الاحتلال حرم قسام البرغوثي من شهادته الجامعية

الاحتلال حرم قسام البرغوثي من شهادته الجامعية

01 مارس 2020
قسام ووالدته وداد البرغوثي (فيسبوك)
+ الخط -

ما زالت شهادة تخرّج الطالب الفلسطيني قسام البرغوثي البالغ من العمر 25 عاماً، حبيسة دائرة التسجيل في جامعة القدس الفلسطينية، نتيجة اعتقاله في سجون الاحتلال منذ 26 أغسطس/ آب من العام الماضي، بتهمة المشاركة في عملية عين بوبين التي نُفّذت في غرب رام الله، وسط الضفة الغربية، والتي قتلت فيها مُستوطنة إسرائيلية. واعتقل قسام بعد ثلاثة أيام من العملية، من منزل عائلته في قرية كوبر في محافظة رام الله، وذاق منذ ذلك الحين أنواعاً مختلفة من التعذيب على أيدي محقّقي الاحتلال الإسرائيلي.

في خلال حفل تخرّجه الذي لم يتمكّن من حضوره على خلفية اعتقاله، ذُكر اسم قاسم من بين أسماء زملائه. وتشير والدته وداد البرغوثي، وهي أستاذة الإعلام في جامعة بيرزيت، شمالي رام الله، إلى أنّ "قسام أنهى متطلبات التخرّج من قسم الإعلام في جامعة القدس - أبو ديس، لكنّه لم يتمكن من تسلّم شهادته". يُذكر أنّ قسام تعرّض للاعتقال أربع مرّات، أولاها عندما كان على وشك التخرّج من المرحلة الثانوية في المدرسة.

وتروي الوالدة ما حصل لـ"العربي الجديد"، بهدوء وتماسك لافتَين. وتفصّل: "في حدود الساعة الثانية فجراً، اقتحموا منزلنا. كان زوجي عبد الكريم قد شعر بحركة جنود الاحتلال حول المنزل، وما أن نزل من الطبقة العلوية حتى وجد الجنود وقد خلعوا الباب. أفلتوا عليه كلباً شرساً، فعضّه في أسفل ساقه قبل أن يعيد الكرّة مرّتَين في منطقة الفخذ. حينها هرع قسام صوب والده. لم ينتظر جنود الاحتلال نزوله الدرج، فلاقوه بالضرب ليفقد وعيه. لم يكتفوا بذلك، إذ جعلوا الكلب المفترس ينهشه أمام أعيننا، في مواضع مختلفة من جسده، الأمر الذي تطلّب علاجه لاحقاً في مستشفيات إسرائيلية وخضوعه لعمليات جراحية". تضيف الوالدة أنّ "جنود الاحتلال فرّغوا الصالون من الأثاث، ثم جلبوا كرسياً من المطبخ أرجله من المعدن. ظننا أنّهم سوف يثبّتون قسام على ذلك الكرسي، وأنّ صراخه الذي راح يصدح في ما بعد هو بسبب تعرّضه للضرب، لكنّنا عرفنا لاحقاً أنّ الجنود كانوا يُدخلون أرجل الكرسي المعدنية في جروح جسد قسام التي أحدثتها عضّات الكلب".

لم تنتهِ القصة المؤلمة هنا، فالتعذيب باختلاف أشكاله كان في انتظار قسام في مراكز التحقيق. ويقول والده عبد الكريم البرغوثي، وهو أسير سابق في سجون الاحتلال، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قسام أخبرني يوم تمكّنت من زيارته للمرّة الأولى بعد أربعة أشهر من اعتقاله في سجن عوفر، عن تعرّضه لأشكال كثيرة من التعذيب. وهو فقد وعيه مرّات عدّة في أثناء التعذيب فيما نُكئت جروحه أكثر، وذلك في خلال فترة التحقيق التي استمرّت 78 يوماً، عدا عن التعذيب النفسي".



وعائلة الأسير قسام البرغوثي تعرّضت لعقاب جماعي واعتقل الاحتلال فردَين منها. بداية، اعتقل الأخ الوحيد والأكبر كرمل (32 عاماً)، وذلك بعد خمسة أيام فقط من اعتقال قسام، قبل أن تُعتقَل الوالدة وداد بعد ساعات، وذلك صباح الأول من سبتمبر/ أيلول الماضي. تهمة كرمل، بحسب ما تقول العائلة لـ"العربي الجديد"، هي التحريض على موقع "فيسبوك"، وربما حاولوا إلصاق تهمة أخيه نفسها به، بحسب ما يلفت الوالدَين، ألا وهي المشاركة في عملية "عين بوبين". أمّا تهمة الوالدة وداد فهي ما قاله لها ضباط الاحتلال: "أنجبتِ ولداً (قسام) وسخاً، ولم تُجيدي تربيته".

أفرج الاحتلال الإسرائيلي عن وداد البرغوثي بعد 16 يوماً من الاعتقال، بكفالة مالية قدرها 40 ألف شيكل (نحو 12 ألف دولار أميركي)، مع فرض حبس منزلي عليها في المنطقة المصنّفة "ج" لمدّة شهرَين. أمّا كرمل، بحسب ما يقول الوالد عبد الكريم، فإنّه "من المفترض الإفراج عنه في التاسع من مارس/ آذار 2020، وهو الآن مع أخيه قسام في سجن نفحة بعدما كانا معاً كذلك في تحقيق المسكوبية ثمّ سجن عوفر"، مضيفاً "وقد تمكّنت من زيارتهما مرّتَين. لكنّ سلطات الاحتلال منعتني أخيراً من ذلك بحجة عدم التنسيق مع إدارة السجون".

ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بتعذيب قسام واعتقال والدته وأخيه، بحسب ما يوضح الوالد عبد الكريم، ففي 11 فبراير/ شباط المنصرم، أبلغت مؤسسة "هموكيد" الإسرائيلية أو مؤسسة الدفاع عن حقوق الفرد عائلة قسام البرغوثي أنّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرّرت هدم منزلها في قرية كوبر، الأمر الذي جعل الوالدَين يخليان منزلهما. وهما يعيشان اليوم مع زوجة ابنهما الأكبر كرمل وطفلَيه فرات (ثلاثة أعوام)، وكنان (10 أشهر)، في منزلٍ آخر.



وفي اليوم التالي، أي في 12 فبراير/ شباط، عقدت محكمة الاحتلال جلسة للأسيرَين قسام البرغوثي ويزن مغامس المتّهمَين بتنفيذ عملية "عين بوبين"، إلى جانب الأسيرَين سامر العربيد ونظام امطير. ولأن الاحتلال يمنع الوالدة وداد من زيارة قسام، أتت جلسة المحكمة هذه كفرصة ولو من بعيد. لكنّ الاحتلال لم يسمح بذلك، وتخبر الوالدة: "لم أستطع رؤية قسام ولو قليلاً. فقد حال بيني وبينه عناصر شرطة الاحتلال الذين شكلوا حاجزاً بشرياً بين الحضور من المؤسسات الحقوقية والمهتمّين وبين ابني قسام والأسير يزن مغامس"، لافتة إلى أنّ المحاكمة تأجلت إلى 18 مارس/ آذار المقبل.