سوريّات يرفضن الزواج

سوريّات يرفضن الزواج

14 يناير 2016
لا نعرف كيف ستكون النهاية (الأناضول)
+ الخط -

"يقال إن الحرب شأن الرجال. أفترض إذن أن فقدان الأحبّة شأن النساء". يبدو أن هذه العبارة للكاتبة اللبنانية جمانة حداد، تنطبق على نساء سورية هذه الأيام. فالحرب المستمرة منذ نحو خمس سنوات دفعت رجالاً كثراً إلى المشاركة في القتال، حتى أنه بالكاد يمكن رؤية شباب يسيرون في الشوارع.

في الوقت الحالي، لا توجد إحصائيات تقارن بين نسبة الإناث والذكور في البلاد. من جهة أخرى، تقدر نسبة الشباب الذين فقدوا حياتهم خلال الحرب بنحو 85 في المائة، فيما تبلغ نسبة اللاجئين والمهاجرين إلى الدول الأوروبية نحو 70 في المائة، ليعيش الجميع على تقديرات شبه رسمية.

تغريد ح.، التي تجاوزت الثلاثين من عمرها، تقول إنها تفضل البقاء من دون زواج. تضيف أن "الحياة من دون زواج وشريك أفضل من الزواج وفقدان الزوج ودفنه وتقبل التعازي". من جهة أخرى، "قد يعتقل أو يجنّد، ويصير جندياً يخدم جيشاً يرميه قادته على ساحات القتال المجهولة، ولا يعرف من أين قد تأتيه رصاصة وترديه قتيلاً".

بدورها، ترى ناتالي ز. (28 عاماً) أن "البقاء من دون زواج نعمة هذه الأيام". تضيف: "هذه الأيام، إما يقتل الزوج أو يُفقد أو يختفي، لتبقى النساء حائرات وخائفات على أولادهن. وفي بعض الأحيان، يكن عاجزات عن إطعامهم". وتلفت إلى أنه "في أيامنا هذه، لا يجد الرجال أي عمل. فكيف يمكن للنساء إيجاد عمل؟".

وتسأل ورود ف. (24 عاماً): "لماذا أتزوج؟ المستقبل مجهول. لا نعرف كيف ستكون النهاية، فلا البلد مستقبله معروف، ولا حتى الأهالي الذين ما زالوا مقيمين فيه. هل هم أحياء ليهاجروا أم أموات ليدفنوا؟ لا أستطيع الإقدام على خطوة الزواج في ظل مستقبل مجهول للجميع".

وترفض فاطمة ح. (31 عاماً) فكرة الزواج من أساسها، لافتة إلى أن "الزواج عبارة عن انتحار بطيء في الوقت الحالي". وتسأل: "من سأتزوج؟ شبيح يقتل الناس ويسرقهم أم إرهابي (بحسب النظام) يحتمل أن يختفي عن الوجود في أية لحظة، أم ثوري دمه على كفه، وقد يدخل إليّ محمولاً في أية لحظة". ترى أن "الزواج بات عبارة عن انتحار بطيء في الوقت الحالي. فإن أردنا الزواج، من الأفضل الانتظار حتى تهدأ البلاد، ويعرف كل حي أين ستكون أرضه".

اقرأ أيضاً: سوريّات "يطرن" على دراجة

من جهتها، تتطرّق سعاد م. (26 عاماً) إلى مسألة تورّط الأب في أعمال خطرة قد تكون عاراً على الأولاد في المستقبل. تضيف أن "المستقبل مجهول وحاضرنا أيضاً مجهول. كيف أقبل الارتباط بشخص قرّر الانخراط مع جهات عدة، من دون أن يخبرني ماذا يفعل خارج المنزل، وقد يصدمني بنشاطاته فجأة؟ لا أريد لأطفالي أن يولدوا في بيئة مريضة ومشوهة كالتي نعيش فيها الآن. في الوقت الحالي، هناك شباب كثر تحولوا إلى قتلة، فيما باتت السرقة بالنسبة للبعض أمراً أكثر من عادي. هذا ما تكشفه لنا يوماً بعد يوم وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي، لنفاجأ بأفعال البعض من دون أن نتوقع ذلك. بعدها، يتركون تراب الوطن الذي سرقوه ليهاجروا إلى أوروبا".

في المقابل، بدا موقف هديل ع. (29 عاماً) إيجابياً. تقول إن الزواج بحد ذاته "قسمة ونصيب"، لافتة إلى أنه "لا أحد يعرف ما يخبئه المستقبل. ولا يرتبط الأمر بالظروف الصعبة التي نعيشها اليوم". تضيف: "هناك عشرات القصص التي مات خلالها الرجال في منازلهم من دون أن تكون هناك أية معارك". تضيف أن "الموت في يد الله. المهم أن نختار من كان على خلق ودين، وخصوصاً إن كان هناك شباب في الوقت الحالي، علماً بأن غالبية الشباب إما هاجروا أو قتلوا أو اعتقلوا. وللأسف، فإن الكثير منهم لا يستطيعون الزواج. ليست هناك أعمال ناجحة غير الحرب، ولا وظائف تسدّ الرمق".

فقدان الحماية

تشكل النساء والفتيات نحو 50 في المائة من أي مجموعة من اللاجئين أو النازحين، بحسب المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وغالباً ما تكون هذه الفئة من أشد المجموعات ضعفاً، نظراً لفقدانهن الحماية التي تؤمنها لهن منازلهن وحكومتهن، وفي كثير من الأحيان، هياكلهن الأسرية.

اقرأ أيضاً: ويفترقون في دول اللجوء

المساهمون