بطالة.. فغرق

بطالة.. فغرق

11 مارس 2015
يصرّ البعض على تكرار التجربة (Getty)
+ الخط -
لم يكن يوم أول من أمس عادياً في مخيم عين الحلوة في صيدا (جنوب لبنان). بعد إعلان السلطات الإيطالية عن غرق مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين، تبين أنه كان على متنها ثمانية أشخاص من مخيم عين الحلوة بحسب عدد من المصادر الفلسطينية، تمكنت العائلات من التواصل مع سبعة منهم، وهم: ضياء حمد، أدهم دحابرة، نور دحابرة، خالد محمد، فؤاد موسى، محمود نصر الله، حسام الحاج حسن، وقد وصل جميعهم إلى مدينة ميلانو الإيطالية. أما الثامن، وهو محمود صلاح المحمد، فما زال في عداد المفقودين.

في السياق، يقولُ أحد الناجين من المركب الذي غادر لبنان من خارج المخيم، ويدعى زياد علي، لـ "العربي الجديد": "حصلت على تأشيرة دخول إلى السودان، وغادرت لبنان بطريقة شرعية. ولدى وصولي والآخرين إلى الخرطوم، استقبلنا شخص يعرف بـ "الدكتور"، أمّن لنا الطريق إلى ليبيا عبر الصحراء. يتابع: "أبحرنا من مدينة صبراتة الليبية باتجاه إيطاليا. لكن تعطل المحرك حين أصبحنا في عرض البحر. وتسربت المياه إلى المركب وبدأ بالغرق، قبل أن ينقذنا خفر السواحل الإيطالي بالإضافة إلى باخرة برتغالية".

يضيف علي: "كان على متن المركب مائة وستون شخصاً، منهم فلسطينيون من لبنان وسورية وغزة، بالإضافة إلى سوريين وسودانيين. رأيت عشر جثث، عدا عن المفقودين". يتابع: "نعلم أن السفر بهذه الطريقة غير شرعي، ومحفوف بالمخاطر، لكننا أردنا حماية عائلاتنا. فوضعنا في سورية ولبنان صعب جداً، ونحاول الوصول إلى بر الأمان من أجل عائلاتنا وأولادنا".
أما عن كلفة الرحلة، فيوضح أنها "تختلف من شخص إلى آخر، لكن المعدل هو 4200 دولار". يضيف أن "السماسرة لم يعلنوا عن أسمائهم الحقيقية. أبو رشيد أمّن لنا تأشيرات السفر، واستقبلنا أبو عبدو في السودان".

من جهته، يقول حسام كردية (من مخيم عين الحلوة)، الذي سافر مع عائلته (زوجته وأولاده) إلى تركيا بطريقة شرعية بهدف إكمال الطريق إلى أوروبا، إنه "لدى وصولنا إلى المركب، اعتقلنا من قبل أجهزة الأمن التركية". يضيف: "تعرفت على سماسرة الهجرة في تركيا من خلال فيسبوك، ودفعت مبلغ ستة آلاف دولار أميركي عن كل راشد، ما اضطرني إلى بيع أثاث بيتي وسيارتي". لكن وجد نفسه يعود إلى لبنان. يقول إنه سيعيد الكرة مرة أخرى حين تسمح الفرصة لأنه "لا حياة في المخيمات. وإن كتب الله لنا الموت في البحر، فلن نتأثر لأننا أصلاً في عداد الموتى".

من جهتها، تقول منى المحمود، شقيقة محمود الذي كان على متن المركب الذي غرق، وما زال مفقوداً: "غادر محمود المخيم مع سبعة آخرين في أوائل شهر فبراير/شباط عام 2015. مكث بعض الشيء في مدينة صبراتة الليبية، حتى أبلغنا أنه سيغادر على متن مركب إلى إيطاليا في الثالث من مارس/آذار الجاري. بعد غرق المركب، ما زلنا لا نعرف مصيره. سمعنا أنه في المستشفى، فيما قال آخرون إنهم رأوا جثته تطفو على سطح البحر".

تتابع: "أخي من مواليد 1984. كان يعمل في مجال تصليح أجهزة التبريد. لكن البطالة جعلته يفكر بالهجرة". تضيف أن عدداً كبيراً من شباب المخيم غادروا بالطريقة ذاتها. وقد علمت من البعض أنه عندما يصلون إلى المركب لا يعود بمقدورهم العودة"، مطالبة القيادات الفلسطينية بتأمين حياة لائقة للاجئين.

في السياق، يوضح عضو اللجنة الشعبية في مخيم عين الحلوة حسام ميعاري أننا "تابعنا موضوع الهجرة وغرق المركب مع اللجنة الأمنية في المخيم، واستطعنا معرفة أسماء سماسرة الهجرة، على أن تلاحقهم السلطات اللبنانية واللجنة الأمنية الفلسطينية، لأنهم يستغلون وضع اللاجئ الفلسطيني المحروم والمضطهد". يضيف: "قبل الصعود إلى المركب، يطلب السماسرة منهم مبلغ مائة دولار ثمن سترة النجاة. ومن لا يملك المال لا يحصل على سترة، فيغرق".

يفضّلون الموت
يوضح عضو اللجنة الشعبية في مخيم عين الحلوة، حسام ميعاري، أن عدد الشباب الذين غادروا المخيم يقدر بنحو 95 شخصاً، لافتاً إلى أن الرقم غير دقيق. ويضيف أن بعض الشباب ما زالوا عالقين في ليبيا، لكنهم يفضلون الموت على العودة إلى المخيمات. من جهته، يقول قائد القوة الأمنية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة خالد الشايب، لـ "العربي الجديد"، إن "البطالة تدفع الشباب إلى الهجرة".