الحريديم ينتصرون تعليمياً

الحريديم ينتصرون تعليمياً

26 يوليو 2016
يتلقون تعليماً دينياً ولغة عبرية وشيئاً من الرياضيات(فرانس برس)
+ الخط -
في خطوة تعتبر من أوضح المؤشرات على حجم تأثير الأحزاب الدينية المتطرفة في إسرائيل على الائتلاف الحاكم، قرّرت الحكومة الإسرائيلية التراجع عن تطبيق قانون يجبر المؤسسات التعليمية التي يديرها اليمين المتطرف "الحريديم" على تدريس العلوم الطبيعية والرياضيات والإنكليزية والتقنيات المتقدمة.

جاء التراجع عن تطبيق القانون، الذي سنّ قبل عامين ونصف، نتيجة للضغوط التي مارسها ممثلا الحريديم في الحكومة، وهما حركة "شاس" وحزب "يهدوت هتوراه". فالحزبان ضمّنا الاتفاق الائتلافي الذي على أساسه انضما إلى الحكومة الحالية بنداً ينص على إلغاء هذا القانون. وبالتالي، فإنّ مناهج التعليم في المدارس الحريدية ستواصل الاقتصار على تعليم العلوم الدينية واللغة العبرية، ومبادئ بسيطة وأساسية من الرياضيات.

وكان وزير المالية السابق يئير لبيد الذي يرأس حزب "ييش عتيد" العلماني، تمكن أثناء مشاركة حزبه في الحكومة السابقة، من تمرير قانون في الكنيست يقضي بأن تمول الحكومة فقط المدارس التي تلتزم تدريس المواد العلمية والرياضيات، في حين يتولى التيار الحريدي وأولياء الأمور تمويل العملية التعليمية في المدارس التي لا تلتزم بتدريس هذه المواد.

وبحسب تقرير نشره أمس الاثنين موقع "والا" الإخباري فإنّ 400 ألف تلميذ يدرسون في المدارس الحريدية سيواصلون تلقي تعليمهم من دون دراسة المواد العلمية والرياضيات المتقدمة.

بدورها، اعتبرت صحيفة "هارتس" في افتتاحية عددها أمس أنّ تراجع الحكومة عن إلزام المدارس الحريدية بتعليم المواد العلمية والرياضيات يعد تجاوزاً للقانون الإسرائيلي الذي ينص على أنّ تمويل المدارس في إسرائيل يتوقف على مدى التزامها بتدريس هذه المواد. وأشارت الصحيفة إلى أنّ المدارس العلمانية التي تدرّس المواد العلمية والرياضيات تحصل على تمويل بنسبة 100 في المائة، مستهجنة أن توافق الحكومة على منح تمويل بنسبة 100 في المائة إلى "شبكة التعليم المستقل" التابع لحزب "يهدوت هتوراه"، وشبكة "همعيان للتعليم التوراتي" التابع لحركة "شاس" على الرغم من أنّ الشبكتين لا تلتزمان بتدريس المواد العلمية والرياضيات. وأوضحت أنّ مستوى تلاميذ المدراس الحريدية عندما ينهون تعليمهم المدرسي، سيكون مساوياً لمستوى تلاميذ الرابع الابتدائي في المدارس العلمانية. وحذرت من أنّ إعفاء الحكومة المدارس الحريدية من تعليم المواد العلمية والرياضيات ينطوي على مخاطر اقتصادية جمة، مشيرة إلى أنّ قدرة الحريديم على الاندماج في سوق العمل متدنية بسبب ضعف تحصيلهم العلمي، لا سيما عدم إلمامهم بأيّ مستوى من مستويات تعلم اللغة الإنكليزية. كما أشارت إلى أنّ الحكومة، من خلال خضوعها إلى إملاءات الأحزاب المتشددة، توجه ضربة إلى أبناء التيار الحريدي، الذين سيكون عليهم الاندماج في الأعمال والوظائف ذات العائد المادي المنخفض.

واتهمت "هارتس" رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بالتسبب في "انتحار اقتصادي" لأنّ موافقته على إعفاء الحريديم من تعلم المواد العلمية والرياضيات يعني "بروز جيل من الجهلة والفقراء". ونوهت إلى أنّ التسليم بعدم تعلم هذه المواد يعني ضمان تخلف إسرائيل مقارنة بالدول المتطورة.

من ناحيتها، تقول الباحثة إيكي أردميك إنّ رفض الحركات الحريدية إحداث تغيير على طابع وجوهر مواد التعليم في مدارسها ينبع من تصميمها على عدم السماح لأي طرف، ولو كانت الحكومة، بالتدخل في مسار العملية التعليمية في شبكاتها. وفي مقال نشره موقع "والا" نوهت أردميك إلى أنّ القيادات الحريدية أرادت من خلال تصميمها على تضمين الاتفاق الإئتلافي الذي على أساسه تشكلت الحكومة الحالية بنداً يلغي قرار فرض تدريس "مواد الجوهر" التأكيد على استقلالية المجتمع الحريدي عن المجتمع الإسرائيلي. ونوهت أردميك إلى أنّ "الإنجازات" التي حققها الحريديم لا تقتصر على إلغاء القانون الذي يجبرهم على تدريس المواد العلمية والرياضيات، بل أيضاً إلغاء قانون آخر ينص على تقليص عدد شباب الحريديم المعفيين سنوياً من الخدمة العسكرية. وكذلك، تمكن الأحزاب الحريدية من زيادة المخصصات الشهرية التي تدفعها الدولة إلى الأطفال، والتي يستفيد منها بشكل خاص الحريديم، خصوصاً أنّ معدل الولادات للمرأة الحريدية هو ثمانية أطفال. وبحسب أردميك، فقد تمكنت الأحزاب الحريدية من تشريع قانون يلزم المجالس البلدية بتمويل الأنشطة في المؤسسات الاجتماعية والثقافية للحريديم.

من ناحيته، يعزو المعلق المختص في شؤون الحركات الحريدية شاحر إيلان إصرار الأحزاب والمرجعيات الحريدية على حرمان التلاميذ من تعلم المواد العلمية والرياضيات إلى رغبتها في ضمان إبقاء هؤلاء الطلاب ضمن المجتمع الحريدي. وينوّه إيلان إلى أنّ تلك القيادات تعي أنّ حصول الشباب الحريدي على تعليم مناسب يعني تحسين فرص اندماجهم في المجتمع الإسرائيلي مما يزيد من "خطر" ابتعادهم عن التيار الذي ترعرعوا فيه.

المساهمون