تونسيون يصابون بالاكتئاب

تونسيون يصابون بالاكتئاب

26 سبتمبر 2019
عودة إلى المدرسة والمسؤوليات (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
خلال هذه الفترة من السنة، قد يعاني بعض التونسيين من القلق والأرق، وعدم الرغبة في ممارسة أي نشاط أو لقاء الأصدقاء، حتى إنهم يرفضون الخروج من البيت أو الذهاب إلى العمل. وفي أحيان أخرى، يذهبون مكرهين، وكثيراً ما يلازمون الفراش مستسلمين للنوم. هذه بعض علامات الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول، والذي عادة ما يظهر مع نهاية فصل الصيف والعطلة وفترة الاستجمام والراحة وبداية فصل الخريف والعودة إلى العمل وغيرها من المسؤوليات.

هاجر (45 عاماً) وهي موظفة في إحدى الوزارات، تؤكّد لـ "العربي الجديد" أنه بعدما قضت فصل الصيف في الاستجمام والراحة، أصيبت باكتئاب نتيجة عودتها إلى العمل، مشيرة إلى أنها تشعر بضيق لا تعرف سببه، علماً أنها لا تعاني من مشاكل أسرية أو مادية. وتوضح أنها تذهب مكرهة إلى العمل، وتتمنى البقاء في البيت، وكثيراً ما لا تردّ على مكالمات أصدقائها.

تقول إنها لا تعرف حقيقة ما أصابها وهذا الشعور الغريب، مبينة أنها تعاني من هذه العوارض خلال الانتقال من الصيف إلى الخريف. وعادة ما تتفاقم حالة الاكتئاب خلال شهر سبتمبر/أيلول، مضيفة أنها اضطرت إلى زيارة طبيب نفسي أخبرها أنها تعاني من الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول.



وتؤكد سامية (35 عاماً)، التي تعمل في معمل للخياطة، أنّ شهر سبتمبر/أيلول هو شهر الكآبة والأرق. تقول إنها تميل إلى الوحدة في هذه الفترة، على الرغم من شغفها بالحياة والأصدقاء. كما زادت شهيتها إلى الطعام ما أدى إلى زيادة وزنها. وتؤكد أنها لم تذهب إلى عملها أو تخرج من بيتها على مدى أسبوعين، وأخبرت مديرتها التي راحت تتصل بها أنها مريضة. حاولت العمل بعد انتهاء إجازتها، لكنها شعرت بتوتر كبير وكره للعمل وكل ما يحيط بها. كما أن ما تقوم به لا يبعث السعادة في نفسها، فسارعت إلى الطبيب الذي طلب لها إجازة.

من جهته، يقول الطبيب النفسي ماهر تريمش لـ "العربي الجديد": "المناخ يؤثر على الأشخاص وطباعهم"، موضحاً أن بعض الأشخاص لا يحبون السحاب ويكتئبون إذا كان الطقس غائماً، لافتاً إلى وجود رابط بين السحاب والاكتئاب لأن الأول يؤثر على المزاج، وإن كان التأثير مرتبطاً بخصوصية كل شخص. يضيف أنّ البيئة التي ينشأ فيها الفرد تؤثر على طباعه. وفي البلدان الباردة أو الحارة، تتكيف طباع الإنسان مع المناخ. كما يوضح تريمش أن الانتقال من فصل إلى آخر يقلق الناس، سواء كان مرتبطاً بالطبيعة أو بأي تغيير آخر. وفي بداية فصل الخريف أو الربيع، تتغير أمزجة وطباع بعض الناس. يضيف أنّ الآليات الدفاعية والحصانة النفسية تختلف من شخص إلى آخر، وتحدّد كيفية تعامله مع التغيرات المناخية والانتقال. وفي العادة، لا تتأثر الشخصية القوية بتغير الفصول. في المقابل، هناك شخصيات أخرى سريعة التأثر وتظهر عليها علامات الاكتئاب.

ويُلاحظ المتحدث أن المشكلة تكمن في أنه لدى الناس صعوبة في تشخيص الأسباب، إذ أن بعضها ينتج عن مشاكل نفسية أو شخصية. بالتالي، لا بد من تشخيص أسباب ومصدر القلق للتعامل معه وعلاجه، مضيفاً أن الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول قد يكون عاملاً إضافياً يزيد نسبة الاكتئاب، لكن قد تكون هناك أسباب أخرى. ويشير إلى أنه في بعض الحالات، يمكن أن يتطور الاكتئاب. بعض الأشخاص في فصل الشتاء يعانون اكتئاباً حاداً قد يؤدي إلى الانتحار.



من جهة أخرى، قد يعاني آخرون من اكتئاب لبعض الوقت فقط في ظل قدرتهم على التأقلم مع التغيرات الحاصلة. بدورها، ترى الطبيبة النفسية يسرى الجملي أن الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول يأتي في مرحلة معينة، تحديداً خلال الانتقال من فصل الصيف إلى الخريف، أي خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول. وتبين أن الأشخاص عادة ما يكونون في فترة راحة. لكن مع العودة إلى العمل والمسؤوليات الحياتية ودراسة الأبناء، قد تظهر مثل هذه العوارض. وتشير إلى أن الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول قد ينتهي بمجرد تغير الطقس. وفي حال لوحظ أن المريض يكتئب باستمرار مع تغير الفصول، فإن حالته قد تستوجب علاجاً وأدوية تعدل المزاج. وتشير إلى أنّ الاكتئاب المرتبط بتغير الفصول لا يعد خطيراً، وعادة ما يتم تجاوزه بسرعة. لكن من بين أعراضه الإحساس بالفشل والرغبة في تناول الطعام والحلويات باستمرار والخمول. وتلفت إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الرجال بحكم الهرمونات، وقد يعاني المراهقون منه أيضاً. تضيف: "عندما يتحول هذا الاكتئاب إلى عائق أمام الشخص، ويمنعه من العمل وممارسة أي نشاط أو استئناف حياته العادية، عليه زيارة الطبيب لمساعدته على تجاوز الأزمة التي يمر بها. لكن إذا كان الاكتئاب عرضياً، فهذا يعني أن الحالة لا تستوجب المتابعة".