الاحتلال ينتقم من عائلة الأسير عمر العبد بهدم منزلها

الاحتلال ينتقم من عائلة الأسير عمر العبد بهدم منزلها

16 اغسطس 2017
الأسير العبد ووالدته (العربي الجديد)
+ الخط -
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ نحو شهر الانتقام من عائلة الأسير الفلسطيني الجريح عمر عبد الجليل العبد (21 عاماً) من قرية كوبر شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، بعد تنفيذه عملية طعن في 21 يوليو/ تموز الماضي، داخل مستوطنة حلميش المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال رام الله، قتل فيها ثلاثة مستوطنين واعتقل عمر مصاباً. في الوقت نفسه، تصرّ العائلة وأهالي كوبر عامة على الصمود أمام ممارسات الاحتلال وحملاته الانتقامية الجماعية التي أدت فجر اليوم الأربعاء إلى هدم منزل العائلة.

فقد شهد محيط منزل العائلة قبل هدمه فجر اليوم مواجهات مع قوات الاحتلال، إذ حاول الأهالي التصدي لهم ما أوقع عدداً من حالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع والإصابات بالرصاص المطاطي في صفوف الأهالي نقل بعضها إلى المستشفيات.

وكانت قوات الاحتلال قد اقنحمت، بعد ساعات فقط عن كشف هوية منفذ عملية حلميش، قرية كوبر ودهمت منزل عائلة الشاب العبد، وأخضعت عائلته للتحقيق الميداني وسط كيل من الشتائم والألفاظ النابية، وتفتيش تخريبي لمحتويات المنزل، واعتقلت شقيقه منير، ثم أخذت قياسات المنزل وهددت بهدمه شفوياً، ثم أخطرت بهدم المنزل بعد أيام إثر تسليم العائلة بلاغاً مكتوباً بذلك. ولم تسلم كذلك والدة عمر، ابتسام العبد من الاعتقال، إذ اعتقلت مرتين آخرهما الأحد الماضي. فرضت عليها في المرة الأولى غرامة مالية تقدر بنحو 2500 دولار أميركي، ومنعت من التصريح لوسائل الإعلام وهددت بالاعتقال في حال صرّحت.

يوضح خليل العبد، وهو عم الأسير عمر العبد لـ"العربي الجديد" أنّ "العائلة حريصة ألاّ تصرّح والدة عمر لوسائل الإعلام كي لا يجري اعتقالها، وقد التزمت بذلك، لكنّ قوات الاحتلال أعادت اعتقالها، ضمن حملة انتقامية من العائلة".

بعد عملية حلميش لم تسلم كلّ العائلة من الانتقام والاعتقال، فاعتقل عبد الجليل العبد والد عمر، وكذلك خالد شقيق عمر الذي اعتقل الأحد الماضي مع والدته، بالإضافة إلى ابن عمه ياسر، وعمّه الصحافي إبراهيم العبد، ولم يبق في المنزل غير شقيقة عمر وشقيقه البكر محمد علماً أنّ لديه مشاكل عقلية.

بالرغم من كلّ ما جرى مع عائلة عمر، فإنّ أعمام العبد يشرفون على العائلة، بل يقف أهالي كوبر عامة داعمين صمود العائلة، ويؤكدون أنّ عمر هو ابن كوبر عامة وليس ابن عائلة العبد فقط. هذا الدعم يخفف من معاناة العائلة وقلقها على نجلها عمر المصاب، إذ إنّ وضعه استقر الآن بعد إصابته في بطنه، ويخضع للتحقيق هو وشقيقه منير في مركز تحقيق المسكوبية.

بعد إخطار الاحتلال عائلة العبد بهدم منزلها، اضطرت العائلة بمساعدة أهالي كوبر إلى إخلاء المنزل من جميع محتوياته، ولم ينجح اعتراض العائلة. مع ذلك، فإنّ أهالي كوبر وعائلة العبد يؤكدون أنّهم سيعيدون بناء منزل العائلة بعد هدمه ولن يتركوا العائلة وحدها، فقد أبدى أحد أقرباء السيد عبد الجليل العبد استعداده للتبرع بقطعة أرض لبناء منزل بديل عليها.





ربما تفسر وصية الأسير عمر العبد ما يبدو واضحاً من تضامن الأهالي مع عائلة العبد، إذ أوصى قبل تنفيذه العملية في منشور على صفحته في "فيسبوك" أن يكون والداه وعائلته "أمانة في رقاب المسلمين". ومع إشارته إلى أنّه يريد الانتصار للمسجد الأقصى وللمقدسيين، أوصى في حال استشهاده بلفّ رأسه بكوفية الرئيس الراحل ياسر عرفات، وتعصيبه بعصبة كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس.

الشاب عمر نشأ في عائلة ملتزمة دينياً وأسرة متماسكة ومترابطة. وبالرغم من صغر سنه، فهو المحبوب من عائلته وأهالي قريته، كان هادئاً، واجتماعياً، وملتزما دينياً يحافظ على صلاته في المسجد، وعلى صيام التطوع، بحسب عمه. وما يميز عمر صمته الواضح، فقد كان يحب وطنه ويتأثر بممارسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين. كذلك، هو شاب طموح يحب الحياة ويريد أن يبني مستقبله كأيّ شاب فلسطيني، فقد كان طالباً في جامعة القدس المفتوحة باختصاص إدارة الأعمال بنظام التعليم عن بعد. وكان يعمل في مصنع لإنتاج حجر البناء، بحسب خليل العبد، الذي وضع طوال أربع سنوات على ثلاث دفعات رهن الاعتقال الإداري (بلا تهمة).

يؤكد خليل العبد أنّ عائلة العبد تفتخر بتعاون وتضامن أهالي قرية كوبر مع العائلة ووقوفهم إلى جانبها: "الجميع من أهالي كوبر يسأل عنا ويبدي استعداده لدعم العائلة بعد هدم البيت، علاوة على تضامن القرى المجاورة معنا ومع أهالي القرية إذ يوجد ترابط اجتماعي قوي. هذا الدعم يقوّي همة العائلة يوماً بعد يوم، حتى والدة عمر كانت صابرة صامدة وصلبة في مواجهة انتقام الاحتلال".

قدمت قرية كوبر على مدار سنوات الثورة الفلسطينية بما فيها الانتفاضات الثلاث، العديد من المقاومين والأسرى أبرزهم عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي والقيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، وعميد الأسرى المحررين نائل البرغوثي، بالإضافة إلى العديد من الأسرى المحكومين بأحكام مرتفعة، ومنهم من أبعد إلى قطاع غزة بعد صفقة التبادل المعروفة باسم "وفاء الأحرار" التي أبرمت عام 2011.

من جهتها، تواصل قوات الاحتلال حصار قرية كوبر وإغلاق مداخلها بالسواتر الترابية منذ 22 يوليو/تموز الماضي، ويصرّ الأهالي على فتح مداخلها التي تعاود قوات الاحتلال إغلاقها بين كرّ وفرّ، فيما يتخلل الحصار اقتحام للقرية واندلاع مواجهات مع شبان منها، وكذلك عمليات دهم وتفتيش وتخريب لمحتويات المنازل وسرقة أموال، ومصادرة ممتلكات، واعتداءات على الأهالي، واعتقالات. كذلك، حاول المستوطنون الهجوم على أهالي القرية بحماية من قوات الاحتلال، لكنّ الأهالي دافعوا عنها وطردوا المستوطنين.