الإتجار بالأعضاء البشريّة يموّل داعش

الإتجار بالأعضاء البشريّة يموّل داعش

03 مارس 2015
اكتُشفت جثث تظهر عليها آثار شقوق (فرانس برس)
+ الخط -

انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار تفيد بأن تنظيم الدولة الإسلاميّة (داعش) في العراق يجنّد أطباء أجانب من حول العالم في صفوفه. وقد تردّد أيضاً أنه يلجأ إلى ذلك لأنه في حاجة إلى متخصصين لإجراء عمليات جراحيّة بهدف استئصال أعضاء داخليّة بشريّة، ومن ثم بيعها. وهذه الأعضاء، يحصل عليها التنظيم عادة من جثث مقاتليه الذين يسقطون في خلال المعارك والذين يُنقلون على الفور إلى المستشفى. كذلك تفيد الأخبار بأن بعض الأعضاء تؤخذ من رهائن أحياء ـ بعضهم من الأطفال ـ ينتمون إلى طوائف مختلفة من سورية والعراق. وفي محاولة لمتابعة حيثيات الموضوع، سألت "العربي الجديد" معنيّين وأهل اختصاص عن صحّة تلك الأخبار التي تتداولها تقارير وشهادات، منها ما هو أمميّ.

من وجهة نظر طبيّة بحت، تشرح المتخصصة في الأمراض الداخليّة والقلب جنان إحسان علي في حديث إلى "العربي الجديد"، أن "مثل هذه العمليات تستلزم معدات خاصة ومتطوّرة إلى جانب أطباء متخصّصين في المجال. فعمليات الاستئصال لا بدّ من أن تُجرى بعد الوفاة بوقت قصير، من أجل الحفاظ على سلامة العضو الذي نرغب في استئصاله من الجسم الأم". تضيف أن "الأمر يتطلّب أجهزة ذات مواصفات عالية، وكذلك صناديق حفظ مبرّدة لضمان سلامة العضو من أي تلف، في حال ارتفعت حرارته إلى أكثر من 37 درجة مئويّة". وتسأل الطبيبة هنا عن مدى إمكانيّة أن تكون مستشفيات محافظة نينوى مجهّزة بالشكل المطلوب.

وتشير مصادر طبيّة في الموصل (شمال العراق) إلى أن تنظيم "داعش" وظّف أطباء من جنسيات أجنبيّة للعمل في أحد مستشفيات المدينة، بغرض استئصال الأعضاء البشريّة حتى يُصار إلى الإتجار بها عن طريق شبكة متخصصة. تضيف أن التنظيم أنشأ وحدة خاصة مهمتها الوحيدة بيع الأعضاء البشريّة، كالقلوب والكلى والأكباد، في السوق العالميّة السوداء. ويأتي ذلك من خلال تهريب الأعضاء إلى الدول المجاورة، حيث تقوم عصابات متخصصة ببيعها وتؤمّن توصيلها إلى الشُّراة من مختلف أنحاء العالم.

وتتحدّث هذه المصادر عن حركة غير طبيعيّة تسجّل أخيراً داخل المستشفيات في الموصل، حيث يقوم التنظيم بتوظيف جراحين عرب وأجانب. وتلفت إلى أنه يمنع اختلاطهم مع الأطباء المحليّين. وتشرح أن هؤلاء الأطباء يجرون عمليات جراحيّة لمقاتلي التنظيم الذين يسقطون في أرض المعركة، وذلك بعد نقلهم على وجه السرعة إلى المستشفى. أيضاً، يخضع لهذه الجراحات مدنيّون وأشخاص يقوم التنظيم باختطافهم. تضيف المصادر أنه "وبعد إتمام تلك العمليات، تُنقل هذه الأعضاء من خلال شبكات متخصصة في الإتجار بالأعضاء البشريّة".
وتلفت إلى أن "ثمّة عشرات من الأطباء الذين أعدموا على أيدي عناصر داعش في الموصل، لرفضهم المشاركة في إجراء عمليات لاستئصال أعضاء من الجثث أو الأحياء".

بدوره، يوضح خبير أمني متخصص في مركز النهرَين التابع لمستشاريّة الأمن الوطني ـ فضّل عدم الكشف عن هويّته ـ لـ"العربي الجديد"، أن تنظيم داعش "يعمد إلى الإتجار بالأعضاء البشريّة، كمصدر من مصادر إيراداته في العراق". ويشير إلى أنّ "هذه العمليات بمعظمها تُنفّذ حالياً في مستوصف القيارة (جنوب الموصل)، وكذلك في مستشفى الموصل، وكلاهما يخضعان لسيطرة داعش. إلى ذلك، يسحب التنظيم الدم من الأسرى الذين حكم عليهم بالإعدام رغماً عنهم، كذلك ينتزع كلاهم قبل قتلهم".
ويتابع الخبير أن "الحكومة العراقيّة اكتشفت مقابر جماعيّة تحتوي على جثث عديدة تظهر عليها آثار شقوق في حين فقدت أعضاء منها. إلى ذلك، كانت الحكومة قد سجّلت في خلال تنصتها على اتصالات للتنظيم، أحاديث حول طلبات للحصول على أعضاء بشريّة".
تجدر الإشارة إلى أن سفير العراق لدى الأمم المتحدة، محمد الحكيم، كان قد طالب أخيراً مجلس الأمن الدولي بـ"النظر في المعلومات المتداولة حول إتجار داعش بالأعضاء البشريّة لتمويل عملياته الإرهابيّة في العراق وسورية".
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة "ديلي مَيل" البريطانيّة، في تقرير نشرته في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن تنظيم داعش يجني أكثر من مليونَي دولار أميركي سنوياً على خلفيّة الإتجار بالأعضاء البشريّة التي يستأصلها من جثث جنوده القتلى ومن الرهائن الأحياء بما في ذلك الأطفال منهم.

إلى ذلك، كان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى العراق المنتهية ولايته نيكولاي ملادينوف قد أشار عند إدلائه بشهادته أمام مجلس المنظمة، إلى ارتفاع عدد التقارير التي تتحدّث عن لجوء تنظيم داعش إلى الإتجار بالأعضاء كوسيلة لتمويل عملياته. وقال إنه "من الواضح جداً أن الوسائل التي يستخدمها هذا التنظيم تزداد يوماً بعد يوم".