"سوق الحرامية" في الكويت

"سوق الحرامية" في الكويت

09 اغسطس 2017
رخص البضائع يغري المتسوّقين (العربي الجديد)
+ الخط -
في الكويت العاصمة سوق للفقراء معروف بـ"سوق الحرامية". هو سوق مشبوه فمعظم بضائعه مسروقة، مما يقلق السلطات التي تجري مداهمات له من دون أن تتمكن من إنهاء عمله بالكامل

يعتبر "سوق الحرامية" في منطقة جليب الشيوخ، غرب الكويت العاصمة، أكبر سوق تباع فيه البضائع المسروقة من جميع أنحاء البلاد من دون رقابة حقيقية بفعل ضعف القبضة الأمنية والتنظيمية في المنطقة الكثيفة سكانياً، إذ يقطن فيها عمال من جنوب وجنوب شرق آسيا.

تتنوع البضائع ما بين هواتف محمولة وشاشات تلفزيون مسطحة وأدوات منزلية وملابس وأحذية وساعات وأمواس حلاقة وفواكه وخضر، على مسافة ممتدة تصل إلى كيلومتر، في عطلة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت.

يقول أحد الباعة في "سوق الحرامية" لـ"العربي الجديد": "الأحذية التي أبيعها مسروقة من أمام المساجد. يساعدني ذلك في تأمين دخل إضافي خصوصاً أنّ شركة التنظيف التي أعمل لديها لا تعطيني راتبي الذي يبلغ 50 ديناراً كويتياً (160 دولاراً أميركياً) في بعض الأحيان بينما يبيع أحد زملائي في الغرفة فواكه يحصل عليها من مكبّ نفايات سوق الخضار بعد تنظيفها وتزيينها. وهناك آخرون في السوق يبيعون مسروقات ثمينة مثل الساعات والمجوهرات والهواتف".

يرفض بائع آخر الحديث عن مصدر شاشات التلفزيون التي يبيعها، لكنّه يؤكد أنّه لم يسرقها بل يشتريها من أشخاص يرتدون الزي الوطني ويبيعونها بالجملة. هؤلاء قد يكونون سرقوها من مكان ما كما يقول. يضيف: "تحصل بعض المداهمات للسوق بين وقت وآخر لكنّ هذه المداهمات تصادر البضائع فقط، بينما نهرب ونعود في الأسبوع الذي يليه ولا تكلفنا المصادرات الكثير كوننا نشتري البضائع بثمن قليل".

من جهة الزبائن، يقول رياض حسن ز.، وهو عامل بناء مصري لـ"العربي الجديد": "أشتري حاجياتي شهرياً من السوق، إذ أحصل على أحذية رياضية جديدة بأسعار ممتازة وأمواس حلاقة جديدة بسعر أقل من سعر السوق بكثير، بالإضافة إلى الهواتف المحمولة وبطاقات شحن الهاتف للاتصال ببلدنا". يضيف: "لا نريد السؤال عن مصدر هذه البضائع، فهمّنا هو الحصول على أغراض رخيصة في ظلّ الغلاء المتزايد". يستبعد رياض وجود ممنوعات في المكان: "لم أرَ أيّ ممنوعات تباع في المكان بسبب غلائها وعدم مقدرة العمال على الإيفاء بأسعارها وعدم حاجتهم إليها، كونهم يعملون في أغلب أوقاتهم".



في المقابل، يقول المقدم في جهاز الأمن العام التابع للشرطة الكويتية، عمر العدواني، لـ"العربي الجديد": "لا نملك صلاحية كاملة في مصادرة البضائع، بل يقتصر عملنا على مهمتين، الأولى هي اعتقال الباعة في السوق الذين لا يملك معظمهم إقامة سارية المفعول وإيداعهم السجن تمهيداً لإبعادهم، والثانية البحث عن مسروقات من ضمن البضائع التي يصادرها جهاز البلدية بالتعاون معنا". يبيّن: "اكتشفنا في إحدى المرات خرائط عسكرية مسروقة من أحد المعسكرات بالإضافة إلى كشافات ليلية وخوذات خاصة بالجنود تباع بأثمان رخيصة للعمال. أثارت هذه البضاعة الرأي العام وجرى تحويل الباعة إلى أمن الدولة واكتشفنا بعد ذلك أنّ أحد سائقي المنازل سرقها وباعها لأحد تجار الجملة من جنسيته، وهو من باعها في دوره لباعة المفرّق في سوق الحرامية، فاعتقلنا جميع المتورطين".

يضيف العدواني: "جهاز الشرطة يواجه عدة عوائق عند اقتحامه السوق، أولها كبر حجمه إذ يمتد على مدى البصر، وفيه مئات من الباعة والمتسوقين ولا يمكننا التمييز بينهم بسهولة، بالإضافة إلى أنّ طبيعة المنطقة وازدحامها السكاني يتيح للباعة التخفي بسهولة ويسر مع بضائعهم أو من دونها. كثيراً ما يجري تصوير حملات اعتقال المخالفين لقوانين الإقامة الذين يملكون سجلاً إجرامياً في الغالب على أنه اضطهاد لحقوق الإنسان، بالرغم من أنّنا نمارس عملنا في الحفاظ على الأمن في هذا المكان الخطير".




من جهته، يقول المسؤول في بلدية جليب الشيوخ، أحمد السهيل، لـ"العربي الجديد": "نراقب سوق الحرامية، وجميع الأسواق بشكل دائم، وننفذ مداهمات لهذه الأسواق غير القانونية بالتعاون مع جهاز الأمن العام وشرطة الهجرة، لكنّ كثرة أعداد الباعة تجعل من المستحيل السيطرة عليهم في وقت واحد، بالإضافة إلى أنّنا نعتبر أنّ وجودهم في مكان تسهل مراقبة البضائع التي تباع فيه خير من وجودهم في أماكن لا نعرفها".

يشير إلى أنّ "سوق الحرامية" ينقسم إلى ثلاثة أقسام، الأول هو قسم الخردوات المسروقة، والثاني هو قسم البضائع الجديدة المسروقة، والثالث هو قسم الفواكه والخضر التي تكاد لا تصلح للاستهلاك البشري لكنّ الإقبال عليها كبير. يعلّق: "نحن في جهاز البلدية نستهدف عدة أشياء أولها منع بيع الممنوعات والسجائر المسروقة، كونها تكلف الدولة مبالغ طائلة بسبب التهرب الضريبي، ثانيها منع بيع الفواكه والخضر كونها تؤثر على الصحة وتسبب التلوث، ومعظم مداهماتنا هي لقسم الفواكه من السوق إذ نتلف البضائع ونحرقها لتلك الأسباب الصحية".

لكنّ أحمد د.، وهو رب أسرة سوري يعيش في جليب الشيوخ ويتبضع دائماً من سوق الحرامية، يقول لـ"العربي الجديد": "يمكنك هنا الحصول على 10 بطيخات بسعر بطيخة واحدة في السوق المركزي ولا أخاف على عائلتي من الأمراض لأنّي أجرب الفواكه التي أشتريها بنفسي، وهي في رأيي جيدة، كما لا أهتم بما تقوله البلدية عنها وعن مصدرها".

دلالات