مائة تلميذ في صفّ مدرسيّ يمنيّ

مائة تلميذ في صفّ مدرسيّ يمنيّ

22 ابريل 2016
تلاميذ المرحلة الابتدائية يعانون أكثر من غيرهم (العربي الجديد)
+ الخط -
ينتهي الدوام المدرسي ويخرج التلميذ علي عبد الخالق من صفه من دون أن يكون قد تمكّن من كل ما شرحه الأساتذة. وهذا ليس مستغرباً في ظل الضجيج والفوضى واكتظاظ الفصل بعدد كبير من التلاميذ. ما زال في الصف الرابع ابتدائي، ويدرس في إحدى مدارس العاصمة اليمنية صنعاء. بات والده يفكّر في نقله إلى مدرسة خاصة، وإن كانت التكاليف مرتفعة، خشية أن يفقد ابنه فرصته في التعليم في ظل اكتظاظ الفصول في المدارس الحكومية. يقول لـ "العربي الجديد": "لا أخشى على أبنائي الأكبر سناً من مشكلة الاكتظاظ"، لافتاً إلى أنهم "أكثر قدرة على الإصغاء للأستاذ وتجاوز مشكلة الاكتظاظ". يضيف أن علي يشكو يومياً بسبب عدم قدرته
على استيعاب الدروس.

يتابع الوالد أنه زار ابنه في المدرسة. يقول: "حين رأيت عدد التلاميذ الموجودين في الفصل الواحد، أدركت استحالة أن يتابع ابني دراسته هنا". يضيف: "في بعض الأحيان، أعجز عن استيعاب أطفالي السبعة في المنزل، فكيف يكون عشرات التلاميذ موجودين في صف واحد؟". حسم قراره بنقل ابنه إلى مدرسة خاصة إلى حين إنهاء المرحلتين الابتدائية والإعدادية، على أن يعيده إلى تلك الحكومية في المرحلة الثانوية.
يعدّ وضع تلاميذ المرحلة الثانوية أفضل حالاً. وعلى الرغم من أن عدداً كبيراً من مدارس العاصمة تعاني بسبب اكتظاظ التلاميذ، إلا أن التلاميذ في تلك المرحلة أكثر قدرة على تجاوز هذه المشكلة. من جهة أخرى، يشكو المدرسون من صعوبة السيطرة على الصفّ.

في هذا الإطار، يقول أستاذ مادة الاجتماعيات في إحدى مدارس العاصمة عمر العبسي إنه يواجه صعوبة في إدارة الفصول الدراسية بسبب اكتظاظ التلاميذ، الذين يصل عددهم أحياناً إلى نحو مائة تلميذ. يضيف أن هذا الأمر "يحد من قدرة التلاميذ على الاستيعاب، ولا يساعدنا على إنهاء المنهاج الدراسي المفروض من قبل وزارة التربية والتعليم، ما يسّبب إرباكاً للتلاميذ في نهاية المطاف". يتابع أن عدد التلاميذ الكبير يصعّب عملية التواصل مع أولياء الأمور بهدف متابعة أبنائهم، لافتاً إلى أن "الحلّ قد يكون من خلال بناء المزيد من المدارس أو توسيعها، والاستعانة بالمزيد من المدرسين، والتعليم في فترة ما بعد الظهر". في الوقت نفسه، يشير إلى أن الفصول المزدحمة تؤدي إلى خلق مشاكل صحية وتنفسية.



بدوره، يؤكّد التربوي عصام عبده أن عدد التلاميذ في بعض الفصول يتجاوز الثمانين، ويصعب على أي مدرّس السيطرة على الصف وإيصال المعلومات. ويرى أن الأمر يعد محبطاً للمدرسين، وقد يدفعهم في أحيان كثيرة لاعتماد أسلوب الشرح التلقيني بدلاً من ذلك التفاعلي.
إلى ذلك، ساهمت الحرب في البلاد في زيادة عدد التلاميذ في الكثير من المدارس، وخصوصاً تلك الواقعة في مناطق آمنة نسبياً، على غرار مدارس محافظة إب وبعض القرى الريفية في بمحافظة تعز (وسط) ومحافظة مأرب (شرق) وغيرها من المحافظات.

من جهتها، تقول وزارة التربية والتعليم إن اكتظاظ التلاميذ يعد إحدى أهمالمشاكل التي تواجهها منذ فترة طويلة، مشيرة إلى وجود عوامل ومسببات عدة فاقمت هذه المشكلة. ويؤكد مدير عام مكتب نائب وزير التربية والتعليم أنيس ياسين أن اكتظاظ التلاميذ في الفصول الدراسية يؤثر على تلاميذ المرحلة الابتدائية بشكل خاص، لافتاً إلى أن الوزارة تعمل جاهدة لحل هذه المشكلة، إلا أن الظروف التي تعيشها البلاد منذ أكثر من عام، والتي أعاقت المشاريع التنموية، ما زالت تحول دون ذلك.

وعن المعوّقات، يقول ياسين لـ "العربي الجديد" إن عدم توفّر الإمكانيات المادية يمنع الوزارة من حلّ هذه المشكلة، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تتعلّق بتوزيع المدارس. يضيف أن "اختيار مواقع المدارس يحصل عشوائياً. تُبنى مدارس في مناطق لا توجد فيها كثافة سكانية، من دون الاهتمام بزيادة عدد المدارس في المناطق التي يكون عدد سكانها مرتفعاً"، مشيراً إلى أن هذه مشكلة ترتبط بالسلطات المحلية بدرجة كبيرة. يضيف أن مشكلة الاكتظاظ في الفصول الدراسية موجودة في المدن بشكل كبير، لأن الوزارة تعجز عن إيجاد أراضٍ لبناء مدارس جديدة في الأحياء المزدحمة. لذلك، تضطر بعض المراكز التعليمية إلى بناء ملاحق دراسية.
تجدر الإشارة إلى أن عدد التلاميذ في اليمن، بحسب إحصائيات عام 2014، يقدّر بأكثر من ستة ملايين تلميذ يتوزعون على أكثر من 15 ألف مدرسة في أنحاء البلاد.