الكويتيون يفتقدون رمضانهم في زمن كورونا

الكويتيون يفتقدون رمضانهم في زمن كورونا

30 ابريل 2020
تسوّق رمضانيّ محميّ في الكويت (جابر عبد الخالق/ الأناضول)
+ الخط -

حلّ شهر رمضان في الكويت مختلفاً هذا العام، على خلفيّة أزمة كورونا وسط إجراءات حكومية مشدّدة تتمثّل في حظر جزئي للتجوّل وإغلاق المساجد ومنع قيام صلاة التراويح والجمعة بالإضافة إلى إغلاق الأسواق والمطاعم والمقاهي وكلّ المرافق الحكومية. وبدا رمضان مختلفاً في أيّامه الأولى، إذ غاب الحضور عن الدواوين الرجالية والصالونات النسائية التي تكتظ بالزائرين والمهنّئين كما هي العادة في البلاد في بداية الشهر.

وغابت مشاهد صلاة التراويح في مساجد البلاد وأبرزها مسجد الدولة الكبير، كذلك مشاهد الفطور والسحور الجماعيَّين للأقارب والأصدقاء ووجبة "الغبقة" التي تكون عادة بعد صلاة العشاء. وفي الأيام اللاحقة سوف تغيب طقوس أخرى، من قبيل "القرقيعان" منتصف شهر رمضان. وذلك كلّه وسط تراجع حركة شراء التجهيزات الرمضانية، مثل الفوانيس التي تزيّن البيوت، بالإصافة إلى "الدراعات الرمضانية" التي تتزيّن بها النساء في أثناء زيارتهنّ بعضهنّ بعضاً. وكانت الحكومة قد منعت العمل في الأسواق التقليدية المتخصصة في بيع حاجيات شهر رمضان وديكوراته مثل سوق المباركية الشعبي، فسجّلت خسائر فادحة بسبب تكدّس البضاعة التي استوردها التجار خصيصاً لهذا الشهر. كذلك، قبيل حلول هذا الشهر، لم تشهد الأسواق الغذائية ازدحاماً كما في العادة، إذ إنّ الكويتيين بمعظمهم اشتروا حاجياتهم الغذائية عندما أعلنت السلطات قرار الحظر الجزئي للتجوّل في أواخر مارس/ أيار الماضي، علماً أنّ استهلاك العائلات للغذاء سيقلّ هذا العام بسبب غياب دعوات الإفطار أو السحور الجماعية العائلية.

سارة الظفيري وهي أمّ لثلاثة أطفال، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المظاهر الاحتفالية في هذا الشهر تكاد تكون معدومة بسبب ظروف أزمة كورونا. فالأسواق مغلقة ما عدا الجمعيات التعاونية التي تبيع الغذاء. وبسبب حظر التجوّل وعدم خروجنا من المنزل طوال ثلاثة أسابيع، فإنّ الأجواء لم تختلف كثيراً علينا، ونكاد لا نشعر بأنّه شهر رمضان إلا من خلال صيامنا. حتى المسلسلات والبرامج التلفزيونية التي كنّا نتحضّر في كلّ عام لمشاهدتها، باتت غير مهمّة في ظل اهتمامنا بأخبار كورونا. وتشير الطفيري إلى أنّها لن تتمكّن من عقد "الغبقة" السنوية التي تقيمها لعائلتها في كلّ عام، بسبب حظر السلطات التجمعات العائلية وتهديدها بملاحقة كلّ من يقوم بها وباتخاذ الإجراءات القانونية في حقه. بالنسبة إليها، فإنّ "كورونا أفقدنا الإحساس بشهر رمضان تماماً".



وكانت الحكومة الكويتية قد قرّرت تمديد ساعات حظر التجوّل الجزئي في شهر رمضان لتكون من الساعة الرابعة من بعد الظهر وحتى الساعة الثامنة صباحاً، ما يعني قطع الطريق أمام إمكانية تجمّعات عائلية أو فطور أو سحور جماعيَّين في فترات حظر التجوّل، خصوصاً أنّ الطرقات السريعة والفرعية في الكويت مراقَبة على مدار الساعة من قبل الأجهزة الأمنية.

يقول أحمد القطان لـ"العربي الجديد": "هذه المرّة الأولى التي يحلّ فيها رمضان بهذا الشكل، من دون صلاة تراويح ولا زيارات للدواوين ولا إفطارات جماعية ولا دروس دينية"، مضيفاً بحسرة "أشعر كأنّني في غربة". ولا ينوي القطان كسر قرار الحظر ومخالفة التعليمات الحكومية مثل أصدقاء كثيرين له، مشيراً إلى أنّهم "ينوون التجمّع قبل موعد حظر التجوّل والإفطار والسحور ثمّ العودة لبيوتهم في اليوم التالي وذلك في غياب الأعمال".

وحظر التجوّل سيمنع الأطفال والمراهقين الكويتيين من "القرقيعان" في منتصف شهر رمضان، لكنّ العائلات تخطط لقرقيعان رمزي في داخل المنزل، فيما يخطط آخرون لتلك الاحتفالات عبر اتصالات الفيديو عبر الإنترنت. وفي هذا الإطار، تقول مها برجس وهي مالكة لمشروع تغليف وهدايا متخصص في المواسم والأعياد، لـ"العربي الجديد": "سجّلنا انخفاضاً في المبيعات قدره 60 في المائة تقريباً. فنحن مع بداية رمضان نكون قد أنهينا عملنا وبعنا كلّ منتجاتنا، في العادة، لكنّ الأمور اختلفت كثيراً هذه المرّة، فلا أحد ينوي المخاطرة بصحة أبنائه في التجمعات العائلية، ولن يتمكن الأطفال من الخروج إلى الشوارع للقرقيعان".

وعلى صعيد الفعاليات الدينية، ألغت وزارة الأوقاف الكويتية جداول صلوات التراويح والقيام التي أعدّت لها، كذلك ألغت الدروس الدينية التي كانت تقام بعد صلاة العصر وبين ركعات صلاة التراويح وهدّدت كلّ من يحاول كسر الحظر على المساجد ومحاولة الاعتكاف فيها باتخاذ إجراءات قانونية حازمة في حقّه. وكانت وزارة الأوقاف قد بحثت إقامة دروس دينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونقلها إلى المشاهدين، لكنّها عدلت عن هذه الخطوة بسبب ضعف الإمكانيات التقنية والتخوّف من عدم متابعة حقيقية في ظلّ تركيز الناس على أخبار فيروس كورونا دون غيرها من الأخبار والبرامج.



ويقول الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف حامد العازمي لـ"العربي الجديد" إنّ "الأوامر جاءت لجميع الأئمة للتوجّه إلى المساجد ورفع الآذان والعودة إلى المنزل عند الانتهاء، وعدم السماح لأيّ كان بدخول المساجد أو الاعتكاف فيها بمناسبة شهر رمضان، ولا إقامة أيّ درس ديني أو نشاط دعوي، لأنّ الظرف الحالي لا يحتمل أيّ تجمعات"، مضيفاً أنّ "هذا ينطوي على وعي كبير على الصعيد الديني والإنساني من قبل الوزارة".