صلاح عبد العاطي.. "بنك الفقراء" لفتح الفرص أمام الفلسطينيين

صلاح عبد العاطي.. "بنك الفقراء" لفتح الفرص أمام الفلسطينيين

17 يونيو 2015
(محمد الحجار)
+ الخط -

في ظل ارتفاع نسبة الفقر وتفاقم مشاكله في المجتمع الفلسطيني، وضع الحقوقي، صلاح عبد العاطي، خطة تقوم على تأسيس مشاريع تنموية من خلال فكرة "بنك الفقراء"، التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ بعد.

- كيف بدأت فكرة بنك الفقراء؟
فكرة قديمة جديدة، وهي تقوم على توظيف المال الوطني لمصلحة الفقراء أنفسهم، وليس لأصحاب رؤوس الأموال. فنحن نحتاج إلى بنية اقتصادية تقوم على الاقتصاد المختلط وليس الحر، لأنه يؤمن متطلبات الضمان الاجتماعي من ناحية، ويفتح الفرص أمام رأس المال من ناحية أخرى.

- على الصعيد الفلسطيني ما مدى الحاجة إلى مثل هذا البنك؟
ممارسات الاحتلال الاسرائيلي وجرائم الحرب والحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية كلها تكرس إفقار المواطنين. وإذا احتجنا لمعالجة الملف الفلسطيني، خصوصاً في ظل تعداد الشهداء والأسرى والجرحى وارتفاع نسب الفقر، التي أصبحت ما بين 80 في المائة إلى 60 في المائة والبطالة التي قاربت 55 في المائة، لا بد من التفكير في استراتيجيات تنموية مغايرة تقوم على فكرة توظيف رأس المال الوطني في سياق تعاوني، يكفل تعظيم الفائدة من المدخرات الوطنية، كما يكفل تعظيم الفائدة لدى الشرائح المستفيدة، ويؤمن القروض.

- ما هي خطوات وآلية عمله؟
هو بنك للفرص يحدّ من رغبة الشباب في الهجرة، في ظل انعدام فرص العمل لهم. والمطلوب توظيف قدرة رأس المال البشري في مجالات مختلفة. كما يفتح المجال لمساهمة المواطنين والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وينتخب من خلاله مجلس إدارة يشارك الفقراء فيه. وبهذه الحالة يمكن تدريب الكوادر الشابة على العمل في البنك، وكذلك تدريب الفقراء. فالفقر هو فقر القدرات، وما نريده هو تدريبهم على إدارة المشاريع الصغيرة وتوظيف قدراتهم ومهاراتهم المختلفة، وضمان حماية واحتضان أية فكرة تولد منهم.

- ما هي ضمانات نجاح البنك؟
يجب أن يتمتع رأس المال بالشفافية. ويجب أن يشارك الشباب والفقراء في مجلس إدارة البنك من أجل توفير الحد الأدنى من متطلبات التنمية البشرية، في ظل الظروف الصعبة للغاية. هنالك قانون ينظم عمل البنك. كما يتوجب على سلطة النقد الوطنية أن توفر الفرص للبنك، من خلال نقل رؤوس أموال الموظفين وتوطين رواتبهم فيه. هذا البنك يحول الفقراء إلى منتجين يحصلون على تسهيلات. ويمكن تشغيل فئات كثيرة من النساء والشباب والكبار والأشخاص المعوقين لأنّ البنك بنكهم.

اقرأ أيضاً: معبر رفح نقطة انتظار طويل

- كيف سيستقطب البنك المشاريع ويؤمن رؤوس الأموال لها؟
لدينا رؤوس أموال خارجية فلسطينية، بالإضافة إلى رؤوس الأموال الداخلية. فكرة المساعدات الدولية من دون مردود تنموي تشبه منطق "إطعام الناس سمكاً، من دون تعليمهم الصيد"، وهي فكرة يخالفها البنك من خلال عمل الفقراء على مشاريعهم بأنفسهم. وسيستقطب، بالإضافة إلى رؤوس الأموال الداخلية والخارجية، دعماً من منظمات دولية ومن القطاع الخاص والمجتمع المدني. وسيتحول إلى منبر تدريب للمساندة وتحقيق التنمية المستدامة.

- كيف يشجع الفقراء على العمل؟
سينظم البنك عملية تدريب للفقراء، ويعطي الناس فرصاً لتنمية قدراتهم وتبني مجموعة أفكار إبداعية. وكذلك تأمين لوازم إنتاجية بسيطة للفقراء من عمال وصيادين وفلاحين وغيرهم، تساعدهم في إنجاز عملية تنموية واسعة، من خلال إقراضهم مبالغ صغيرة.

- كيف يقضي البنك على الفقر؟
يجب على الناس الإيمان بالفكرة قبل كلّ شيء. وفي حال تطورت، يتم وقتها إعداد المنظومة الاقتصادية على أساس تعاوني، لأنّ مساعدات البنك تتم على أساس التنمية. وبالتالي فإنّ من يحصلون على الفائدة هم الفقراء، الذين سيتحقق لهم الضمان الاجتماعي في خطوات دعم بسيطة لبعض المشاريع.

- ما هي التحديات التي تعترض طريق إنشاء البنك؟
أصحاب رؤوس الأموال يريدون الربح، والرأسماليون لا يريدون هذا البنك لأنه يزيد من قوة الفقراء داخل المجتمعات. لكنني أعتبر أنّنا إذا تعاونا مع بعضنا بعضاً وتشاركنا، نستطيع أن نصنع مجتمعاً إنسانياً أفضل، يعتبر مثل هذا البنك من مظاهره.

- ما هو دور الشباب في البنك؟
لدينا شباب موهوبون في المجالات التقنية وغيرها من المجالات المميزة، ولا تتوفر لهم أية فرصة. فلو جمعنا عدداً من الشباب ومنحناهم مبلغاً من المال سيستطيعون من خلاله تنظيم قدراتهم. وسيدخلون إلى سوق العمل والمنافسة بشكل أفضل، في عدة مجالات، خصوصاً أنّ فئة الشباب تملك الانفتاح على العالم الخارجي من جهة، ويمكنها تسويق أفكارها إلكترونياً من جهة أخرى.

- ما الفوائد غير المباشرة للبنك على المجتمع؟
تخفيض نسبة الجريمة والبطالة والمشاكل الاجتماعية الأخرى، وتعزيز صمود المواطنين داخل مجتمعهم سواء داخل فلسطين أو حتى في بعض البلدان العربية، التي تبحث شعوبها عن الهجرة.

- ما مدى نجاح البنك إن طبق في المجتمعات العربية؟
على المستوى العربي تزداد نسبة الفقر، في ظل مجتمعات تشهد مرحلة دمار. ويمكن لفكرة البنك انطلاقاً من قدرته الأكبر على توظيف الأموال، والاستراتيجيات التنموية القادرة على الاستجابة للتحديات، أن تطبق في كل المناطق العربية وغيرها. هناك تجارب عربية ودولية، منها ما جرى طرحه في مصر. كما أنّ تونس هي أول دولة تبنت الفكرة ودرستها، وقريباً ستطبقها، بعد أن عرضتها أمام المعنيين خلال رحلة عمل سابقة لي.

- على مستوى مساعدة الفقراء، ما هو واقع البنوك في فلسطين والعالم العربي؟
البنوك لا تحقق فوائد إلا للمستثمرين فيها. وكلّ ما تهدف إليه هو الربح. فتتعاظم أرباحها في ظل مجتمعات تنهار اقتصادياً. وهي بنوك تحتكر قواعد رأس المال وتستقطب معظم مدخرات البلاد. كما أنّ عمليات الإقراض فيها لا تفيد في عملية التنمية بتاتاً. أما بنك الفقراء فيتطلب جهداً واستثماراً، ويحول موظفيه إلى موظفين تنمويين، قادرين على التدريب ومنح المواطنين حيز التفكير في مشاريع مختلفة، والاستثمار مع المواطنين.

- كيف يمكن لخطة البنك أن تنجح؟
كإنسان أعمل في مجال التنمية، تعلمت أن محاربة الفقر تتم من خلال تطوير القدرات، وهنالك إمكانية نستطيع من خلالها تحقيق التنمية بشكل أفضل مما هو حاصل. في فلسطين الكثير من القدرات، لكن للأسف ننظر إلى الشباب بعدم ثقة، وإلى الفقراء باعتبارهم عبئاً على عملية التنمية، مع أنّهم مفتاح هذه العملية. يمكن للبنك أن يستقطب خبراء لتطوير بعض الاختراعات الشابة. ومن الممكن التنسيق مع الهيئات والمنظمات التنموية الداعمة لحقوق الإنسان والتنمية البشرية لإعطاء دورات وتطوير القطاعات الزراعية والصناعية، وغيرها، في إطار المِنَح التي يقدمها البنك.

اقرأ أيضاً: الحجارة لسدّ الجوع