أريد حبّة "المارشميلو"

أريد حبّة "المارشميلو"

04 ابريل 2020
يكافأ بها الأطفال أحياناً (Getty)
+ الخط -
فلنعترف أنّ خياراتنا ضيّقة في الوقت الحالي. والمساحة التي نتحرّك فيها تصغر شيئاً فشيئاً. يبدو أنّنا نعيش تجربة "المارشميلو". هذه التجربة أعدّها الباحث والتر ميشيل وزملاؤه. جلسوا مع مجموعة من الأطفال الذين لم يدخلوا مدرسة بعد، وكانت أمامهم حبة "مارشميلو"، وقالوا لهم إنهم سيعودون بعد قليل. فإذا لم يأكلوا الحبة، سيحصلون على اثنتين. ترك الباحثون الأطفال بمفردهم في الغرفة وصوّروا ما فعلوه.

التجربة ساهمت في استخلاص أمور تتعلق بضبط النفس وتأخير الإشباع واختلاف الشخصيات. انتظر الأطفال خمس دقائق قبل الحصول على حبة المارشميلو الثانية. بالنسبة إليهم، سيشعرون بوطأة الانتظار بعد ثلاثين ثانية. تُحاول ميشيل فان ديلين، أستاذة مساعدة في برنامج العلوم السلوكية والدماغية في قسم علم النفس في جامعة جورجيا، إسقاط تجربة المارشميلو على حياتنا في الوقت الحالي، لتقول إننا سنحصل على حبّة ثانية من شيء نحبّه إذا ما صبرنا قليلاً، وبقينا في البيت للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد.

وتقول إنّه بغض النظر عن الاستراتيجيات التي نستخدمها للتغلّب على صعوبة الحجر المنزلي، سنشعر بعدم الارتياح وعدم اليقين بشكل لا يصدق. الشعور بالملل وعدم اليقين سيخلق في داخلنا إلحاحاً بوجوب التحرّك. هذه خدعة أخرى يمارسها عقلنا بحقنا، وبالتالي نشعر أننا أمام خيارات أقل مما لدينا بالفعل. ربّما قال البعض إنّهم يُفضّلون الموت على ما يعيشونه. العقل هنا يجعلنا نعتقد بأننا أمام خيارين: كلّ شيء أو لا شيء.



تبدو تجربة المارشميلو جميلة، أو على الأقل تخبرنا بوجود أمل. أما أنا، فلا أريد مُكافأة. تُشبه هذه التجربة القبلة التي نحصل عليها من الطفل بالمساومة. وعلى قدر ما يبدو تمنّعي غير واقعي، لأنّنا في نهاية المطاف ننتظر مكافأة على أيّ جهد أو عمل نقوم به، فما نعيشه اليوم يختلف عن كثير من المراحل السابقة، والتي لم تكن سهلة. نافذتنا مفتوحة على مجموعة من الهموم لن تنتهي عند انتهاء كورونا، ونبدو مستعدين للانتظار لنعود ونحصل على "المارشميلو" الأولى أو حتى نصفها.

كثرة الأحداث التي كانت تصفعنا واحدة تلو أخرى، أضعفت مناعتنا النفسية. كنّا بالكاد نستطيع سحب أموالنا من المصرف، قبل أن نجد أنفسنا بين أربعة جدران. ننتظر أيّ خبر مفرح. الأحداث تتسارع من دون أن تكون أجسادنا قادرة على التعامل معها. قبل كورونا، أصابنا فيروس الأزمة الاقتصادية، من دون أن يتخذ المعنيون أيّ إجراءات. تركونا على أبواب المصارف نستجدي أحياناً ونصرخ أحياناً أخرى. ولكثرة ما كان ما عشناه صعباً، لم نعد نقوى على الانتظار، وقد نفشل في انتظار المارشميلو الثانية.

المساهمون