رمضان باهظ في تونس

رمضان باهظ في تونس

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
20 مايو 2018
+ الخط -

الحركة كثيفة في قلب العاصمة التونسيّة، وتحديداً في شارعي شارل ديغول وجمال عبد الناصر، حيث تفوح رائحة القهوة العربية التي يكثر الإقبال عليها خلال شهر رمضان الفضيل، إضافة إلى محال بيع الحلويات، ولا ينسى الناس شراء "المقروض" (نوع من الحلوى). أمّا في السوق المركزي، القلب النابض وشريان الحياة التجارية، وأكبر سوق لبيع الخضار والغلال واللحوم والدواجن والأسماك، فقد نفدت بعض المنتجات كاللحوم الحمراء والبقدونس، وكان البعض ينتظر دوره في طابور طويل لبيع الدواجن واقتناء الأجبان التي يتضاعف الإقبال عليها خلال هذا الشهر، في حين بدت الحركة أقل لدى باعة الخضار.

في تونس، تستعدّ ربات البيوت لرمضان من خلال إعداد المؤونة من معجنات وشراء كل ما يلزم من مواد غذائية وتوابل وشعير ودقيق. وتعمد نساء إلى اقتناء أوان جديدة لتزيين سفرة رمضان. في السوق المركزي، جلست السبعينيّة مباركة على كرسي تتأمل حركة المارة وهم يرددون عبارة "رمضانكم كريم"، وكانت تأمل بيع أكياس بلاستيكية لعابري السبيل وكسب لقمة العيش. تقول لـ "العربي الجديد" إن لرمضان أجواءه الخاصة، وتختلف الاستعدادات من بيت إلى آخر. البعض يعدّ الحساء في البيت كونه طبقاً أساسياً ويومياً في رمضان، فيما يفضّل آخرون شراءه من المحال وإن كانت نكهتها مختلفة. تضيف أنّ الأواني ثانوية لأنها لن تغير شيئاً، سواء كانت قديمة أو جديدة. الأهم هي المؤونة التي تحتاج إليها ربة البيت.



وبحكم تجربتها في الحياة وظروفها القاسية التي حتمت عليها العمل في مثل هذه السن، ترى مباركة أنه يجب تجنب كثرة الإنفاق وتبذير الطعام والاكتفاء بالقليل والضروري منه. تضيف: "يجب أن يشتري الناس ما يحتاجون إليه بحسب قدراتهم المادية".




وتلفت سامية بن محمود، وهي ربة بيت في عقدها الرابع، إلى أنها عمدت إلى طلاء البيت واقتناء أوان جديدة وأثاث في أوّل يوم من رمضان، لتزيين البيت وإضفاء لمسة خاصة للترحيب بهذا الشهر الفضيل. وتبيّن أنها تجدد بعض الأشياء في البيت مع حلول رمضان لأن التغيير جيّد ويخرج المرء من الروتين ويرفع من معنوياته، لافتة إلى أنّ التونسي يستقبل مناسبة خاصة وعزيزة، فكيف لا يستعدّ لها جيّداً؟

تضيف أنها استعانت بوالدتها التي تقطن في محافظة ريفية لترسل إليها بعض المنتجات التقليدية، والتي ما زال سكان الريف يعدونها بأنفسهم، مثل الحساء المصنوع من الشعير والتوابل. وتبيّن أنه يمكن إعداد حلويات تقليدية في البيت لتفادي الغش. وترى حنان، وهي موظفة، أنّ بعض ربات البيوت قد يبالغن في تغيير المطبخ واقتناء أوان جديدة. رمضان كسائر الأيام بالنسبة إليها، والأهم هو ترشيد الاستهلاك واقتناء ما نحتاجه في وجبة الإفطار من دون إسراف وتبذير.



وتلفت إلى أنّ البعض يُبالغ في شراء المواد الغذائية وغيرها، وكأنّ المنتجات ستنفد من الأسواق. وتوضح أنّ هذا الأمر قد يُلهب الأسعار. أمّا هي، فقد اكتفت بشراء القليل من الخضار حتى لا تذبل، فترمى في سلة المهملات.

مراد بائع تمور في السوق المركزي منذ أكثر من 35 عاماً. بدا منشغلاً في تعليق عراجين التمور، وترتيب بضاعته وتلبية بعض طلبات الزبائن. يؤكد أن الإقبال على التمور يتضاعف في رمضان، فهي أساسية على مائدة الافطار. ويرى أنّ تذمّر التونسي من الأسعار مبالغ فيه لأن غالبية الأسعار في متناول الجميع، ولم تتغير، مبيّناً أنه في الإمكان اقتناء كميات قليلة بحسب الظروف والإمكانيات. يضيف أن البعض يتذمر من سعر كيلوغرام التمر وهو 7 دنانير (نحو ثلاثة دولارات)، في حين أنه يقتني اللوز الذي يصل سعره إلى 33 ديناراً (نحو 15 دولاراً)، والحلويات الغالية مثل "البقلاوة". برأيه، التونسي يريد اقتناء كل شيء من موز وفراولة وتمور ومشمش وخوخ وتمور، ثم يتذمّر بسبب الأسعار، علماً أنه كان في إمكانه الاكتفاء بصنف واحد.



يضيف مراد أنّ هذا مبالغ فيه. بعض الأشخاص اقتنوا عرجون تمر يزن نحو 6 كيلوغرامات بـ 50 ديناراً (نحو 25 دولاراً)، إضافة إلى اللحوم والخضار. وهذا سلوك غير مفهوم من قبل البعض، لأن المنتجات متوفرة في الأسواق طيلة شهر رمضان. ويكشف أن البعض يقترض المال لاقتناء حاجياته الاستهلاكية في رمضان، ويراكم الديون على كاهله. وفي العيد، يحاول التخلص من الورطة التي كبل نفسه فيها، فتراه يبحث عن منفذ لتسديد ديونه في الوقت الذي كان في إمكانه ترشيد الاستهلاك.



من جهته، يؤكّد فيصل، وهو بائع توابل، أن الأسعار مقبولة وفي متناول التونسي، مبيّناً أن الإقبال تضاعف عن السابق. ويوضح أن هذه الحركة الكثيفة تكون خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان ثم تقل تدريجياً، مبيناً أن التجار يسعدون كثيراً بقدوم رمضان، إذ تنتعش تجارتهم وتصبح عمليات البيع أفضل من الأيام الأخرى. أما رشيد النموشي، وهو عامل في عقده الخامس، فاكتفى باقتناء القليل من التمور. ويبيّن أنّ الأمر يتعلق بالظروف المادية لكل شخص، وهو لا يريد إثقال كاهله بمشتريات كثيرة وباهظة الثمن، لافتاً إلى أن الخير متوفّر دائماً، فلماذا اللهفة؟

دلالات

ذات صلة

الصورة

مجتمع

يقصد اليمنيون في شهر رمضان المدن القديمة والمساجد التاريخية المنتشرة في مختلف أنحاء اليمن ويتخذون منها أماكن للفسحة والتنزه.
الصورة
رمضان في شمال غزة رغم الحرب الإسرائيلية (العربي الجديد)

مجتمع

يحاول من بقي من الفلسطينيين في شمال قطاع غزة خلق بعض من طقوس شهر رمضان وزرع بسمة على وجوه الأطفال، رغم المأساة وعدم توفر الأساسيات وسط الحرب المتواصلة.
الصورة

سياسة

لم تسمح قوات الاحتلال الإسرائيلي الليلة، للفلسطينيين من أهالي القدس والمناطق المحتلة عام 1948، بدخول المسجد الأقصى المبارك، لأداء صلاتي العشاء والتراويح.
الصورة

مجتمع

تضيء فوانيس رمضان عتمة الليل في قطاع غزة، حيث أنهك القصف المتواصل للاحتلال الإسرائيلي سكان القطاع، للشهر الخامس على التوالي.