تحت المراقبة

تحت المراقبة

16 مايو 2016
هؤلاء المواطنون العاديون ليسوا قلّة (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
صحيح أن المجتمع المدني سجّل أول انتصاراته في معركة بلدية بيروت، التي خسر مجلسها البلدي وربح بالنتيجة المشرّفة التي حقّقها وفاجأ بها السلطة، غير أن المعركة يجب ألا تتوقف عند هذه الخطوة فحسب.

يفترض أن يكون ما تحقق في بيروت الحجر الأساس الذي وضعه مواطنون مدنيون مصرّون على التغيير في لبنان، بعيداً عن أي اصطفافات قائمة. معركة بيروت البلدية التي فرض فيها "المدنيون" أنفسهم في المعادلة يجب أن تكون محفزاّ لبقية المعارك البلدية في بقية المحافظات.
معركة المواطنين العاديين، لتسجيل مواقفهم على مستوى الإدارات المحلية في بلداتهم ومدنهم. المواطنون الذين وضعوا ارتباطاتهم السياسية والحزبية وحتى العائلية جانباً، وقرّروا أن يخوضوا غمار الحياة المدنية من باب الإدارات المحلية التي تشكّل اللبنة الأولى في التغيير الذي يطمحون إليه.

يتبيّن يوماً بعد يوم أن هؤلاء المواطنين العاديين ليسوا قلّة في البلد، لكن أصواتهم موزعة ومشتتة وغير قادرة على إحداث تغيير في المعادلة اليوم. ويعود السبب المباشر لذلك، عدا عن الإمكانيات التي يتمتع بها ممثلو السلطة في منافستهم مع هؤلاء، إلى النظام الأكثري الذي تجري على أساسه جميع المحطات الانتخابية، سواء كانت بلدية أو نيابية.

فلنتخيّل مثلاً لو أن انتخابات بلدية بيروت الأخيرة التي فازت بها اللائحة التي تقاسمها أصحاب السلطة والنفوذ والأحزاب كانت قد جرت وفق نظام التمثيل النسبي، وجرى تقسيم المقاعد وفق نتائج كل من اللائحتين المتنافستين. كانت لائحة السلطة ستبقى فائزة بالأكثرية بالطبع، لكن الصوت الآخر كان سيكون مؤثراً داخل المجلس البلدي عبر ممثلي لائحة "بيروت مدينتي"، وكان لا بد من أن "يدوزن" أي قرار لجماعة السلطة في المجلس البلدي.

مع ذلك، ومنذ اللحظة الأولى التي تم فيها إعلان فوز لائحة السلطة في بيروت بات واجباً على المواطنين، سواء الذين دعموا لوائح فازت أم خسرت في معركة بيروت، أو الذين يدعمون لوائح ستفوز وتخسر في انتخابات بقية المحافظات، أن يشكلوا مجالس ظلّ لمراقبة عمل اللوائح التي فازت أولاً بأول من أجل أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه من أعطوها صوتهم وتجاه من لم يفعلوا ذلك.

ولعله من المهم في الأيام القادمة إعادة تحفيز كل حراك مدني ممكن من أجل العمل والدفع باتجاه السير بنظام انتخابي على أساس النسبية، كي نسلك أولى خطواتنا نحو تمثيل حقيقي وعادل.

المساهمون