حلويات العيد السورية من التقاليد

حلويات العيد السورية من التقاليد

30 اغسطس 2017
الحلويات في إدلب (تصوير: عامر السيد علي)
+ الخط -


يعزف عدد كبير من السوريين، للعام السادس على التوالي، عن الإقبال على شراء حلويات العيد الجاهزة بسبب أسعارها المرتفعة، وميل القسم الأكبر إلى تحضيرها منزلياً، ورغم ذلك فإن الأسواق بدأت تتزين بكميات كبيرة من الحلويات المعروضة، إذ يتفنن أصحاب المحال بطريقة عرض حلوياتهم لجذب انتباه الناس.

ومن اللافت للانتباه، اختلاف الأسعار الكبير حتى بين أنواع الصنف الواحد. يقول أبو عماد، وهو صاحب أحد محال بيع الحلويات في مدينة حلب، إن "أسعار الحلويات مرتفعة نتيجة لارتفاع أسعار المواد الأولية كالفستق والجوز والسمن. قبيل العيد بأسبوعين نتفرغ بشكل كامل لتحضير أنواع الكعك والمعمول. في ظل الظروف الاقتصادية الحالية بتنا نتفنن في ابتكار شرائح متعددة للصنف الواحد، لنحاول إرضاء جميع الشرائح الاجتماعية. بالنسبة للكعك على سبيل المثال لدينا ذلك المصنوع بالسمن نخب أول، وآخر بالسمن العادي، وآخر بالزيت. وهكذا، يستطيع المشتري أن يختار ما يناسبه".

ويضيف "تنشط حركة بيع الحلويات في اليومين السابقين للعيد، ويبدو لنا أن أكثر الأنواع رواجاً هذا العام هو معمول العجوة وكعك ماء الجبن. لاحظت هذا العام أن عدداً كبيراً من الزبائن يشترون علباً من المعمول لإرسالها إلى أقاربهم في خارج سورية، وكوني أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من 20 عاماً، يسعدني جداً أن أجد السوريين يطلبون المنتجات المحليّة وهم يعيشون في الخارج. في اعتقادي أن السر هو في جودة المواد الأولية التي تتوفر هنا كالسمن الأصلي والفستق الحلبي الذي لا يوازيه طعم الفستق الذي يزرع في أي دولة أخرى، ونفَسُنا الطيب في تحضيرها، فتحضير الحلوى فن لا يتقنه أي كان".

وتشتهر كل محافظة سورية بجودة أحد أنواع الحلوى، إذ تُعرف دمشق بـ"البرازق"، وحمص بحلاوة الجبن، والحسكة ودير الزور بالبقلاوة، وإدلب وحماه بـ"الشعيبيات" وحلب بـ"الكنافة"، و"غزل البنات المحشو بالفستق الحلبي والكرابيج".

تفتخر شاهناز (48 عاماً) من حلب ببراعتها في تحضير "معمول الكرابيج". تقول إن "حلويات العيد في حلب تتميز عن غيرها من المحافظات السورية بالكرابيج، وهي نوع من أنواع المعمول المحشو بالفستق الحلبي أو الجوز، أو يرش بالسكر الأبيض الناعم أو يغطى بالناطف، وهو سائل أبيض يحل مكان القطر، يعطي الكرابيج مظهراً أبيض جميلاً يزين طاولات الحلويات".


حلويات ينشط سوقها في العيد (عامر السيد علي) 




وللسوريين مزاج خاص في تحضير وتقديم حلويات العيد، تقول أمل (44 عاماً) من إدلب "نحضر الكعك والمعمول في ليلة العيد أو في الليلة السابقة، فرائحة الكعك التي تعبق في الحارات والأبنية ترمز إلى قدوم العيد. وللتحضير أجواء خاصة، إذ تتعاون السيدات في تحضير وجبات المعمول والكعك، فهذه الأنواع من الحلويات صعبة التحضير ولا تجدها في البيوت خارج أيام الأعياد، تتجمع السيدات منذ ساعات العصر لعجن العجين وتحضير الحشوة، فتتسلم كل سيدة مهمة، وغالباً لا تنتهي حفلة التحضير إلا في ساعات متأخرة من اليوم".

وتردف أمل بالقول "أما عن تقديم حلويات العيد، فهي الضيافة الأساسية التي يقدمها الناس لزوارهم خلال أيام العيد. في الزيارات العائلية تقدم مع أنواع الفواكه والمشروبات، وعادة ما تبقى طاولة الحلويات حاضرة وجاهزة طوال اليوم لتزيّن الصالات. أما في الزيارات الرسمية فتقدم الحلويات مع القهوة العادية أو القهوة العربية المرّة".


أنواع من الحلويات جاهزة على مدار العام (عامر السيد علي) 


وتعد الحلويات السورية من أشهر أنواع الحلويات في المنطقة العربية، لعراقتها وبراعة صانعيها، حتى بات العديد من محلات صنع الحلويات في دمشق معالم لجذب السياح خلال السنوات السابقة لاندلاع الحرب في سورية، وهدية ثمينة يصطحبها السياح والزائرون معهم عند عودتهم إلى بلادهم.

يروي بادر، وهو شاب سوري حلبي يعمل في صناعة الحلويات في اللاذقية، "بسبب الحرب، نقل السوريون معهم مهاراتهم في صناعة الحلويات أينما ذهبوا، فباتت الكثير من الأسماء المعروفة في حلب ودمشق منتشرة في المحافظات السورية الأخرى، وفي دول الجوار كتركيا والأردن ومصر وعدد من دول الخليج، وباتت تنافس الحلويات المحلية لتلك المناطق"، يتابع "في عام 2014 نزحنا إلى اللاذقية بسبب تدهور الأوضاع في حلب، ثم قررنا افتتاح محل هنا، ولاقينا إقبالاً كبيراً من الزبائن. وتوجد محاولات من قبل بعض المتنفذين في السوق لإغلاق المحل بسبب المنافسة".

المانفسة قوية في صناعة الحلويات (عامر السيد علي) 


وعن سر جودة الحلويات الحلبية يقول "طبعاً لا يكفي توفّر المكونات الجيدة لتحضير مذاق مميز، هناك طرائق تحضير سرية متوارثة تمتاز بها المحلات المعروفة، ولا يعرفها عادة إلا العاملون فيها".