مع البرازيل

مع البرازيل

26 يونيو 2018
مشجّع برازيلي (فلاديمير أرتيف/ Getty)
+ الخط -
لا يمكنك أن تكون حياديّاً في كأس العالم. هذا "الحدث"، بحسب التصنيف العالمي، يقدّم لك مجموعة من المنتخبات، لتختار الأحب إلى قلبك. وحدك تضع المعايير التي تدفعك إلى اختيار منتخب دون آخر، في حال لم يكن منتخب بلادك قد تأهّل إلى المونديال أصلاً.

معايير؟ ربّما هي كذلك. "برازيلي" منذ الطفولة، وهذا سبب أكثر من كافٍ. تولد في بيت يشجّع منتخب البرازيل، وتتردّد أسماء اللاعبين على مسامعك، ورقصة "السامبا" التي لم تشاهدها بعد... ربّما. تتعاطف مع "أبناء الشارع"، الذين عرفوا الكرة بين الأحياء، والصبية الذين عشقوا لعبة وكبروا معها، حتى أجادوا ملاعبة طابة وليس اللعب فيها فقط. تتحدّث عن فنيّات وتكبر ويبقى هذا الحب المبني على منطق الآخرين أو حبّ الآخرين. مع الوقت، تتعرّف أكثر وأكثر على اللاعبين، والفِرَق التي يلعبون معها، وعدد الأهداف التي حقّقوها وما زالوا، وغيرها.

ينمو الحب أو التعلّق بين لبناني ومنتخب لا تربطه فيه أي علاقة. تنمو لأسبابٍ كرّسها وصدّقها. ويبدأ في استخدام عبارات من قبيل :"برازيلي حتى النخاع". وأولئك الذين يُشجعون المنتخب الألماني، ربّما لديهم أقارب في ألمانيا، أو أنّهم متمسكون بتلك القوّة التي يتمتّع بها اللاعبون، ثمّ يتعرّفون على تاريخ المنتخب الألماني، وأسماء اللاعبين، وقدراتهم، ويشترون الأعلام الألمانية. ربّما يكونون من الطبقة البرجوازية...



آخرون يختارون منتخباتهم لأسباب سياسية، أو بحسب القارة التي يعيشون فيها، أو تضامناً مع الشعوب الفقيرة، أو اللاعبين الأجمل... ولا تنتهي الأسباب. يصرخون من أجلِ منتخبات لا يربطهم معها أي شيء، باستثناء ما ورثوه من طفولتهم وآبائهم ومحيطهم العائلي. جميعهم ينتظرون دخول الطابة إلى الشباك. وسعرُ هذا الحدث كبير، أَغنى كثيرين حول العالم، وغيّر حياة فقراء.

نخترع لعبة أساسها كرة. ثمّ يُصبح فيها لاعبون وقوانين وشركات ومال وجمهور من كل أنحاء العالم. هي اللعبة "الشعبية" الأولى، بمعنى العلاقة التي كوّنتها مع الناس.

والجمهور في حاجة إلى الربح في تفاصيل كثيرة من حياته، بعيداً عن المراحل التي يجد نفسه مجبراً على المرور بها، كالمدرسة ثمّ الجامعة. يحتاج إلى أشياء لا فلسفة فيها، إلى لعبةٍ تُكرّس لديه الشعور بالانتماء، حتى يصير قادراً على خلق عالم متكامل. وفي إمكانننا حبّ بلدٍ ليس بلدنا. يمكننا خلق كلّ الأسباب للحبّ والتعاطف، وصبغ شعرنا بألوان كثيرة. في الغالب، كلّنا نحتاج إلى خلق مشاعر جديدة في نفوسنا، طالما أنّ غالبيّة المشاعر لا تدوم طويلاً.

المساهمون