تونسيات ينتصرن على سرطان الثدي

تونسيات ينتصرن على سرطان الثدي

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
28 أكتوبر 2018
+ الخط -

قصص نجاح عديدة في مواجهة سرطان الثدي، سطّرتها سيدات تونسيات، وبينما يروين عن ذلك يشددن على أنّ التوعية بهدف الكشف المبكر هي الأساس، فيما يؤكد خبراء ضرورة اتباع نمط حياة صحي

"ساعدتني شخصيتي القوية في التغلب على سرطان الثدي، عندما جرى تشخيص إصابتي لم أكن أعرف معنى هذا المرض، فقد كنت في السابق أسارع إلى تغيير أيّ برنامج تلفزيوني يتحدّث عن السرطان كأنّي أهرب من شيء ما، لكن عندما أخبرني الطبيب أنّي مريضة أجريت التحاليل وخضعت لجلسات العلاج الكيميائي"، هكذا تتحدّث سعاد الجبابلي عن تجربتها مع سرطان الثدي لـ"العربي الجديد".

تضيف الجبابلي (50 عاماً) انّها كانت تأتي خصيصاً من محافظة الكاف التي تبعد 250 كلم عن تونس العاصمة وتنتقل في الحافلة العمومية، وتسأل الناس عن المستشفى، إذ لم تكن تعرف شيئاً عن شوارع العاصمة، وكلّ ما عرفته في تلك الفترة كان مستشفى صالح عزيز (المركز التونسي لمقاومة السرطان). تضيف أنّها مرت بتجربة قاسية جداً بسبب مرض والدتها فأهملت صحتها، ما أضعف مناعتها كثيراً، مرجّحة أن يكون الإهمال سبب إصابتها بسرطان الثدي. تقول إنّ مرحلة العلاج الكيميائي كانت صعبة ومرهقة، خصوصاً بالنسبة لفتاة تقطع أكثر من 200 كلم للعلاج في العاصمة. انخفض وزنها من 78 كلغ إلى 60 وشحب وجهها وسقط شعرها الذي كثيراً ما كانت تعتني به، مشيرة إلى أنّ لديها 12 شقيقاً وشقيقة كانوا سندها في محنتها، لكنّها وحدها كانت تلملم آلامها وتتحدّى المرض إلى حدّ أنّ الأطباء كانوا في كلّ مرة ينبهرون بالنتائج التي حققتها، وهي توشك اليوم على الشفاء التام.



تقيم مريضات كثيرات بسرطان الثدي في "الجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي" بالعاصمة. معظمهن جئن من أماكن بعيدة ومن مختلف المحافظات التونسية. عند الحديث إليهن تفاجأ بإصرارهن الكبير على مقاومة المرض ومواجهة الحياة بضحكة بالرغم من الألم. لكلّ منهن تجربتها وظروفها الخاصة، لكن، بالرغم من قسوة الظروف تحاول كلّ مريضة أن ترفع من معنويات المريضات الجديدات.




تقول الستينية، غالية الجويني، من محافظة سليانة، إنّها لا تخجل من مرضها": "سرطان الثدي كأيّ مرض آخر فلماذا نخفي الإصابة به؟". تضيف أنّها لاحظت شيئاً غريباً في الثدي، مع ذلك بقيت سنة من دون أن تزور أيّ طبيب، محاولة إقناع نفسها أنّها بخير، لكن بعدما أخبرها الأطباء بحقيقة وضعها تولّت تجهيز ملفها الطبي، ثم أجرت عملية جراحية، لكنّها كانت متخوفة بحكم تقدمها في العمر. مع ذلك، شجعت نفسها ومرت بكلّ الجلسات المطلوبة إلى أن تخلصت من المرض، مشيرة إلى أنّ الطب تطور والعلاج ممكن، وبالتالي لا يجدر الخوف من العلاج، بل هي اليوم تتمنّى أن تذهب إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج.



بدورها، تؤكد سعاد الشاوش (1971)، وهي أم لثلاثة أطفال، أنّها لم تكن تشعر بأيّ أعراض، بل كانت تعيش حياتها بصفة طبيعية، ولم تشكُ يوماً من أيّ مرض، لكن بعد تشخيص إصابتها بسرطان الثدي بدأت رحلة العلاج الكيميائي في العاصمة تونس. تضيف أنّ والدتها كانت خير سند لها في محنتها، إذ رفضت تركها بمفردها، وبالرغم من تقدم والدتها في السنّ فقد كانت ترافقها الى العاصمة وتتابع معها جلسات العلاج الكيميائي. تشير سعاد إلى أنّ زوجها لم يساندها كثيراً، خصوصاً بعد استئصالها ثدييها، كما أنّ بناتها صغيرات في السن ولم يفهمن طبيعة المرض ولم يعين خطورته، مضيفة أنّها الآن بدأت تتعافى، وهي في انتظار جلسات الأشعة واستكمال علاجها لتشفى نهائياً. تدعو سعاد جميع الفتيات والنساء في تونس والعالم إلى إجراء الفحوص مرة كلّ سنتين، على الأقل، للوقاية من سرطان الثدي وللتفطن للمرض منذ بدايته وقبل أن ينتشر في الجسم ويصبح استئصاله صعباً.

في الوقت الذي تحارب فيه نساء كثيرات سرطان الثدي، اختارت نادية خوجة، التي تعافت من هذا المرض، أن تتطوع في "جمعية مرضى السرطان" وتقدم العون إلى نساء أخريات. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها بعد فترة العلاج الكيميائي شفيت من المرض، مشيرة إلى أنّها أخفت مرضها عن صديقاتها ولم تفصح عن تجربتها إلّا بعدما شفيت تماماً. تضيف: "لا يجب التخلي عن أي مرحلة من العلاج، والاستسلام، ولا بد من الحصول على النصائح من الأطباء، ومن مريضات مررن بالتجربة نفسها".

تشير رئيسة "جمعية مرضى السرطان" روضة بن ميلاد زروق إلى أنّ "أكتوبر الوردي" مخصص للتوعية ضد سرطان الثدي، إذ تتكثّف فيه القوافل الصحية والحملات التوعوية، وقد اختير هذا العام شعار "السرطان وجودة الحياة... السرطان وبعد".



تضيف أنّه لا يجب أن نكره شهر أكتوبر/ تشرين الأول كونه يرتبط لدى البعض بسرطان الثدي، بل يجب اعتباره شهراً صحياً توعوياً. تتابع أنّها مرضت بسرطان الثدي، لكنّها لم تستسلم، بل أسست جمعية لمساندة المريضات، مؤكدة أنّ أفضل علاج هو تحدّي المرض والتشبث بالحياة، مضيفة أنّ التجربة بالرغم من مرارتها قد تغيّر نظرتنا إلى الحياة، وتقوي عزيمتنا وتدفعنا الى رسم أهداف جديدة لمستقبلنا.

تلفت نائبة رئيسة "الجمعية التونسية لرعاية مرضى سرطان الثدي" رجاء محفوظ مشيرقي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه يجرى سنوياً تسجيل 2500 إصابة جديدة بسرطان الثدي في تونس، وما بين 10 و11 في المائة من الحالات هن ما بين 20 و35 عاماً، مضيفة أنّ الأسباب ما زالت مجهولة، لكنّ تغيّر نمط العيش والأغذية، والأرق والضغط النفسي، من العوامل التي قد تكون لها علاقة بتزايد انتشار سرطان الثدي. تدعو مشيرقي النساء إلى التقصّي المبكر، مع نصحهن بالابتعاد عن الضغط والسمنة، وزيادة النشاط البدني، مبيّنة أنّه يجب العمل على الجانب النفسي للمريضات، لأنّ هذا الجانب ما زال غير ملحوظ كما يجب بالرغم من تطور العلاج.




من جهتها، تعمل وزارة الصحة في إطار حملات "أكتوبر الوردي" على التوعية بالمرض، إذ جابت قافلة صحية متعددة الاختصاصات خلال الشهر كثيراً من المناطق، بهدف تأمين فحوص مجانية للنساء، والحث على تبني نمط عيش سليم يشمل التغذية المتوازنة وممارسة الرياضة وتجنب الضغط النفسي.

ذات صلة

الصورة
جابر حققت العديد من النجاحات في مسيرتها (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أكدت التونسية، أنس جابر نجمة التنس العربي والعالمي، أن تراجع نتائجها في المباريات الأخيرة، يعود إلى إصابة قديمة منعتها من تقديم أفضل مستوى لها.

الصورة
يدفع المهاجرون مبالغ أقل للصعود على متن القوارب الحديدية

تحقيقات

بحثاً عن الأرخص، تصنع شبكات تهريب البشر الناشطة في تونس قوارب حديدية من أجل نقل المهاجرين غير الشرعيين عبرها إلى أوروبا بكلفة أقل، إذ تنفق مبالغ بسيطة على بنائه
الصورة
أكد المشاركون أن الثورة شهدت انتكاسة بعد انقلاب قيس سعيد (العربي الجديد)

سياسة

أكدت جبهة الخلاص الوطني، اليوم الأحد، خلال مسيرة حاشدة وسط العاصمة تونس، أن البلاد في مفترق طريق ولا بد من قرارات مصيرية حتى لا تذهب نحو الانهيار.

الصورة
وقفة تضامنية في تونس مع نساء وأطفال غزة  (العربي الجديد)

مجتمع

في أروقة المدينة العتيقة في تونس تجتمع الحرفية خولة عبدلي مع النساء والأطفال لاستغلال حرفيتهن في الفنون الجميلة لتطريز خريطة فلسطين التاريخية

المساهمون