كورونا الجديد... لا لقاحات في المدى المنظور

كورونا الجديد... لا لقاحات في المدى المنظور

07 مارس 2020
انحسار "مطمئن" للإصابات في الصين (فرانس برس)
+ الخط -

في حين تتزايد الإصابات المؤكّدة بفيروس كورونا الجديد حول العالم، فإنّها تسجّل في الصين تراجعاً ملحوظاً، الأمر الذي يعجّل من إمكانية رفع الحجر الصحي المفروض على إقليم هوبي وعاصمته ووهان، مركز تفشّي الفيروس.

تخطّى عدد المصابين بفيروس كورونا الجديد حول العالم عتبة المائة ألف، أمس الجمعة، في حين تُسجَّل حالة من القلق على خلفيّة تفشّي العدوى في بقاع مختلفة على الرغم من تحذير خبراء كثر من "المبالغة" في هذا السياق، لا سيّما أنّ نسبة الشفاء تفوق 55 في المائة الآن. ويبدو أنّه من غير الممكن لجم الخوف الذي يعبّر عنه كثيرون، لا سيّما مع عبور الفيروس الذي وُصف بداية بالغامض كلّ الحدود انطلاقاً من مدينة ووهان الصينية في إقليم هوبي، وسط البلاد.

ويزداد الخوف مع إجراءات مشدّدة تتّخذها حكومات مختلفة، ظنّاً منها أنّها سوف تتمكّن بذلك من محاصرة الفيروس والسيطرة عليه. وفي هذا الإطار، دعت رئيسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة ميشيل باشليه، أمس الجمعة، الحكومات التي تلجأ إلى إقفال مناطق وفرض حجر صحي لمكافحة كورونا الجديد، إلى ضمان احترام حقوق الإنسان وتجنّب أيّ تداعيات غير مقصودة على مصادر رزق الناس. وشدّد بيان صادر عن مكتب باشليه على أنّ "عمليات الإغلاق والعزل وغيرها من الإجراءات الآيلة إلى احتواء انتشار فيروس كورونا الجديد ومكافحة تفشيه يجب أن تتمّ بطريقة تتوافق تماماً مع معايير حقوق الإنسان وبأسلوب يتناسب مع تقييم الخطر".

وفي أبرز المستجدّات الأخيرة، سُجّلت في دولة الفاتيكان إصابة أولى بفيروس كورونا الجديد، أمس الجمعة، فعُلّقت على الأثر خدمة معاينة المرضى في العيادة الطبيّة، حيث أظهرت الفحوصات العدوى. يُذكر أنّ العيادة تُستخدم من قبل رجال الدين والمقيمين والموظفين، بمن فيهم المتقاعدين، في هذه الدولة الصغيرة التي يُقدَّر عدد سكّانها بألف شخص. وبحسب ما صرّح المتحدّث باسم الفاتيكان، ماتيو بروني، فإنّ السلطات المعنيّة تتواصل مع كلّ من زار العيادة وفق ما ينصّ البروتوكول الصحيّ، فيما ستُنظّف العيادة وتُعقَّم من دون إغلاق قسم الطوارئ.



وفي حين تعمل مختبرات مختلفة حول العالم على لقاحات خاصة لفيروس كورونا الجديد وتُجرى اختبارات سريرية وغيرها، صرّح كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، سير باتريك فالانس: "لا أظنّ بأنّه من الممكن إنتاج لقاح لمكافحة موجة التفشّي الحالية أو بالكميّة الكافية لمحاربته". أضاف أنّ العلماء يقومون حالياً ببعض التجارب على الحيوانات للتوصّل إلى لقاح، وفي حال نجاح تجاربهم "فسوف تجرى تجارب على البشر في أواخر العام الجاري". وأوضح أنه "في حال تمكّن العلماء من التوصّل إلى لقاح قبل نهاية العام الجاري، سيبقى أمامنا تحدي إنتاج هذا اللقاح بكميّات هائلة"، لافتاً إلى أنّه "يبدو معقولاً القول إنّنا قادرون على التوصّل إلى هذا اللقاح في خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة". وقد أتت تصريحات فالانس بعد يوم واحد من إعلان السلطات الصحية البريطانية، أوّل من أمس الخميس، عن وفاة أولى بالفيروس الجديد.

وبينما أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس الجمعة، أنّ ثمّة 20 لقاحاً قيد التطوير، يُذكر أنّه كان قد صرّح قبل نحو شهر بأنّ اللقاح الأوّل لفيروس كورونا الجديد قد يكون جاهزاً في خلال 18 شهراً، مضيفاً أنّه في حين يحتاج العالم إلى الاستثمار في البحث وتطوير لقاحات وعلاجات، "نحتاج كذلك إلى الاستثمار في وقف تفشّي فيروس كورونا الجديد الآن". وشدّد حينها على "وجوب القيام بكلّ ما في وسعنا اليوم عبر استخدام الأسلحة المتاحة لمكافحة هذا الفيروس، فيما نستعدّ على المدى الطويل".

ويبدو القلق الذي سبق وعبّر عنه غيبريسوس مبرّراً اليوم، إذ إنّ فيروس كورونا الجديد يستمرّ في تمدّده في كلّ أنحاء العالم، في حين تحذّر منظمة الصحة العالمية من أنّ ثمّة بلداناً لا تتعامل بالجدية اللازمة مع إجراءات مكافحة العدوى، مشيرة إلى "قائمة طويلة" من تلك البلدان. وقال غيبريسوس، أوّل من أمس الخميس، إنّ "هذا ليس الوقت للاستسلام، وليس وقت البحث عن أعذار"، من دون أن يسمّي البلدان التي يقصدها بكلامه. وفي هذا الإطار، تبدو الولايات المتحدة الأميركية، القوّة العظمى، معنيّة. ففي حين تناولت وسائل إعلام مختلفة سوء النظام الصحي الأميركي كسبب لتفاقم أزمة كورونا في البلاد، سلّطت كبرى نقابات الممرّضين الضوء على عدم استعداد عدد كبير من المستشفيات لمواجهة الفيروس، معبّرة عن قلق إزاء نقص في المعدّات والمعلومات لدى العاملين في الرعاية الصحية بالإضافة إلى عدم حصولهم على التدريب اللازم.

عشرون لقاحاً قيد التطوير اليوم (ديفيد ريان/ Getty)

وفي سياق متصل، عقد وزراء صحة دول الاتحاد الأوروبي مباحثات طارئة، أمس الجمعة، حول كيفيّة إبطاء تفشّي فيروس كورونا الجديد وتحسين الردّ الجماعي، وذلك وسط مخاوف من نقص محتمل في المعدّات الوقائية مع تسارع الانتشار في خلال الأسبوعَين الماضيَين. وهذا التسارع دفع المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها إلى رفع مستوى خطر الإصابة بعدوى فيروس كورونا الجديد من معتدل إلى مرتفع. وقد شدّد الوزير الألماني ينس شبان على أنّ "الفيروس في أوروبا والتحدّي يكمن في إبطاء تفشّيه واحتوائه"، مضيفاً أنّ هذه هي مهمّتهم الآن حتى إيجاد علاج.

وللمرّة الأولى منذ انطلاق أزمة فيروس كورونا الجديد، أعلن إقليم هوبي في وسط الصين، أمس الجمعة، عدم تسجيل أيّ حالات إصابة جديدة بفيروس كورونا في خارج عاصمته ووهان التي تُعَدّ بؤرة تفشّي الفيروس، في خلال 24 ساعة. وأشار نائب الأمين العام لمجلس الدولة الصيني (رئاسة الوزراء) دينغ شيانغ يانغ إلى إمكانية رفع الحجر الصحي المفروض على هذا الإقليم قريباً، بما في ذلك عاصمته ووهان، بعد أكثر من شهر على فرضه. وأكّد أنّ "اليوم الذي ينتظره الجميع قد لا يكون بعيداً جداً"، لكنّه لفت إلى أنّ عدد الإصابات في هوبي وعاصمته ووهان حيث سُجّل ظهور الفيروس للمرّة الأولى، ما زال يمثّل نسبة كبيرة من الحصيلة الوطنية. يُذكر أنّ الحجر الصحي فُرض على نحو 56 مليون شخص يعيشون في الإقليم، منهم 11 مليوناً تقريباً في ووهان، منذ نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، والهدف وقف انتشار الفيروس في البلاد. يُذكر أنّه منذ أسابيع عدّة، تشهد الإصابات المسجّلة في إقليم هوبي وعاصمته تراجعاً ملحوظاً. وتأتي تصريحات دينغ كمؤشّر إلى إمكانية عودة الحياة إلى طبيعتها قريباً في الإقليم كما في كلّ أنحاء الصين.



أمّا في أنحاء أخرى من الصين، فقد بدأت المدارس في الأقاليم التي لم تعلن عن أيّ إصابات جديدة على مدى أيام، بتحديد مواعيد استئناف الدراسة. على سبيل المثال، إقليم شنغهاي في شمال غرب البلاد، الذي لم تُسجَّل فيه أيّ إصابة جديدة لمدّة 29 يوماً (حتى الخامس من مارس/ آذار الجاري)، أعلن عن تحديد مواعيد استئناف الدراسة في مختلف المدارس ما بين 11 مارس/ آذار و20 منه.

المساهمون