الروس يتعلمون "اصطياد النساء"

الروس يتعلمون "اصطياد النساء"

18 مايو 2016
تختلف الاستراتيجيات بين الجنسَين (ديمتري كوستويكوف/ فرانس برس)
+ الخط -

في كثير من الأحيان، يصادف أحدهم شابة جميلة ويشعر برغبة في التعرف إليها، لكنّ خجله يمنعه من ذلك. لتحدي هذا الوضع، قررت مجموعة من الشبان في روسيا في تسعينيات القرن الماضي، العمل على آلية تساعد في تجاوز الخجل والتعرّف إلى أيّة شابة من دون عوائق. اعتمد الشبان في ذلك كتباً غربيّة جرى التداول بها عبر شبكة "فيدونت"، مع تطويرها بما يتناسب مع المجتمع الروسي وعقلية الشابات الروسيات.

بعد تعلمهم أساليب التعرف، استقر بعض الشبان مع شريكات حياة، بينما حوّل آخرون الفكرة إلى مشروع تجاري متكامل أطلق عليه اسم "بيكاب. رو"، وهو موقع إلكتروني ساعد آلاف الشبان الذين تتراوح أعمارهم ما بين عشرين عاماً وأربعين في التعرف إلى النساء. لم يعد المشروع حكراً على الرجال، بل يقدّم دورات تدريبية للنساء أيضاً لمساعدتهنّ في إيجاد رجل مناسب لتكوين أسرة سعيدة.

حول كيفية تدريب الشباب على تجاوز خجلهم، يوضح مدير مشروع "بيكاب. رو"، بافيل بونوماريف، الذي بدأ مسيرته في تلقّي هذه الدورات بالذات، إنّ التعليم يعتمد على "دفع الشبان إلى التحدث مع الشابات في الشوارع وأماكن أخرى، في مواضيع عامة أولاً، ثم مغازلتهنّ والتعرف إليهنّ، مع الخروج التدريجي من منطقة الأمان وتوسيعها".

ويضيف لـ"العربي الجديد": "نعلّم الشبان أساليب تجاوز الخوف من الرفض، ونضعهم في الأجواء المناسبة، بما في ذلك في الشارع. هناك أحكام مسبقة تجاه التعرّف إلى شابة في الشارع في روسيا، منها أنّ المتحرّشين والسكارى فقط يفعلون هذا. لكنّ هذه الظاهرة طبيعية، والشبان الأكثر جرأة يتعرفون إلى النساء في الشوارع".

وصل عدد الذين تلقوا تدريبات في المدرسة، من مختلف أنحاء روسيا، إلى 15 ألف شخص من الجنسَين، ويدرس فيها سنوياً نحو 150 رجلاً و100 امرأة.

وحول الفرق ما بين تعليم الرجال والنساء، يشير بونوماريف إلى أنّ على الرجل التعرّف إلى المرأة بنفسه، بينما يتعيّن على الشابة الدفع بالشاب إلى التعرّف إليها. تُنصح الشابات بالأماكن المناسبة للتعرّف إلى الرجال من أجل علاقة جادة. يشرح: "الأماكن المناسبة للنساء هي الشارع أو محيط الأصدقاء أو العمل أو الدراسة، فيما لا يُنصحن بالتعرّف بهدف بناء علاقة جادة في الملاهي الليلية أو المنتجعات السياحية".




تشكلت في المجتمع الروسي نظرة سلبية تجاه "صيادي النساء"، ظناً منهم أنهم يسعون إلى إقامة أكبر عدد من العلاقات السطحية لـ"ليلة واحدة" من دون بناء علاقة جادة. كذلك أصبحت لكلمة "بيكاب" دلالات سلبية، مما يدفع البعض إلى حضور مثل هذه الدورات خلسة، من دون أن يعرف أحد ذلك. يوضح بونوماريف أنّه في حال علمت الشابة أنّ صديقها تعلّم "اصطياد النساء" بشكل منظّم، فإنّ ذلك قد يفسد العلاقة بينهما، إلاّ أنه يتعيّن على الشاب في هذه الحالة التوضيح لها بأنّه كان يخاف من التعارف، وأنّ لقاءهما وسعادتهما حالياً هما نتيجة لهذه الدورات.

مع ارتفاع الطلب على تعلّم أساليب التعارف، شهدت مدارس "اصطياد النساء" انتشاراً واسعاً، وبات موقع "يوتيوب" مليئاً بمقاطع فيديو باللغة الروسية توضح كيفية ذلك، بالإضافة إلى مدارس عبر الإنترنت تمكّن الشباب المقيمين خارج موسكو من تلقي الدروس.

من هذه القنوات على "يوتيوب" ما يعرف باسم "قناة للرجال"، التي بلغ عدد مشاهداتها أكثر من ثمانية ملايين، وتجمع بين مقاطع فيديو لأساليب التعارف وأخرى نظرية تعتمد على تحدّي النمط المحافظ، الذي يقضي بتقديم ورود وهدايا قيّمة للمرأة لنيل إعجابها. ينصح المدرب، الذي يظهر في مقاطع الفيديو، مستمعيه بالتعامل مع المرأة من موقع القوة وتجاوز القيود الاجتماعية، وعدم الخوف من الظهور كأغبياء في عيون الآخرين. وفي أحد المقاطع، يوضح المدرب أنه يجبر تلاميذه على التحدث مع شابة تقف بجوار شابة أخرى تعرّف إليها للتو، وذلك للتقليل من أهمية الأولى. ويشير إلى أنّ الرجال الأكثر جرأة هم الأكثر نجاحاً مع النساء وفي الحياة بشكل عام.

إلى جانب مقاطع الفيديو المجانية، تقدّم القناة دورات تدريبية عبر الإنترنت في مقابل نحو 100 دولار أميركي فقط، وهو ما يُعدّ أقل بكثير من كلفة التعلم في دورات عادية تبلغ كلفتها نحو 500 دولار.

تجدر الإشارة إلى أنّ المدارس حديثة النشأة تتفادى استخدام كلمة "بيكاب" في أسمائها وإعلاناتها، نظراً لدلالات هذه الكلمة السلبية. كذلك يُذكر أنّ بعض المدارس تقدم دورات تعليمية للراغبين في العمل في مجال المبيعات المباشرة التي تعتمد أيضاً على مهارات التواصل.