جدل بعد اقتصاص جزائريين من لص...بدلاً من تسليمه للأمن

جدل بعد اقتصاص جزائريين من لص...بدلاً من تسليمه للأمن

02 نوفمبر 2016
عندما تضعف حماية المواطن (فاروق باطيس- فرانس برس)
+ الخط -



أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني في الجزائر، أنّ المواطن الذي عوقب بربطه من رجليه على جدار في مدينة آقبو بولاية بجاية على يد سكان محليين بتهمة السرقة، لم يمت لكنه أنقِذ بصعوبة بعد نقله إلى المستشفى.

وفي تفاصيل الحادثة، أنّ مجموعةً من السكان ألقت القبض على لص سرق شيخاً مسناً في أحد أحياء المدينة، فعمدت إلى ربطه وتثبيته من رجليه وضربه ضرباً مبرحاً، كاد على أثره أن يفارق الحياة، بدلا من تسليمه إلى السلطات الأمنية.

بدورها، كشفت الهيئة الأمنية في بيان لها، عن فتح تحقيق في حادثة التعرض لسارق يبلغ من العمر 43 عاماً، بالضرب على يد مجهولين في سوق الجملة في مدينة "أقبو" كاد أن يودي بحياته.

وأوضح البيان أنه "بعد معاينة وضع الضحية التي كانت في حالة حرجة جداً، وكان جسده  مبللاً بمادة قابلة للاشتعال ومقيد الأطراف، تم نقله إلى مستشفى أقبو لتلقي العلاج".


وأثارت هذه الحادثة جدلاً كبيراً في الجزائر، واعتبر كثيرون أن معاقبة المواطنين للسارق وسيلة رادعة.


رأت نورية بنوار أن "هذه الطريقة يمكنها أن تخيف من ينوي السرقة والاعتداء على المواطنين في الأسواق ومحطات النقل"، واعتبرت في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "المجتمع الجزائري افتقد روح التضامن، ففي السابق كان السارق لا يعتدي على مرأى من الناس، أما اليوم فأصبحت الاعتداءات بدون خوف وعلى الملأ تدهشنا".

وأشار أحد المواطنين إلى أن أنواع الاعتداءات التي تقع نهارا وجهارا، جعلت الجزائريين بحاجة إلى عودة روح التضامن، لردع أي شخص يفكر أو تسول له نفسه الاعتداء على الآخرين.




مقابل الآراء المؤيدة لما جرى، حذّر ناشطون في مجال حقوق الإنسان من أن تكون هذه الحادثة مؤشرا على غياب الدولة وهيبة المؤسسة الرسمية عن حماية المواطنين وتطبيق القانون، ومعاقبة المجرمين، وأن تحل عقوبات المواطنين محل العدالة وسلطة القانون.

وقال المحامي ورجل القانون المكلف بالملفات الخاصة في الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، هواري قدور، إن "ما حدث في بجاية هو مشهد من مشاهد قانون الغاب في الجزائر".

وتساءل قدور: "من يدفع نحو سيادة الشارع بكل تناقضاته وأهوائه وغرائزه، وسريان روح الانتقام". وأضاف: "هذا نتاج تراجع هيبة القانون في الجزائر إلى الحد الذي باتت فيه الجماعات تأخذ حقها بيدها، بسبب انعدام الثقة بالمؤسسة القضائية، وجدية تعاطيها مع المتهمين بالإجرام في الجزائر".

وتساءلت الناشطة الحقوقية منار مناصري: أين الشرطة والأمن ودولة القانون التي تغض الطرف عن جرائم علنية تضرب هيبة الدولة؟ وحذرت مما وصفته "حالة التمرد على القانون في الجزائر".

وزادت مخاوف الناشطين الحقوقيين وخبراء القانون بعد أن تلت حادثة بجاية واقعة ثانية صباح أمس الثلاثاء، إذ ألقى سكان في مدينة جيجل القبض على سارق وربطوه إلى عمود كهرباء وسط المدينة، وعنفوه قبل أن تستلمه الشرطة.

وبسبب ارتفاع نسب الجريمة في الجزائر، يتهم السكان السلطات بتخفيف العقوبات ضد المجرمين، وتحسين ظروف السجن، ما جعل السكان يصفونه بـ"فندق السجن"، وافتقاده للجانب الردعي، ما يشجع اللصوص على ارتكاب الجرائم والعودة إلى السجون. وبلغت نسبة العودة إلى الجريمة بعد الخروج من السجن في الجزائر 32 في المائة، رغم سعي السلطات إلى ردعها.