تمييز جنسي في جامعات بريطانيا

تمييز جنسي في جامعات بريطانيا

12 أكتوبر 2014
الحادثة أبرزت مشكلة ثقافة المجتمع الذكوري (Getty)
+ الخط -
ليست الحادثة الأولى من نوعها في بلد الحريّات وحقوق الإنسان والمساواة. فحتى في بريطانيا، وتحديداً في بعض جامعاتها، تتعدّد أشكال الإساءة للمرأة. وقد شهد بعضها حملات تدعو إلى المساواة بين الجنسين، والالتفات إلى ذكاء المرأة قبل مظهرها الخارجي.
وأطلقت جامعتا "كامبريدج" و"أنغليا راسكن يونيفرسيتي"، العام الماضي، حملة ضد المجتمع الذكوري المهيمن على جامعات البلد، حملت عنوان "أحتاج إلى الأنوثة". بيد أن تلك الحملات لم تُجد نفعاً، بل ساءت الأمور، إلى أن طالت الفضيحة إحدى أهم الجامعات في العاصمة البريطانية لندن، وهي "لندن سكول إيكونوميكس"، ونشرت الصحافة خبر شتم طالبات ونعتهنّ بـ "القذارات".
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي المسألة، مما أثار موجة غضب حيال فريق "الروكبي" في الجامعة، بعدما وزّع منشورات "مهينة" لصورة الأنثى بشكل عام. وبدأ مسؤولون في الجامعة التحقيق مع الفريق إثر نعت بعض أعضائه طالبات الجامعة بـ "المومسات القذرات"، عدا عن "السخرية من المثليين ورفض قبولهم في الفريق".
ووزّع أحد أعضاء الفريق في حرم الجامعة منشورات تحوي كلمات جارحة ومهينة للنساء، مما أثار غضبهن. فبدأت الجامعة التحقيق بماهيّة المنشورات التي تتضمن سبع صفحات، يتباهى فيها أعضاء "الروكبي" بحياتهم الاجتماعية، إلى جانب احتقارهم للطالبات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المنشورات ظهرت بعد أسابيع من نشر إحصائيات تفيد بأن ثلث الطالبات في بريطانيا يعانين من "ثقافة المجتمع الذكوري"، واتهمت الوحدة الوطنية للطلاب الجامعات بالتقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع حد لهذه الانتهاكات.
وفوجئ الطلاب الجدد خلال أسبوعهم الدراسي الأول في الجامعة بهذه المنشورات، وتداولوا أخبارها بشكل واسع على "تويتر"، مستخدمين هاشتاغ "رهاب المثلية"، و "كل يوم تمييز جنسي"، اللذين ساهما بتعزيز صورة العداء الذكوري للإناث والمثليين في الجامعة. أمر دفع أحد طلاّب الدراسات العليا إلى المطالبة "بوقف فوري لتلك الأعمال المبالغ فيها". كما تعرّض فريق "الروكبي" لانتقادات لاذعة من بعض طلاب الجامعة.
وقرّر التنظيم الطلاّبي عقد جلسة حوار مفتوح لمناقشة ثقافة التمييز الجنسي في ممارسة الألعاب الرياضية في الجامعات. وأعربت المسؤولة عن مجتمع الإناث في حرم الجامعة نتالي نان عن "عدم إحساسها بالغضب لدى قراءة المنشورات، لأنّ ثقافة الاغتصاب في الجامعة وصلت إلى أبعد المستويات". وأشارت إلى "إنشاء صفحة على فيسبوك العام الماضي، حملت اسم التمييز الجنسي في لندن سكول إيكونوميكس، بهدف المساعدة على توثيق جميع الانتهاكات في ملفات".
وفي دفاعه عن المثليين، قال المتحدث باسمهم في الجامعة أليكس لونج: "يعتقد بعض الأشخاص أن الأمر مجرد دعابة. بيد أنّني أرى أن المنشورات تخطّت الحدود"، معرباً عن خيبته من فريق "الروكبي"، مشيراً إلى "حق كل إنسان بممارسة الرياضة على أنواعها، بغض النظر عن ميوله الجنسية".
بدورها، أعربت قائدة فريق "الروكبي" للنساء جوليا ريلاند عن استيائها وغضبها مما جاء في المنشورات، انطلاقاً من الجهود الجبارة التي قامت بها نساء الفريق، لتغيير تلك الصورة التقليدية عن المرأة. ولا تزال إدارة الجامعة تحقق مع جميع الأطراف وتستمع إلى الأفراد الذين قدّموا الشكاوى، على أن تتخذ الإجراءات المناسبة في وقت لاحق.
ووضعت الجامعة مسألة المنشورات ضمن أولوياتها، لما لها من أثر سلبي على الطلاب والمجتمع، بعدما تلقت العديد من الشكاوى. وأكدت التزامها بمبادئ الجامعة المتمثّلة بالتنوّع وقبول الآخر، وسعيها الدائم إلى بلوغ أقصى درجات الانفتاح والاحترام.
حادثة "لندن سكول إيكونوميكس" أبرزت مشكلة "ثقافة المجتمع الذكوري" التي تعاني منها جامعات بريطانيا. حتى إن وحدة التنظيم الطلابي الوطنية اتهمت سلطات الجامعة بالتقصير في معالجة هذه المسألة.
في المقابل، أدرجت جامعتا "كامبريدج" و"أوكسفورد" ضمن منهاج طلاب السنة الدراسية الأولى، محاضرة تشرح أوجه الاختلاف بين العلاقة الجنسية المتفق عليها، والعلاقة المفروضة من أحد الطرفين. ولم تكتف "كامبريدج" بذلك، بل خصّصت ورشة عمل للطلاّب الجدد، تناقش كيفية تجنّب الاغتصاب والتحرّش الجنسي. أما فريق "الروكبي"، فقد كتب رسالة اعتذار، وتعهّد بالتزامه بحضور ورش العمل المفروضة على الطلاب.

دلالات

المساهمون