انتخابات الدنمارك تحسم الجدل حول الاقتصاد والمهاجرين

انتخابات الدنمارك تحسم الجدل حول الاقتصاد والمهاجرين

5698EA23-7F4D-47FA-B256-09D7BCA82E5A
ناصر السهلي
صحافي فلسطيني، مراسل موقع وصحيفة "العربي الجديد" في أوروبا.
17 يونيو 2015
+ الخط -
يتوجه الناخبون الدنماركيون صباح غدٍ الخميس لانتخابات نيابية عامة قبل ثلاثة أشهر من انتهاء ولاية البرلمان الحالي، وسط جدل داخلي كبير بخصوص القضايا الاقتصادية والمهاجرين والاستقطاب الحاد بين "اليسار واليمين".

مرشح كتلة اليمين لارس لوكا راسموسن؛ والتي تضم أحزاب المحافظين واليمين والليبراليين، والذي خسر انتخابات 2011 لمصلحة الاشتراكيين الديمقراطيين وتحالفهم، يسعى عبر وعوده الانتخابية إلى تشديد القوانين المتعلقة بالإقامات للاجئين والمهاجرين. كما يتهم حكومة شميت بأنها "أغرقت البلاد باللاجئين من خلال جعل الدنمارك نقطة جذب، وفي المرتبة الأولى في استقبالهم من حيث عدد السكان".

وعدّ مراقبون وخبراء تصريحات زعيم المعارضة في مناظراته التلفزيونية "تلاعباً غير نظيف بالأرقام"، بينما قالت هيلي تورنينغ شميت التي تسعى للاستمرار في منصبها إن ما يقوله راسموسن وتحالفه "هو بمثابة حملة تخويف للناخبين دون أن تستند إلى وقائع".

النقاش والجدل بين الكتل والأحزاب حول اللاجئين يعده كثيرون مجرد محاولات تنافسية بين هؤلاء لكسب الأصوات، فحتى حكومة الاشتراكيين الديمقراطيين تحاجج بالرد على اليمين المحافظ "لقد قامت حكومتنا بإدخال تشديدات كبيرة على قوانين اللجوء والإقامات". وتستشهد رئيسة الوزراء الحالية بقوانين "الإقامات المؤقتة للسوريين، ومرور عام قبل بحث طلبات لم الشمل". وترد الأحزاب اليسارية على اتهامات اليمين بالقول: "لسنا نحن من اخترع الحرب في سورية حتى نجذب اللاجئين السوريين، بل هذا الواقع المأساوي ربما لا يراه اليمين المحافظ، ويريد فقط إغلاق الحدود وكأن لا كوارث تحدث".


يمتد الجدل في الوعود الانتخابية حول اللاجئين بطرح اليمين المتشدد والمحافظين إلى حد الادعاء، بأنه "في حالة تشكيلنا للحكومة القادمة فسوف نعمل مع الشركاء الأوروبيين على إغلاق الحدود بوجه اللاجئين، لنقيم لهم معسكرات على النموذج الدنماركي في دول الجوار، وخصوصا في تركيا ولبنان، بعد الاتفاق مع تلك الحكومات".

على الصعيد الاقتصادي، تتفاخر حكومة الاشتراكيين بأنها "أنقذت الدنمارك من الأزمة الاقتصادية العالمية". وتتهم المعارضة اليمينية بأنها لو حكمت فإنها سوف "تجعل الدنمارك ملاذاً للشركات الكبرى والتهرب الضريبي، وتريد بنفس الوقت تخفيضها عن الأثرياء، وليس أصحاب الدخل المحدود". ويحاصر معسكر اليسار اليمين المحافظ بسبب طروحاته عن "الخصخصة" في مجال العلاج، وهو أمر حساس جداً في البلاد التي تعتبر النظام الطبي أساس دولة الرفاهية المستقطعة من الضريبة، لكي يستطيع المواطن تلقي العلاج عند الأطباء بدون أن يدفع تكاليفها، فالدولة بمحافظاتها هي من تدفع أجور الأطباء. وتتخوف الطبقة العاملة من أن يذهب اليمين نحو "إصلاحات" في نظام المياومة، وتعويض البطالة بتخفيض المدة التي يستحق العاطلون عن العمل الحصول على التعويضات.

تتفاوت مواقف الأحزاب من القضايا المطروحة، فاليسار ويسار الوسط لا يرغبان بخصخصة قطاع العناية بكبار السن، بينما يفتح اليمين الباب أمام ذلك. أضف إلى ذلك الموقف من الإصلاح التعليمي حيث يختلف هؤلاء فيما بينهم على ساعات الدوام المدرسي في المرحلة الابتدائية.

وبخصوص"الأقليات الدينية" وإذا ما كانت رياض الأطفال وغيرها من المؤسسات قد "أخذت بعين الاعتبار مصالح الأقليات الدينية من حيث الطعام المقدم؟"، يعتبر اليمين أن عدم تقديم لحوم الخنزير، حيث يكثر الأطفال المسلمون وتوظيف محجبات في الروضات أمراً غير مقبول، بينما يوافق اليسار باستثناء حزب الشعب الاشتراكي على تلك الإجراءات.

أحزاب وشخصيات

اثنان في المائة هي الأصوات التي يتطلبها دخول الأحزاب للبرلمان، وعليه فإن 10 أحزاب تشارك في هذه الانتخابات مع شخصيات مستقلة لأحزاب لم تستطع استيفاء شروط الترشح، مثل الحزب الوطني الذي أسسه دنماركيون من أصل باكستاني.

ويترشح من الحزب الأخير يحيى حسن، فلسطيني الأصل في العشرين من العمر، مع ما يثيره من الجدل الاجتماعي والسياسي نتيجة مواقفه المتمردة على كل شيء في شعره وندواته التي يشارك فيها.

وتشير وسائل الإعلام وبعض خبراء الانتخابات منذ صبيحة اليوم الأربعاء إلى أن وزير الخارجية الحالي مارتن ليدغوورد، من حزب "الراديكال" لن يفوز بمقعد برلماني. وليدغوورد يواجه معارضة في قواعده بسبب موقفه المؤيد لإسرائيل، وتراجع حزبه بشكل كبير عن انتخابات 2011. ويتنبأ هؤلاء بأن تفقد السياسية من أصل تركي أوزليم سارة تشيكيك مقعدها عن حزب الشعب الاشتراكي الذي يعاني أيضا تراجعاً في استطلاعات الرأي.

ويلاحظ في هذه الانتخابات ترشح شخصيات نسائية كثيرة من أصول مهاجرة، عربية وتركية وباكستانية. وتحظى بعضهن بتأييد قواعد انتخابية دنماركية ومهاجرة. بينما تظل حظوظ السياسي والمرشح عن حزب المحافظين ناصر خضر قليلة مع تراجع حزبه في الاستطلاعات.

كتلتان متساويتان

قبل 24 ساعة من انطلاق الانتخابات تبدو الحظوظ متساوية بين الكتلتين المحافظة واليسارية، حسب الاستطلاعات. وبالرغم من تقدم حزب اللائحة الموحدة اليساري والشيوعي ليحصد 9.4 في المائة من الأصوات، وحصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي على 24.7 في المائة، إلا أن تراجع حزب الشعب الاشتراكي اليساري بأكثر من 4 في المائة، يعتبر معيقاً لتحالف هيلي تورنينغ شميت في الحفاظ على تأييد برلماني لاستمرارها في الحكم.

وتبدو حظوظ حزب "البديل" كبيرة في تخطي حاجز الـ2 في المائة، ويتوقع أن يختار الحزب الانضمام إلى كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين في تشكيل الحكومة القادمة. بينما حزب "الحزب الديمقراطي المسيحي" يقف أمام عتبة ال 1 في المائة مما يفقده مقاعده البرلمانية، وهو حزب ساوى في حملته بين الإسلام والنازية، وهو ما ينطبق على حزب المحافظين والذي ينتمي إليه السياسي من أصل فلسطيني ناصر خضر.

في هذا الجانب يتوقع خبراء الانتخابات بأن تحسم أصوات جزر الفارو وغرينلاند نتيجة الانتخابات، فكلتا الجزيرتين التابعتين لكوبنهاغن منذ 1814 وتشاركان في الانتخابات لاختيار نائبين عن كل منهما، وفي العادة يفوز الاشتراكي الديمقراطي في الجزيرتين.

أرقام ومشاهد

 النقاش الدائر عن اللاجئين السوريين يتعلق بـ8 آلاف لاجئ سوري ليس أكثر، بينما استقبلت السويد عشرات الآلاف بدون ذلك الضجيج الذي صنعه اليمين ويمين الوسط وتلاعب بالأرقام. ويريد حزب "اليسار" من يمين الوسط أن يدعو البرلمان إلى جلسة طارئة بعد الانتخابات، لوقف استقبال اللاجئين من خلال إدخال تشديدات كبيرة على قوانين اللجوء.

  • حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد بزعامه بيا كيرسغوورد، يتوقع له أن يلعب دوراً كبيراً في معسكر المحافظين، ويتساوى مع حزب "الجبهة الوطنية الفرنسية"، وغيره من الأحزاب اليمينية القومية الأوروبية.
  • حزبا اللائحة الموحدة الشعب الاشتراكي يقفان على يسار حزب رئيسة الوزراء هيلي تورنينغ شميت، ولكنهما في العادة يسميان الاشتراكيين لتأسيس الحكومة.
  • عدد المقاعد البرلمانية 179 بما فيهم 4 مقاعد لجزيرتي الفارو وغرينلاند. 135 نائبا يتم انتخابهم ضمن 17 دائرة انتخابية نسبية، و40 مقعداً يتم انتخابهم بدوائر انتخابية كبرى عبر تحالفات وتقسيم حسابي معقد. بينما المقاعد الأربعة الأخيرة للجزيرتين.
  • تتوزع الأحزاب الدنماركية بين كتلتين "الزرقاء و"الحمراء"، بحسب ما هو متعارف عليه، فالأولى هي تحالف يمين ويمين الوسط مع المحافظين، وتختار دائما سياسيا من أكبر أحزابها للتفاوض على تشكيل الحكومة. بينما الثانية وهي تحالف اليسار ويسار الوسط والخضر في حزب البديل. تقدم الكتلة الفائزة أسماء الوزراء إلى ملكة الدنمارك، للذهاب نحو تشكيل الحكومة التي تخضع لمفاوضات بين مختلف الأحزاب.
  • أكثر من 160 ألف دنماركي/دنماركية ممنوعون من حقهم الدستوري في المشاركة في الانتخابات؛ كونهم يملكون عناوين خارج البلاد، فحتى لو كان الشخص موظفاً حكومياً ويعيش على بعد 20 دقيقة عن كوبنهاغن، في ملمو السويدية لا يحق له التصويت، بينما السائح أو المسافر إلى الخارج مؤقتا يمكن له التصويت في القنصليات والسفارات.

اقرأ أيضاً:تحريم تصويت المسلمين في انتخابات الدنمارك