الزهريون يكشفون كنوز المغرب

الزهريون يكشفون كنوز المغرب

30 يونيو 2015
المناطق الجنوبية معروفة بكنوزها الثمينة (العربي الجديد)
+ الخط -
لا يخلو التنقيب عن الكنوز والآثار في المغرب من الأقاويل المثارة حوله. فهو في البداية نشاط محظور. كما أنّ كثيراً من الدجالين المشعوذين ينشطون فيه. بالإضافة إلى استغلال المنقبين في عملهم لأطفال يُخطفون من أهاليهم ويطلق عليهم اسم "الزهريين".

ينتشر البحث عن الكنوز من مجوهرات وقطع نقدية مخبأة تحت الأرض في العديد من المناطق الجنوبية خصوصاً. وتشهد طرق التنقيب تطوراً من الأعمال اليدوية والحفر، وتكليف متخصصين في فك الطلاسم السحرية، إلى استخدام آلات الرصد.

ويعزو أستاذ التاريخ عبد الحق زايدي لـ"العربي الجديد" وجود كنوز أرضية في بعض المناطق الجنوبية، إلى عوامل تاريخية في الأساس. فقد شهد انهيار حكم الدولة الموحدية (1121- 1269) فوضى أمنية دفعت الأهالي إلى دفن ثرواتهم ونفائسهم تحت الأرض. ويتابع أنّ الأمر لم يقتصر على تلك المرحلة، فمع كلّ فوضى أمنية، حتى في مرحلة الاستعمار الفرنسي والإسباني للمملكة، اعتمد الكثير من المغاربة دفن الحليّ تحت الأرض.

من جهته، يقول عبد الله تاهلة (اسم مستعار)، وهو أحد المنقبين عن الكنوز الأرضية، لـ"العربي الجديد"، إنّ "البحث عنها أشبه بالعثور على إبرة وسط أكوام القش. فالكنوز غير محددة المكان، كما أن البحث عنها يتم بسرّية ليلاً بسبب الحظر القانوني".

ويضيف تاهلة أنّ "المتخصصين في التنقيب عن الكنوز يسافرون إلى بعض المناطق التي تشتهر بالكنوز الدفينة، حيث كان الذهب يخبّأ تحت الأرض، منذ عهود قديمة، ويضعه أصحابه بطريقة خاصة، كما تتم حراسته من طرف الجن الذين يتم تسخيرهم لهذا الغرض".

ولسبر أغوار المكان الذي يُدفن فيه الكنز يتعيّن على الباحث أن يفك رموزاً حسابية تُسمّى "تقييدة" يكون صاحب الكنز قد تركها لمن خلفه. وهي رموز وطلاسم يعدها فقيه (مشعوذ) متخصص في هذه الأمور، يطلب خدمة الجن لحراسة الكنوز.

من جهته، يلتقط أيمن (اسم مستعار) طرف الحديث من زميله، ويقول: "هناك صعوبة في التحقّق من وجود كنز في مكان ما، باعتبار أنّ تلك الرموز والوثائق التي تشير إلى كنز ما مزورة، ما يجعل التنقيب أشبه ما يكون بمغامرة وضربة حظ".

وتختلف طرق البحث عن الكنوز في المغرب، بين التقنيات الحديثة، أو الاستعانة بعالم الجن والشعوذة.
ومن يلجأ إلى التكنولوجيا يعتمد على آلات كشف المعادن. يقول منقّبون إنّ الآلة تعطي إشارة تلقائية لدى مرورها فوق أرض تحتوي على معادن، كما تعمل وفق أنظمة مرئية تستشعر وجود الذهب والكنوز الثمينة. لكنّ مثل هذه الآلات غير مرخّصة في المغرب، ويتم تهريبها بطرق مختلفة من بعض البلدان الأوروبية خصوصاً ألمانيا، وتباع في أسواق سرّية داخل المدن.

في المقابل، يلجأ المشعوذون الذين يستعان بهم لكشف الكنوز إلى تلاوة طلاسم وتعاويذ، تيسّر العثور على الدفائن الذهبية. وتهدف التلاوات إلى طرد الجن الذين يحرسون الكنوز، ويترصّدون السوء لمن يحاول مد يده عليها لاستخراجها من أسفل الأرض.

ويعمد المشعوذون إلى إطلاق البخور الذي يقولون إنه يجهز المكان بطرد الجن، ومن ذلك بخور اللوبان وغيره، قبل أن يشرع الباحثون عن الذهب في الحفر في المنطقة، من دون أن يصيبهم أذى من الجني الحارس، وفق المشعوذين.

وتبعاً لتعليمات أولئك المشعوذين، يستعين المنقّبون بأطفال لديهم علامات فارقة يطلق عليهم اسم زهريون، ومفردها زهري. وهو طفل لا يتجاوز العاشرة، ولديه علامة في راحة يده أو لسانه أو عينيه.

وغالباً ما تشير التقارير الصحافية إلى اختفاء أطفال فجأة من عائلاتهم. وهم أطفال لديهم مثل هذه العلامات الفارقة في أجسادهم. ليكشف بعدها أنّهم تعرضوا للخطف على يد عصابات الكنوز، للاستعانة بهم في العثور على الدفائن الثمينة.

ويشيع لدى المنقبين والمشعوذين أنّ الطفل الزهري قصير النظر، لا يستطيع رؤية الأشياء البعيدة، ويلمع من عينيه بريق خاص، وجفناه يتسمان بتمزق غير واضح للعيان، كما أن كلّ كف لديه يتميز بخط متصل يقطع الباطن بالعرض، بينما يقطع لسانه خط طولي. وهي صفات إن توفرت في طفل ما يعتبر مفضلاً لاستخدامه في البحث عن الكنوز.

ووفق طقوس المشعوذين، يتعيّن وضع تميمة في كف الطفل الزهري، ثم يمشي مترجلاً إلى مكان وجود الكنز، فيسقط الطفل في مكان معين، فيكون الكنز في المكان الذي سقط الطفل فيه.
تبقى الإشارة إلى أنّ العديد من الأطفال يتم إرجاعهم إلى أهلهم، بالطريقة نفسها التي اختطفوا فيها، فيروون لهم أحداث رحلتهم الغامضة. ومع ذلك، فإنّ أطفالاً آخرين يختفون نهائياً، ويرجح البعض أنّ المنقبين والمشعوذين يتخلصون منهم بطريقة أو بأخرى.

إقرأ أيضاً: فكّ الرصد

دلالات