صدامات بين جزائريين ومهاجرين أفارقة.. قنبلة موقوتة

صدامات بين جزائريين ومهاجرين أفارقة.. قنبلة موقوتة

28 مارس 2016
مهاجرون في الجزائر (GETTY)
+ الخط -
حالة من الاحتقان والغضب لا تزال تطبع الشارع في مدينة بشار، جنوب العاصمة الجزائرية، مع إصرار سكان حي "غراسة" في قلب المدينة على ترحيل الرعايا الأفارقة من المنطقة، بسبب ما أسموه "تجاوزات المهاجرين".

واعتصم سكان المنطقة أياما عدة أمام مقر بلدية بشار، لحمل السلطات المحلية على الإذعان لمطالبهم بتهجير كل الأفارقة المتواجدين في الأحياء المعنية، موجهين لهم اتهامات بتحويل محلات عدة إلى أوكار لممارسة الرذيلة وشرب الخمور وتعاطي المخدرات.

وعلى غرار حي "غراسة"، شهد حي "الإنارة" مناوشات وصراعات عديدة، تحولت إلى احتجاجات عارمة ومشادات عنيفة بين السكان ومهاجرين أفارقة، تدخلت على إثرها قوات مكافحة الشغب لإخماد نارها، والتي بدأت بسبب تصرفات "غير سوية" من مهاجرين في مجتمع محافظ جداً في ولاية بشار، على حد تعبير المحتجين.

ويروي بعض سكان الحي لـ"العربي الجديد" أن عدداً من المهاجرين حاولوا استدراج فتاة لا يتجاوز عمرها التسع سنوات، ومحاولة اغتصابها في أحد المحلات، ما أثار سخطاً وغضباً لدى العائلة والسكان، وأدخل الشك في النفوس، وانتشر الخوف والتوجس لدى عائلات المنطقة،
خاصة أن حادثة مثل هذه وحوادث أخرى، منها تزوير العملات من طرف عصابات من جنسيات أفريقية وترويج المخدرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أخذت حيزاً كبيراً من اهتمامات الناشطين، ما جعل مخاوف الجزائريين تتعاظم.

هذه الحادثة وغيرها كادت أن تعصف بمدينة بشار وتدخلها في فوضى، لولا تعامل السلطات المحلية بحذر. ويظل السؤال المطروح في الشارع البشاري والجزائري على حد سواء، هل المهاجرون الأفارقة في الجزائر قنبلة موقوتة؟ سؤال يُطرح بإلحاح أمام المشاكل التي سببها بعضهم، أهمها الاغتصاب والسرقة وترويج المخدرات وتزوير العملة.

المختصة في الشأن الاجتماعي الإعلامية فاطمة رحماني رأت أن الحكومة الجزائرية مطالبة بتسيير هذا الملف بذكاء أكبر، خاصة أن الجزائر تقدم دوماً المساعدات للاجئين وتتكفل بتواجدهم على أراضيها وتعاملهم إنسانياً، وخصصت لهم مراكز إيواء عبر مختلف المدن الكبرى وفي المدن الجنوبية على الحدود.

اقرأ أيضاً: هيئة حقوقية: أفارقة يعملون بظروف صعبة بالجزائر

ودعت المتحدثة في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى ضرورة تسجيلهم ومنحهم رخص عمل في البناء، خاصة أن الجزائر لديها مشاريع سكنية ضخمة، فضلاً عن مشاريع الفلاحة في الجنوب أيضاً.

وشرحت رحماني أن ملف المهاجرين الأفارقة هو ملف "إنساني" بالدرجة الأولى، فأغلبهم هربوا من الجوع والفقر والاقتتال في بلدانهم، وفي النهاية يجب استغلالهم بعدالة اجتماعية، مع توفير العمل لهم، لتمكينهم من الاندماج في المجتمع الجزائري بوثائق رسمية، حتى تسهل مراقبتهم وتجنب المشاكل بينهم وبين السكان.


في المقابل، اعترفت الإعلامية بوجود "عنصرية" تواجه الأفارقة في الجزائر، ما يخلق الشحناء والبغضاء بين المواطن والمهاجر، مشددة على ضرورة تقنين تواجدهم في البلاد، تفادياً لأية منازعات تصل إلى حد الاحتجاجات العنيفة.

من جانبه، رأى المكلف بالملفات الخاصة في الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، هواري قدور، أن ما حدث في مدينة بشار وإعلان الأهالي رفض المهاجرين من مختلف الجنسيات الأفريقية يطرح عدة تساؤلات، واصفاً ذلك بـ"العدائية ضدهم".

وأضاف "بعض الجزائريين ينزعون نحو العنصرية تجاه الهاربين من بؤر التوتر نتيجة تسويق إعلامي ضد الأفارقة"، معيداً ذلك إلى "استحواذ هؤلاء الأفارقة على مناصب شغل، في حين لا يزال الجزائريون في الجنوب يحتجون من أجل الحصول على عمل".

كما لفت المتحدث إلى أن السلطات الجزائرية لبت رغبة بعض البلدان الأفريقية بترحيل رعاياها إلى موطنهم الأصلي، ومنها السلطات في النيجر، بعد استتباب الأمن في هذا البلد.

اقرأ أيضاً: المهاجرون الأفارقة في الجزائر.. قسوة الغربة ونبذ المجتمع

المساهمون