شهادات بالبرلمان الأوروبي لخمسة متضررين من دول حصار قطر

شهادات في البرلمان الأوروبي لخمسة متضررين من دول حصار قطر

19 فبراير 2019
تحدثت قطريتان في البرلمان الأوروبي حول الحصار (العربي الجديد)
+ الخط -
عقد البرلمان الأوروبي في بروكسل، اليوم الثلاثاء، جلسة استماع ضمت شهادات حيّة قدمها 5 متضررين من انتهاكات السعودية والإمارات والبحرين لحقوق الإنسان، بينهم قطريتان تعرضت إحداهما لتفكك أسرتها وطردت الأخرى من جامعتها بعد حصار قطر، فضلاً عن باحث بريطاني اتهم بالتجسس في الإمارات.


وانتقد الضحايا الخمسة انتهاكات الدول الثلاث، في مقابل المواقف السلبية التي تبديها دول الاتحاد الأوروبي إزاء تلك الانتهاكات، وعابوا على حكومات تلك الدول التزام الصمت أحياناً بدافع مصالح سياسية، أو الاكتفاء في أحسن الأحوال بإدانات رسمية لا تردع دول الحصار ولا توقف انتهاكاتها المتكررة.

وطالب الضحايا في جلسة البرلمان الأوروبي حكومات دول الاتحاد باتخاذ مواقف أكثر قوة لوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تطاول المواطنين والمقيمين في قطر منذ بدء الحصار، إلى جانب الانتهاكات التي يتعرض لها العديد من المواطنين المعتقلين في السجون الإماراتية والسعودية والبحرينية.

وردّ رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي، أنطونيو بنزاري، على هذه المطالبات بتأكيد التزام نواب دول الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في مختلف دول العالم، بما في ذلك ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن الأزمة الخليجية، لافتاً إلى أن البرلمان الأوروبي لن يوفر جهداً لرفع الحصار المفروض على قطر.

وشدّد بنزاري على أن "البرلمان الأوروبي لن يسمح لولي العهد السعودي محمد بن سلمان بمحو جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مهما حاول التسويق لنفسه في عواصم عالمية، لأن هناك حقيقة لا بد من كشفها".

الشهادات
أبرز الشهادات كانت للأكاديمية القطرية وفاء اليزيدي، التي حضرت إلى جلسة الاستماع من الولايات المتحدة، حيث تتابع علاجها، وقالت اليزيدي: "جئتكم لأروي قصة معاناتي منذ بدء الحصار، بعد أن تمكنت من الحصول على إذن طبي بالسفر لمدة ثلاثة أيام، وقطعت آلاف الكيلومترات لأقدم صورة عن معاناتي، وهي جزء من معاناة آلاف الضحايا من الأمهات اللائي يعانين مثلي".

وأضافت: "أنا قطرية مطلقة، وأبنائي بحرينيون، وعاشوا معي في أوروبا حيث كنت أدرس. عشنا حياة طبيعية بلا حواجز ولا فروق بسبب الجنسية، لكن حياتي انقلبت رأساً على عقب منذ الخامس من يونيو 2017، لما قطعت العلاقات مع قطر، ولم يعد بإمكان أولادي الحديث مع ذويهم في البحرين، وباتت كل قنوات التواصل ممنوعة، ولا أحد يتواصل معنا خشية العقاب الذي فرضته دول الحصار عبر قوانين تمنع التعاطف مع القطريين، ولو داخل الأسرة الواحدة".
وتابعت اليزيدي: "الحصار شتّت العائلات، ولم نعد نستطيع السفر إلى الحج، وتعرضنا لمعاناة قاسية، حتى إننا حرمنا من حضور جنازات ذوينا وأقاربنا، وأولادي الذين عاشوا في أوروبا صدموا لأنهم تحت طائلة الحصار، ويمكن أن يعاقبوا إن عبروا عن تضامنهم مع والدتهم لو أنهم فضلوا البقاء معي في قطر".

واستطردت: "اليوم أذهب إلى المستشفى كل ثلاثة أيام للعلاج، ولا أستطيع رؤية أولادي لأنني مطالبة بفحوص طبية كل أسبوع، وتعقّدت حياتي بشدة، كما أن جوازات سفر أولادي تنتهي في نهاية العام الحالي، ولا أستطيع تجديدها، وأعرف قصة أم قطرية أخرى لها ابن عمره 11 سنة ذهب لتجديد جوازه، ومن يومها لم يسمح له بالعودة إلى أمه منذ نحو عام كامل".

وختمت المواطنة القطرية: "أوجه نداء لكل البرلمانيين الأوروبيين، وخاصة النساء اللائي يفهمن وضعي ومعاناتي كمطلقة محرومة من أولادها قهراً، وتواجه في كل لحظة خطر فقدان أبنائها. أتوجه إليكم لدعمنا، فنحن لسنا مسؤولين عن الخلافات السياسية، وحياتنا باتت جحيماً، ونعيش تحت المراقبة نحن وأبناؤنا على الدوام".

وقالت الطالبة القطرية جواهر محمد المير إنه تم طردها من جامعة السوربون فرع أبوظبي رغم تفوقها الدراسي، بحجة قطع العلاقات السياسية مع قطر، وقالت: "كنت دوماً أتمنى أن أحقق حلمي بالوقوف في البرلمان الأوروبي للدفاع عن قضايا حقوق الإنسان، ولم أتصور يوماً أنني سأدخل البرلمان الأوروبي للحديث عن حقوقي التي تم اغتصابها".

وأضافت: "لقد اجتهدت وتعبت كثيراً لتحقيق حلمي بالدراسة في جامعة السوربون. حققت حلمي، وبدأت أتعلم اللغة الفرنسية لأحضر نفسي لدراسات عليا مستقبلاً. ولاحقاً، ارتأيت الانتقال إلى جامعة السوربون أبوظبي، حيث البيئة تشبه مجتمعي، وخلال العام الماضي، وحينما أنهيت كل امتحاناتي، ذهبت إلى قطر لقضاء الإجازة وتركت كل أغراضي في السكن بأبوظبي، ولم أتوقع أنني لن أعود".


وتابعت: "كنت مع عائلتي أقرأ في شريط الأخبار خبر قطع العلاقات. كنت مصدومة لما حدث لأن الأمر يتعلق بدول شقيقة، ولم أكن أعرف كيف سيكون وضعي، وبعد وقت تجاوزت الصدمة، ولم أشأ إزعاج أساتذتي في الجامعة، لأن القانون يمنع عليهم التواصل معنا، وبعد فترة من الزمن، تواصلت مع إدارة الجامعة التي ردت علي برسالة إلكترونية تخبرني أنه تم تحويلي إلى جامعة السوربون في باريس".

وأضافت: "أصبح مطلوباً مني خلال 20 يوماً أن أنقل حياتي كلها إلى باريس، لكن الحمد لله تمكنت بدعم عائلتي من تجاوز المحنة، وقررت التحدي، رغم ما كلفني ذلك من عناء نفسي ومادي".

وقفت التركية خديجة جنكيز في البرلمان الأوروبي مرفوقة بوفد إعلامي تركي حضر لتغطية مداخلتها، وروت قصة معاناتها منذ اغتيال خطيبها الراحل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي اغتيل في القنصلية السعودية في إسطنبول مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وقالت جنكيز: "كنت أواصل تحضيرات إتمام زواجي، لكنني يوم 2 أكتوبر تحولت إلى شخصية تتجول مع رجل أمن لحمايتها، وتخشى الحديث مع أي شخص. تحولت حياتي تماماً، وبدأت أبحث كيف أطور نفسي في مواجهة هذه المعاناة التي أحاول تجاوزها. لقد تغيرت حياتي 180 درجة، والقتلة المجرمون هم سبب كل هذه المعاناة التي أواجهها".

وتوجهت جنكيز باللوم إلى الحكومات الغربية على مواقفها قائلة: "اليوم للأسف. الدول الأوروبية لم يقدموا على أي إجراء أو رد فعل لصالحي، بل يتصرفون كما لو أن شيئاً لم يحدث. هذه الدول تحاول استغلال معاناتي أمام أعين العالم، وأمام ما يقع اليوم، أتساءل أين منظمات حقوق الإنسان؟ وممثلو الهيئات القضائية؟ وما يفعل الدبلوماسيون؟ لم لا يتحركون؟ كل من كان يحدثنا عن معايير أوروبية لحقوق الإنسان، كل هؤلاء لا يفعلون اليوم شيئاً. ألم يتأسس الاتحاد الأوروبي لحماية حقوق الإنسان؟ لقد قتل خطيبي بطريقة وحشية، واليوم حينما أواجه هؤلاء المسؤولين لا يقولون شيئاً".

وختمت: "اليوم بعد 5 أشهر، لم يعاقب أحد، ولا تزال الحقيقة مغيبة، بل سمعنا مسؤولين يدلون بتصريحات متضاربة. أنا أتساءل اليوم بصفتي خطيبة المرحوم جمال خاشقجي، وأطلب أجوبة لما حدث، وأين هم المتورطون؟ لا بد من مسار قانوني واضح وشفاف لا يكون تحت تأثير المصالح التجارية والسياسية الضيقة لأجل حماية حياة الآلاف من الصحافيين الذين يدافعون اليوم عن حرية التعبير".

تهمة التجسس

وقدّم الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، الذي كان معتقلاً في السجون الإماراتية محكوماً بالمؤبد قبل العفو عنه، ملخّصاً لوقائع اعتقاله واستجوابه لمدة 6 أسابيع، لافتاً إلى أنه أحياناً كان يتم استجوابه على مدار 15 ساعة متواصلة. "كنت مهدداً بالتعذيب إن لم أقل لمن اعتقلني ما يريد سماعه، وتجاوبت معهم وقلت إنني جاسوس وأعمل لصالح الاستخبارات البريطانية، وألزموني بتوقيع اعترافات باللغة العربية".

وأضاف: "احتجزت في معتقل انفرادي، وعشت معاناة بدأت من تخديري لتهدئتي، وصولاً إلى إعطائي مواد مخدّرة ممنوعة طبياً ما زلت أعاني من آثارها. وقفت ثلاث مرات أمام المحكمة، وجاء النطق بالحكم خلال خمس دقائق، لتطوى الجلسة ويحكم عليّ بالسجن المؤبد، وأعدت إلى القاعة المعزولة بلا نوافذ، ولولا تدخل الخارجية البريطانية لما كان تم إطلاق سراحي".

وختم قائلاً: "ما عانيته ليس حالة فريدة، وأطلب من الاتحاد الأوروبي تصنيف الإمارات بيئة غير آمنة للطلاب الجامعيين الأجانب، وإن كان لا بد من استمرار صداقتنا مع هذه الدول فلا بد أن يتخلوا عن قمعهم وممارستهم".

وطالب البحريني علي الأسود، والذي حكم بالسجن المؤبد غيابياً، البرلمان الأوروبي والمجتمع الدولي بضرورة التحرك وتحمّل مسؤولياتهم بالضغط على حكومة البحرين، ومطالبتها بوقف الانتهاكات التي تطاول نشطاء حقوق الإنسان.

وقال الأسود في مداخلته: "للأسف، لم نر دعماً من المجتمع الدولي، وحلفاؤنا لم يتحملوا مسؤولياتهم، ولم يضعوا البحرين أمام مسؤولياتها، بل التزموا الصمت على انتهاكات حقوق البحرينيين. نريد استقلالية القرار السيادي للبحرين، وأن تكون شريكاً محترماً على الساحة الدولية، لأنها حالياً تتجه نحو الديكتاتورية بدلاً من الملكية الدستورية المزعومة".

وختم قائلاً: "كل الآمال بتقدم البحرين تراجعت، والمستقبل غير واضح، ونؤمن أنه لا بديل عن الحوار لإخراج البحرين من الأزمة بمشاركة كافة القيادات والمعتقلين السياسيين، لو أن الدولة لديها استعداد لحل الأزمة".