نحو 100 ألف دينار عراقي، وهذه الأسعار تثقل كاهل المواطنين".

وتابع إن "الأزمة المالية كشفت سراق المال العام، لكن الحكومة لم تفلح في استرداد الأموال من هؤلاء، بل تسحب المال من جيوب المواطنين عبر زيادة التعرفة ورفع الضرائب وغيرها".

من ناحيته، أكد محافظ بغداد علي محسن التميمي أنه ناقش مع مدراء الصحة في الكرخ والرصافة أزمة الأدوية في مستشفيات العاصمة الحكومية، مشيرا إلى توقف بعض المؤسسات الصحية عن تقديم خدماتها بسبب عدم وجود أموال كافية لسد النقص الطبي".

وطالب الحكومة الاتحادية بتوفير الأموال اللازمة لدوائر الصحة لضمان استمرار الخدمات للمواطنين".



دلالات

المساهمون