متناقضات عربية رائجة

متناقضات عربية رائجة

14 يناير 2019
تطبيع متسارع على حساب القضية الفلسطينية (مصطفى حسونة/ الأناضول)
+ الخط -
كلما تفجّرت قضية مثيرة للجدل في دولة عربية يرسب مزيد من الأشخاص الذين كنا نعتبرهم جديرين بالاحترام في الاختبار.

يصل بعضهم إلى حضيض المزايدات، وآخرون يكررون مع أبواق الأنظمة المستبدة نظريات المؤامرة، أو يخترعون مهاترات خاصة بهم.

وتكشف السجالات المتكررة عن متناقضات كثيرة في الشخصية العربية بشكل عام، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، أو حرية التعبير، أو حق انتقاد المؤسستين العسكرية أو الدينية.

الآراء المتداولة حالياً حول انتفاضة الشعب السوداني أحد أمثلة السجالات العربية العبثية، وإن كان معتاداً هجوم مؤيدي الأنظمة المستبدة على انتفاضات الشعوب، فإن المثير للغضب هو مواقف بعض مؤيدي ثورات الربيع العربي الرافضة لثورة السودانيين على الأوضاع المزرية التي يعيشونها بسبب نظام ديكتاتوري جاثم على صدورهم منذ ثلاثة عقود.

حين تفجرت تفاصيل جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انكشف عدد كبير ممن يطلقون على أنفسهم "الليبراليين العرب"، والذين حاولوا تبرير الجريمة بكل الطرق والبحث عن مخرج للنظام السعودي، أو للدقة، مخرج لمحمد بن سلمان.

مؤخراً، احتدم سجال حول الفتاة السعودية رهف القنون، والتي قررت التمرد على القيود المفروضة على النساء في بلادها، وهربت طالبة حق اللجوء، فاتهمها البعض بالفجور، وهددها آخرون بالقتل، وغالبية هؤلاء ممن يزعمون التمسك بالفضيلة ويدعون إلى مكارم الأخلاق.

ليست المتناقضات العربية شأناً مستحدثاً، فمن دعموا وما زالوا يدعمون الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر، يزعمون أنهم يحاربون الانقلاب على الشرعية في اليمن، وهم أنفسهم يدعمون سيطرة خليفة حفتر عسكرياً على ليبيا بالمال والسلاح.

وها هم الذين كرروا لسنوات أنهم ضد بقاء بشار الأسد في السلطة يعيدون فتح سفاراتهم في دمشق، وبينما يتشدقون يومياً بمعاداة إيران فإن علاقاتهم التجارية معها متواصلة.

ولا يمكن تجاهل تكشف الكثير من المعلومات عن علاقات تطبيع متسارعة مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.

وفي مقابل كوارث إنسانية تطاول العشرات في اليمن وسورية والعراق والصومال وغزة، ومجتمعات اللاجئين في الأردن ولبنان وغيرهما، يتواصل بذخ الحكومات العربية الثرية.




يمكننا رصد كثير من التناقضات العربية يومياً، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول.

وأسباب ذلك متعددة ومتباينة، لكن أبرزها تفشي الجهل والفقر، وتدني مستوى الوعي، وتفسيرات خاطئة لنصوص دينية، فضلاً عن فترات استبداد طويلة، وقرون من الاحتلال الأجنبي.

المساهمون