التونسيون يحيون الذكرى الـ80 لعيد الشهداء

التونسيون يحيون الذكرى الـ80 لعيد الشهداء

09 ابريل 2018
ثورة 9 إبريل 1938 في تونس(فيسبوك)
+ الخط -
أحيا التونسيون اليوم الاثنين الموافق 9 إبريل/نيسان 2018 الذكرى الثمانين لـ"عيد الشهداء" الذين سقطوا في عام 1938؛ في أحداث تبقى من أهم ما ميّز نضال التونسيين ضد المستعمر الفرنسي.

ويطرح التأمل في تلك الأحداث أسئلة كثيرة على التونسيين، خصوصاً أن أبرز مطالبهم كانت في ذلك الوقت تأسيس برلمان تونسي، مستنبطين باكرا جدا أهمية أن ينتخبوا بأنفسهم سلطة تشريعية وطنية قادرة على تحقيق أحلامهم بالانعتاق من المستعمر، وبناء دولة وطنية حديثة ذات قرار مستقل. وتمكن التونسيون من انتخاب برلمان بحرية بعد ثورتهم، في حين تستمر الأسئلة حول استقلالية القرار الوطني وشكل بناء الدولة الجديدة والجمهورية الثانية.

وبقطع النظر عمّا يحف بالبرلمان التونسي هذه الأيام تحديدا من انزلاقات أخلاقية نتيجة ارتفاع حدة العنف اللفظي بسبب الخلافات السياسية، فإن التونسيين منقسمون ومختلفون حول إرثهم السياسي والتاريخي، وشكل الدولة الجديدة. ويتبيّن أن الخلافات حول ذلك التاريخ، ضد المستعمر الفرنسي والدكتاتورية الوطنية، لم تنته بعد ولم تحسم بل تشكل تحديا خطيراً وكبيراً للتونسيين بشأن إدارة هذا الخلاف الذي يتجدد. وإن كان بإمكانهم أن يتحاوروا بهدوء دون اجتياز الخطوط الحمر للمحافظة على ثورتهم ومكاسبها.

ورغم ما يراه التونسيون من بطء في عمل برلمانهم التأسيسي ومجلس نواب الشعب، في استكمال تعهدات الثورة، إلا أن الأخيرين نجحا في وضع حجر التأسيس لعدد من المؤسسات المصيرية في بناء ديمقراطية حديثة، ولم يبق الكثير حتى يكون للتونسيين مؤسسات تحمي الديمقراطية نهائيا من أي انتكاسة ممكنة.

اعتقال قيادات وطنية

وبالعودة إلى أحداث 1938 وما رافقها من تطورات متلاحقة، يتبيّن أن هناك تماثلاً غريبا بين الأمس واليوم. لعله ينبغي على التونسيين أن يدركوه بجدية ويتمعنوا في تفاصيله، إذ شهد يوم 4 إبريل 1938 اعتقال عدد من الزعماء من بينهم سليمان بن سليمان (أحد أعلام الحزب الشيوعي التونسي فيما بعد) إثر تنظيمه حملة دعائيّة بمدينة سوق الأربعاء (محافظة جندوبة). وانطلقت مظاهرات ضخمة بوادي مليز وسوق الأربعاء احتجاجاً على اعتقاله مع عدد من الوطنيين. واعتقل في اليوم ذاته صالح بن يوسف (أحد أبرز معارضي بورقيبة).

ويوم 6 إبريل من العام ذاته اعتقل الهادي نويرة (أحد أبرز رؤساء الحكومات التونسية ما بعد الاستقلال) ومحمود بورقيبة. ويوم 8 إبريل اندلعت الأحداث بخروج الشعب التونسي للمطالبة بالحرية وتحديدا بـ"برلمان تونسي". وكانت المرأة التونسية موجودة في تلك المظاهرات بكثافة، وهي التي خرجت أيام الثورة أيضا للمطالبة بالحرية متصدرة كل الاحتجاجات للدفاع عن دولة حديثة ديمقراطية منفتحة ومتطورة.



أما يوم 9 إبريل فشهد اعتقال علي البلهوان (زعيم الشباب كما كان يسمى) وقُدم للمحاكمة، فانتفض التونسيون وخرجوا بأعداد غفيرة إلى شوارع العاصمة، فاستنفر المستعمر جنوده واعتقل عدداً كبيراً من الزعماء أبرزهم الحبيب بورقيبة. وصل عدد المعتقلين إلى الآلاف بحسب بعض المصادر، وأحيلوا إلى المحاكم العسكرية، وسقط 22 قتيلا و150 جريحا برصاص الاحتلال الفرنسي. وأعقب ذلك حملة قمعية واسعة شملت قيادات الحركة الوطنية التي نفيت خارج تونس.


القائمة الرسمية بأسماء الشهداء لم تصدر

ويتساءل التونسيون اليوم بمناسبة "عيد الشهداء" عن مصير شهداء الثورة ومصير عائلاتهم، خصوصا أن القائمة الرسمية لم تصدر بعد ولم تنشر بالجريدة الرسمية للبلاد.



محامية عائلات شهداء وجرحى الثورة، ليلى حداد، قالت في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّ الملاحظ في أن المعارضة والطبقة الحاكمة وحتى المجتمع المدني شبه غائبين عن إحياء هذه الذكرى، وكأنه عدم اعتراف بالشهداء. أما غياب عائلات الشهداء فيعود إلى قناعة بأن الطبقة السياسية لم ترد لهم الاعتبار.



وأضافت حداد أن "المشهد حزين، ورغم رمزية عيد شهداء 9 إبريل ونضالات من قدموا أرواحهم فداء للوطن، إلا أن هناك نوعا من الشعور بالخيبة من القضاء الذي لم ينصف عائلات الشهداء، ولم يحاسب القتلة وأطلق سراحهم، إضافة إلى عدم إصدار القائمة الرسمية لعائلات شهداء وجرحى الثورة".