سوريّون عالقون على الحدود

سوريّون عالقون على الحدود

09 سبتمبر 2016
في انتظار الفرج (جيف ج. ميتشيل/Getty)
+ الخط -
في 21 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت السلطات الأردنيّة حدودها مع سورية مناطق عسكرية مغلقة، بعد ساعات من الهجوم الإرهابي الذي نفذه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، واستهدف نقطة عسكرية قرب مخيم الركبان الحدودي، الذي يؤوي عشرات آلاف اللاجئين السوريّين.
منذ ذلك التاريخ، تُعرب منظّمات الإغاثة الدولية عن خوفها من انهيار الوضع الإنساني، لا سيما وأن قرار إغلاق الحدود أوقف عمل المنظّمات الدولية في مخيّمي الركبان والحدلات الواقعين على الحدود الشمالية الشرقية، ما حرم نحو 75 ألف لاجئ عالق في منطقة نائية من المساعدات والعلاج.

وفي 4 أغسطس/آب، سمحت السلطات الأردنية بإدخال كميّة محدودة من المساعدات للاجئين، وأعلنت أنها ستكون الأخيرة، في إطار تمسّكها بقرار إغلاق الحدود الذي "لا عودة عنه". ودعت السلطات المنظّمات الدولية إلى البحث عن حلول بديلة لإيصال المساعدات للعالقين بعيداً عن حدودها. وسمحت السلطات الأردنية مرتين بإدخال لاجئين إلى أراضيها. وكانت الأولى حين أدخلت نهاية يوليو/تموز الماضي نحو عشرين جريحاً أصيبوا نتيجة قصف الطيران الروسي قرب الحدود الأردنية، والثانية عندما سمحت منتصف أغسطس/آب الماضي بإدخال طفل يعاني من مرض خطير، بعدما أطلق ناشطون حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان #أدخلوا_طفل_الركبان.

ويقول رئيس بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" في الأردن، لويس إيغويلوث، إن الوضع الإنساني للاجئين قبل إغلاق الحدود كان دون المعايير الدنيا، في ما يتعلّق بالخدمات الإغاثية والطبية المقدمة، بالإضافة إلى وجود مخيمي الركبان والحدلات في منطقة ليست بعيدة عن الحدود، وهي منطقة نزاع مسلح. يصف الوضع بعد إغلاق الحدود بأنه "أسوأ"، في ظلّ انعدام الرعاية الصحيّة للاجئين، واقتصار المساعدات الإغاثية على كميات محدودة من مياه الشرب، وتوزيع الغذاء لمرة واحدة في اليوم.

وقبل إغلاق الحدود، استطاعت المنظمة العمل على مدى 23 يوماً في المخيّمين، وقدمت خلالها 3500 استشارة طبية، من بينها معاينة 450 امرأة حاملاً. وبحسب إحصائياتها، فإن 30 في المائة من الاستشارات الطبية كانت لأطفال يعانون من الإسهال.

ويقول إيغويلوث إنه بعد أكثر من شهرين على الإغلاق، من المؤكد أن الوضع بات أكثر سوءاً وكارثيّاً. ومن خلال مصادرها في المخيّم، تحصي المنظمة إصابة 30 شخصاً باليرقان يومياً، بالإضافة إلى إصابة آخرين بالإسهال وأمراض الجهاز التنفّسي.

رئيس بعثة منظمة "أطباء بلا حدود" في الأردن لويس إيغويلوث


وفي 7 سبتمبر/أيلول الجاري، نشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" صوراً جديدة، وقالت إن الأزمة الإنسانية في مخيم الركبان لم تُحل، بل يبدو أنها تزداد سوءاً، وعلى الأردن السماح للوكالات الإنسانية باستئناف شحنات المساعدات الضرورية لتخفيف معاناة اللاجئين.

وفي وقت تتّجه فيه أنظار العالم والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى الحدود الشمالية الشرقية، حيث مخيما الركبان والحدلات، يشير إيغويلوث إلى نتائج مأساوية، خصوصاً بالنسبة إلى جرحى الحرب، بعد قرار إغلاق الحدود. وقبل هذا القرار، كانت السلطات الأردنية قد حدّدت ثلاث نقاط حدودية على الحدود الشمالية الغربية لإجلاء جرحى الحرب إلى أراضيها والعلاج ضمن مشروع أطباء بلا حدود للجراحة الطارئة، الذي يتّخذ من مستشفى الرمثا الحكومي مقراً له.



ويقول إيغويلوث: "منذ إغلاق الحدود، لم تعد السلطات الأردنية تسمح بدخول الجرحى للعلاج". واستناداً إلى مصادر غير موثوقة كما يصفها، وصل عشرات جرحى الحرب إلى الحدود من دون أن يسمح لهم بالدخول"، باستثناء حالتين منذ إغلاق الحدود.

ومنذ افتتاح المشروع في سبتمبر/أيلول في العام 2013 وحتى أغسطس/ آب الماضي، توثق المنظّمة وصول أكثر من 2427 جريحاً ومصاباً إلى مستشفى الرمثا، أكثر من 20 في المائة منهم أطفال. في الوقت الحالي، لا يوجد في المستشفى التي تستوعب 40 سريراً غير 7 مرضى يتلقون العلاج، كان خمسة منهم قد وصلوا قبل إغلاق الحدود. ووفقاً للإحصائيات، فإن 60 في المائة من الجرحى والمصابين عادوا إلى بلادهم بعد انتهاء علاجهم، فيما اختار آخرون البقاء في الأردن. وينقل البعض إلى المرفق الصحي التابع للمنظمة في مخيم الزعتري للاجئين السورين.

ويشير إيغويلوث إلى أنّه منذ إغلاق الحدود، أبلغتنا مصادر غير موثوقة أنّ 31 جريحاً وصلوا إلى الحدود الأردنية، ولم يسمح لهم بالدخول رغم حاجتهم إلى رعاية صحية. يقول: "على الأقل، كان يمكن أن يحصلوا على فرصة أكبر للنجاة، ويموتوا بكرامة". ويشير إلى سوء الأوضاع في المستشفيات الميدانية في الداخل السوري، وعجزها عن تقديم خدمات طبية لائقة لجرحى الحرب. ويرى أنّ الحلّ الوحيد يتمثّل في أن تعيد السلطات الأردنية النظر في قرار إغلاق الحدود.

المساهمون