أمهات عاملات بلا حضانات في تركيا

أمهات عاملات بلا حضانات في تركيا

24 ابريل 2016
45% من المنشآت بلا دور حضانة لأطفال العاملات (الأناضول)
+ الخط -

يُسجَّل ارتفاع ملحوظ في مشاركة المرأة التركية في القوى العاملة في البلاد، خلال العقد الأخير، إلا أنّ استمرارها في عملها تواجهه مشاكل عديدة لعلّ أبرزها افتقار أماكن العمل إلى حضانات لرعاية أطفال الأمهات العاملات.

يفيد مركز الإحصاء التركي بأنّ المرأة تمثّل 30 % من اليد العاملة التركية، لكنّ هذه النسبة تبقى منخفضة إذا قورنت بمعدل نسب مشاركة المرأة في الدول الأخرى، المنضوية ضمن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أي 47 %. وعلى الرغم من التسهيلات الكبيرة، التي يقرّها القانون التركي بالنسبة إلى الأم العاملة، من قبيل إجازة الولادة أو إذن الرضاعة وفرض وجود غرفة رضاعة في أماكن العمل، إلا أن البحث، الذي أجراه معهد "إيبسوس" التركي للأبحاث الاجتماعية تحت عنوان "الأمهات العاملات خلال ألف يوم"، بيّن أنّ امرأة واحدة من بين كل أربع نساء في تركيا يتركن العمل بعد الزواج أو الإنجاب. كذلك، فإنّ 42 من الأمهات اللواتي تركن العمل يؤكدن أنّ السبب الأول هو عدم قدرتهنّ على التوفيق بين الاستمرار في الرضاعة الطبيعية والعمل.

لمواجهة هذه المشكلة، وبسبب مخاوف الدولة التركية من انخفاض معدلات الإنجاب، مررت الحكومة التركية بداية العام الجاري عدداً من الإصلاحات القانونية في سبيل تشجيع المرأة العاملة على الإنجاب، مع ضمان احتفاظها بعملها. وتسمح القوانين الجديدة للمرأة العاملة بالاستمرار في عملها بنصف عدد ساعات العمل المعتادة بعد انتهاء إجازة الأمومة، لمدة شهرين بعد ولادة طفلها الأول ولمدة أربعة أشهر بعد الطفل الثاني ولمدة ستة أشهر بعد الطفل الثالث. وفي حال وضعت توأمين، يضاف على المدة شهراً إضافياً. أما إذا كان الطفل المولود يعاني من إعاقة ما، أو ثبتت إعاقته خلال عامه الأول، فيحق للأم العاملة التقدّم بطلب عمل بنصف دوام لمدة عام كامل، بالإضافة إلى عدد من التسهيلات الأخرى.

لا تلتزم أكثر أماكن العمل بالقانون، علماً بأنّه يفرض على كل منشأة يتجاوز تعداد العاملين فيها 150 عاملاً أن تؤمّن حضانة أو مكان رعاية للأمهات العاملات. لكن ذلك لا يُطبَّق، بل أكثر من ذلك، يبحث أرباب العمل عن أسباب تدفع الأمهات العاملات إلى تقديم استقالتهن في الأشهر الأخيرة من الحمل، ويمارسون ضغوطاً عليهن.




بحسب إحصاءات وزارة التأمين الاجتماعي والعمل لعام 2013، تضمّ تركيا أكثر من تسعة آلاف منشأة يتجاوز تعداد العاملين فيها 150 عاملاً وموظفاً. وبعد التحقيق حول 300 منها، بيّنت النتائج أنّ 65 % منها لا تضمّ غرفة للرضاعة 45 % لا تضمّ دار حضانة لأطفال الأمهات العاملات.

إلى ذلك، يشير بحث أعدّته جمعية المرأة والديمقراطية التركية إلى أنّ 41 % من الأمهات اللواتي تركن العمل، يؤكدّن على أنهنّ ما كنّ ليتركن العمل لو توفّرت هناك حضانة أو دار رعاية لأطفالهنّ.

شناي إرتكين (33 عاماً) عملت في مجال الإعلام نحو سبعة أعوام، لكنها اضطرت إلى ترك العمل بعد انتهاء إجازة الأمومة، لعدم توفّر دار حضانة للأطفال في مكان عملها. تقول: "كان أمامي خياران، إما أن أستغني عن الرضاعة الطبيعية وأستعيض عنها بالحليب المجفف، وأترك ابني في دار بعيدة مع كل ما يعنيه ذلك من ابتعاد عنه، أو أن أبقى معه وأعتني به. تبنّيت الخيار الثاني". تضيف إرتكين أنّ "القوانين الجديدة لا تقدّم أي شيء حقيقي للأم العاملة. الرضاعة تستمر لستة أشهر على أقلّ تقدير، بالتالي لو توفّرت حضانة في مكان عملي، لكنت استمررت في العمل وفي إرضاع ابني أيضاً". وتتابع: "اخترت البقاء في المنزل مع كل ما يعنيه ذلك من انخفاض دخل العائلة، في الوقت الذي زادت فيه مصاريفنا".

أما أمينة إرطوغرول (31 عاماً)، فقد عملت في مجال المصارف لمدة خمسة أعوام قبل أن تنجب ابنتها. تقول أمينة: " عندما انتهت إجازة الأمومة، لم أستطع العودة إلى العمل. لم يكن أحد من أقاربي قادراً على الاعتناء بطفلتي في أثناء دوامي، لذلك اضطررت إلى ترك الوظيفة". وتشير إلى أنّ "الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بالنسبة إلى المرأة العاملة. في أثناء عملي في قسم الموارد البشرية، فهمت مدى التمييز الموجّه إلى المرأة، إذ يُمنع توظيف أية امرأة يُعرف بأنها حامل في المصرف". وتوضح إرطوغرول أنّ "من أبرز ما تُسأل عنه المرأة المتزوجة خلال مقابلة العمل، هو عن الوقت الذي تفكر فيه بإنجاب الأطفال. هذا سؤال هام جداً بالنسبة إلى صاحب العمل، لأنّ المرأة الحامل لا تعدّ منتجة، فالإجازات التي تأخذها بعد الولادة ليست سوى ضياع للوقت. لذلك لا يرغب بعض المدراء إلا في توظيف الذكور". وتتابع: "إن وُظّفت أية امرأة حامل عن طريق الخطأ، فإن ذلك يعرّض المسؤولين في الموارد البشرية إلى مشاكل كبيرة. لذلك، كنا نعمد إلى ثلاثة أشهر اختبار مع النساء، وإذا اتضح خلال تلك الفترة بأنها حامل، فإنها تُفصل بدواعٍ مختلفة أبرزها سوء الأداء".

دلالات

المساهمون