فلسطين والعرب

فلسطين والعرب

18 سبتمبر 2015
هذا الواقع لا يقبله معظم الحكام (فرانس برس)
+ الخط -
يتشدّق العرب يومياً، حكاماً ومحكومين، بأن فلسطين قضيتهم الأولى. لا يمر يوم دون أن تسمع حاكماً من هنا وزعيماً سياسياً من هناك يردد تلك المقولات المحفوظة عن القضية وإسرائيل العدو، والأقصى الأسير والهيكل المزعوم، وتهويد القدس وجدار الفصل.

لكن مواقف معظم العرب تجاه فلسطين وشعبها لا تتجاوز الحناجر، أو تستغل لدغدغة العواطف وتحقيق مكاسب سياسية أو انتخابية، وربما تترجم في أحيان قليلة إلى تبرعات بفتات أموال تنفق ببذخ على اللهو والملذات والنساء والسيارات والرحلات، حتى أن البعض ينفق ما يوازي قيمة تلك التبرعات لترويج أخبار تبرعه.

يستخدم معظم العرب الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ستاراً لإخفاء جبنهم وضعفهم، أو ربما خيانتهم. تنتهك المقدسات الإسلامية والمسيحية، بل والأنفس البشرية، يومياً في فلسطين ولا يتحرك العرب، يكتفي الحكام بالشجب والتنديد، ويكتفي المحكومون بتكرار حقيقة أنهم مقهورون مسروقون لا يملكون شيئاً للمقاومة أو التحرير.

تظل فلسطين تستغيث بالعرب دون مجيب، ويظل الأقصى ينتظر العرب بلا جدوى، لا يتوقف العرب عن الحديث ولا يتحركون. نحو نصف قرن مرت ولم يطلق العرب رصاصة لتحرير فلسطين، رغم أن بعضهم يتحدث عن مقاومة إسرائيل ليل نهار، ويستخدم تلك المقاومة المزعومة لمعايرة الآخرين أو تهديدهم، كما يفعل حزب الله في لبنان، وما أكاذيب النظام السوري عن الممانعة المزعومة إلا مثال واضح، وما حرص النظام المصري على التعاون مع إسرائيل إلا دليل آخر.

بعض العرب للأسف يحرّض العدو على المقاومة الفلسطينية، وبعضهم يتهم المقاومة بالإرهاب تضامناً مع عدوها، وبعضهم يقاطعها ويعتقل عناصرها تودداً للعدو الذي باتت تربطه بمعظم حكام العرب علاقات وثيقة.

سمعنا مراراً أن تحرير فلسطين يمر بدمشق، أو يمر ببغداد أو القاهرة أو الرياض، والواقع المؤكد بعد كل هذه السنوات أن تحرير العواصم العربية من جبن الحكام وتخاذل المحكومين يبدأ من القدس، فبتحرير القدس وإخراج الشوكة الإسرائيلية من خاصرة العرب ينصلح حالهم جميعاً.

لكن هذا الواقع لا يقبله معظم الحكام، بل يحرصون على إنكاره ومحاربته وترويج ما يخالفه، بعضهم لا يهمه القدس ولا الأقصى بقدر ما تهمه مواصلة سرقة مقدّرات شعب يحكمه بالحديد والنار، وبعضهم يحميه من يحمون إسرائيل ويدعم بقاءه على كرسيه من يدعمون بقاءها في فلسطين، ما يعني أنه ليس مخيّراً وإنما تحركه أجندة حماية واحدة.

لا شك أن الربيع العربي كان إنذاراً لهؤلاء، ولذلك تحالفوا جميعاً ضده، وهم يظنون الآن أنهم نجحوا، لكن الحقيقة أن تحت الرماد ناراً ستندلع.

إقرأ أيضاً: البؤس العربي

المساهمون