قلق حقوقي من تزايد جرائم الإخفاء القسري في مصر

قلق حقوقي من تزايد جرائم الإخفاء القسري في مصر

06 ابريل 2016
عمليات الإخفاء تؤشر على غياب الأمان (Getty)
+ الخط -
أبدت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" قلقها الشديد تجاه التزايد الملحوظ لعمليات الاختفاء القسري التي يتعرض لها المواطنون المصريون وغيرهم من الأجانب في كافة أنحاء مصر، والتي تؤشر على غياب الأمان والقانون.

وأصدرت المنظمة أكثر من تقرير حول تفشي ظاهرة الإخفاء القسري، وطالبت السلطات المصرية بإجلاء مصير جميع المختفين قسريا، ومحاكمتهم محاكمة عادلة تتمتع بمعايير القضاء الدولية.

ورصدت مونيتور 300 حالة اعتقال، بينها 149 حالة تعرضت للاختفاء القسري خلال شهر مارس/آذار 2016، أي أن ما يقارب نصف الذين يتم القبض عليهم يتعرضون للإخفاء القسري، بالإضافة إلى 40 حالة لقيت نفس المصير بعد صدور قرار من النيابة العامة بإخلاء سبيلهم.

ومن بين حالات الاختفاء القسري في هذا الشهر 53 طالبا جامعيا، و10 قاصرين، وامرأة و85 رجلا. وأبرز تلك الحالات، حالة "محمد حسن عبد الحميد علي"، البالغ من العمر 40 عاما (محاسب قانوني)، قامت قوات الأمن في الجيزة، في الأول من مارس/آذار الماضي، بإلقاء القبض عليه من أمام مقر عمله بالهيئة العامة للمصل واللقاح، واقتادته بسيارته إلى منزل زميل آخر له قامت بإلقاء القبض عليه هو الآخر، واقتادتهما إلى مكان مجهول. ولا تزال أسرتاهما لا تعلمان شيئا عنهما، بالرغم من تقديمهما العديد من البلاغات والشكاوى للنائب العام والمحامي العام في الجيزة.

وكشفت المنظمة عن شكوى من زوجة المواطن "محمود صابر حسن (46 عاما)" تفيد بأن قوات الأمن داهمت محلا خاصا به واعتدت عليه بـ"الشوم والطبنجات" بالضرب على رأسه وظهره أمام الجيران، يوم 2 مارس/آذار، ثم اقتادته إلى مكان مجهول.

وحسب رواية زوجته، فإن جميع الأقسام تنكر وجوده لديها، وتخشى الأخيرة أن يحدث معه مثل ما حدث مع اثنين من أقاربه؛ حيث تم اعتقالهما بواسطة قوات الأمن، ثم قامت بتصفيتهما عقب اعتقالهما مباشرة من شقة سكنية في مدينة السادس من أكتوبر.


وبتاريخ 8 مارس/آذار الماضي، قامت قوات الأمن في كفر الشيخ بإلقاء القبض على "محمد علي حسين عسل" (32 عاما)، تاجر ملابس جاهزة من منزله بدون مسوغ قانوني.

وتذكر أسرته أن قوات الأمن قامت بمداهمة المنزل وتكسير محتوياته وإلقاء القبض عليه واقتياده إلى جهة غير معلومة. ورغم تقديم البلاغات للمحامي العام والنائب العام في كفر الشيخ، مازالت جميع الأقسام تنكر وجوده. وتشير أسرة المختفي إلى أنه العائل الوحيد لها.

كما قامت قوات الأمن المصرية بإلقاء القبض على مجموعة من طلاب كلية العلوم في جامعة أزهر أسيوط من سكنهم الجامعي في محافظة أسيوط.

وفي يوم 28 مارس/آذار الماضي، اقتحمت قوات الأمن في الإسكندرية ملعب كرة قدم بمنطقة السيوف، وألقت القبض على 13 شابا أثناء ممارستهم لعبة كرة القدم.

وحسب المنظمة، فإنه منذ بداية عام 2015 تنتهج السلطات المصرية نهجا جديدا؛ فتقوم بتعريض المعتقلين الذين صدر قرار من النيابة العامة بإخلاء سبيلهم للاختفاء القسري مرة أخرى، أو تلفيق تهم جديدة لهم وتجديد حبسهم على ذمة قضايا جديدة.

ووثقت مونيتور، خلال شهر مارس/آذار، 38 حالة اختفاء قسري بعد قرار النيابة بإخلاء سبيلهم، مما يعد مخالفا لقوانين النيابة العامة بحقهم.

وأكدت "هيومن رايتس" أن الاختفاء القسري جريمة مخالفة لكافة القوانين والمواثيق، طبقا لإعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

ورصدت المنظمة أكثر من 1700 حالة اختفاء قسري، منذ يوليو/تموز 2013، منهم العشرات في إطار المفقودين، لا يعلم ذووهم عنهم شيئا منذ أكثر من عامين، ومنهم المئات الذين لم يظهروا إلا وقد اعترفوا بجرائم تحت وطأة التعذيب الذي تبدو آثاره واضحة عليهم، سواء لذويهم أو محاميهم، أو في الفيديوهات التي تنشرها لهم وزارة الداخلية وهم يعترفون بارتكاب تلك الجرائم المزعومة.

وجددت المنظمة مطالبتها للسلطات المصرية بضرورة إنهاء ظاهرة الاختفاء القسري، كما طالبت المجتمع الدولي بإرسال لجان تقصي حقائق، لتوثيق جميع حالات الاختفاء القسري، ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، ومناقشة انتشار هذه الجريمة في مصر لدى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية، باعتبارها جريمة ضد الإنسانية.