مهاجرون ذوو مهارات عالية مهددون بالترحيل من بريطانيا

مهاجرون ذوو مهارات عالية مهددون بالترحيل من بريطانيا

01 فبراير 2018
"العدالة من أجل المهنيين ذوي المهارات العالية" (تويتر)
+ الخط -
في بريطانيا، مهاجرون مهنيّون من ذوي المهارات العالية مهدّدون بالترحيل، ما دفع مجموعة منهم إلى التحرّك

ألغت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في مايو/ أيار 2011، حينما كانت وزيرة للداخلية، تأشير العمل من "المستوى واحد" التي تُعطى للمهاجرين المهنيّين من ذوي المهارات العالية والتي تحتاج إلى حدّ أدنى من الدرجات للتأهل. وقد أدّى ذلك إلى حرمان عدد كبير من المتخصصين الذين يقدّمون خدمات جليلة لبريطانيا، من الحصول على حقّ الإقامة الدائمة في البلاد، إذ باتوا يحصلون على تأشيرة عمل عادية، وبالتالي يصيرون مهدّدين بالترحيل إلى بلادهم لأسباب يرونها بسيطة ولا ينبغي أن تضعهم في خانة المجرمين ولا أن تؤدّي إلى ترحيلهم.

على خلفية ذلك، نظم الثلاثاء الماضي مهاجرون مهنيّون من ذوي المهارات العالية وقفة احتجاجية أمام مكتب رئيسة الوزراء في لندن، وطالبوا برفع مستوى الوعي حول ما يعتبرونه سياساتٍ تمييزية وغير إنسانية ومعادية تقوم بها وزارة الداخلية. وهذه المجموعة من المهاجرين التي تمثّل أكثر من 600 طبيب ومهندس ومعلم ومحام ومحترف تكنولوجيا المعلومات وأسرهم في بريطانيا، على سبيل المثال لا الحصر، ساهمت بحسب ما تشير بنحو 25 مليار جنيه إسترليني في اقتصاد البلاد. وأتى الاحتجاج بعدما نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية أنّ وزارة الداخلية منعت أطباء كباراً وافدين من خارج بريطانيا، من تولي وظائفهم لملء الأدوار الرئيسية في المستشفيات، لأنّ رواتبهم في "هيئة الخدمات الصحية الوطنية" البريطانية كانت منخفضة جداً ولا تتلاءم وقواعد الهجرة.

أديتي بهاردواج من منظمّي تلك الوقفة الاحتجاجية، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ "نحو 200 شخص تجمعوا الثلاثاء أمام مكتب رئيسة الوزراء، وقد شاركت كذلك عائلات بكاملها. وقد تعددت جنسيات المحتجين، وكانت عربية مختلفة وباكستانية وبنغلادشية وهندية وغيرها". تضيف بهاردواج أنّ مجموعة المهاجرين المهنيّين من ذوي المهارات العالية "وجّهت رسالة إلى جميع الوزراء، طالبتهم من خلالها بدعمها في مواجهة السياسات التمييزية والعدائية التي تتبعها وزارة الداخلية وتستخدمها لرفض منح المهاجرين من ذوي المهارات العالية تصاريح بالإقامة، وتتركهم يعانون وأسرهم في كل أنحاء البلاد". وتلفت إلى أنّ "هؤلاء بغالبيتهم يقيمون في هذه البلاد منذ أكثر عن عقد من الزمن، وعودتهم إلى موطنهم الأصلي تعني إلحاق الضرر بأطفالهم الذين ولدوا في بريطانيا ونشأوا فيها ويدرسون في مدارسها ولغتهم الأولى هي الإنكليزية".



وتؤكّد بهاردواج أنّ "جلّ ما نريد من وزارة الداخلية هو ألا تتخذ قرارات جائرة بحق أشخاص، جريمة بعضهم لا تتجاوز خطأ في حساب ضرائبهم التي عدّلوها ودفعوها". وتشير إلى أنّ "تلك القوانين كانت مخصّصة للمجرمين أو الأشخاص الذين يهدّدون الأمن القومي". وتقول: "من الطبيعي أن نخطئ في حساب الضرائب، إذ نأتي من بلاد مختلفة ونجهل قانون الضرائب في بريطانيا. ولو ألقينا نظرة إلى إحدى المقالات المنشورة على موقع ماني ماتيرز (Money Matters) فإنّنا سوف نلاحظ أنّ 20 في المائة تقريباً من أهل البلاد يصححون ضرائبهم أو يعدّلونها بعد إرسالها إلى الجهات المختصة ولا يجري التعامل معهم كمجرمين. لكنّ الأمور تختلف حين يقوم بذلك مهاجر، فترى فيه وزارة الداخلية مجرماً ينبغي ترحيله".

يُذكر أنّ ثمّة أشخاصاً ينتظرون قراراً من وزارة الداخلية بشأنهم منذ أكثر من عام وهم في حالة يأس، مع العلم بأنّ المدّة القصوى التي تحددها وزارة الداخلية للحصول على حقّ الإقامة الدائمة هي ستة أشهر. والتأخير الذي قد يصل إلى ثلاثة أعوام، يعود إلى أسباب عدّة، لا سيّما تأخّر وزارة الداخلية في البتّ بشأن تلك التصاريح، واستخدام قانون الهجرة 5/322 (الذي يُطبَّق على المجرمين وأولئك الذين يشكلون تهديداً للأمن القومي) في التعامل مع المتقدّمين الذين لديهم أيّ "أخطاء ضريبية".

إلى ذلك، انطلقت رسالة مجموعة المهنيّين من ذوي المهارات العالية التي وجّهوها إلى الوزراء، من قول المهاتما غاندي "لا قيمة للحرية إذا لم تشمل حرية ارتكاب الخطأ"، في محاولة منها لتبرير قضايا الضريبة، خصوصاً أنّهم غرباء وفدوا إلى بلاد جديدة ولم يكونوا على دراية بشؤونها الضريبية، فضلاً عن طبيعتها المعقدة واختلاف نظام الضرائب عن ذلك المستخدَم في بلدهم الأصلي. وتوضح الرسالة أنّ تصحيح الخطأ الضريبي لا يعدّ غير قانوني في أيّ بلد في العالم ولا حتى في القانون المالي البريطاني لعام 2007.



في المقابل، يشير متحدّث باسم وزارة الداخلية إلى أنّهم يتوجّهون إلى حلّ كلّ طلبات الحصول على تصاريح بالإقامة الدائمة في أسرع وقت ممكن. ويشدّد على أهمية اتخاذ القرارات الصحيحة في هذا المجال، لا سيّما في ظل التطبيقات المعقدة التي تتطلب دراسة مفصلة والتحقق من أدلة "هيئة صاحبة الجلالة للإيرادات والجمارك".

تجدر الإشارة إلى أنّ المبادئ التوجيهية لوزارة الداخلية في حال رفض الطلب بموجب قانون الهجرة 5/322، تنصّ على أنّ مقدّم الطلب ارتكب جريمة جنائية وبقاءه في بريطانيا لا يصبّ في المصلحة العامة. ومن تلك الجرائم، ما هو جرائم جنسية وأخرى مرتكبة في حق الأطفال وجرائم المخدرات الخطيرة والعنف.

المساهمون