الخدمة العسكرية تطارد شبان درعا

الخدمة العسكرية تطارد شبان درعا

18 يوليو 2019
الكلّ مهدد بالخدمة العسكرية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

يعيش شبان درعا، تحت ضغط ملف الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية ضمن القوات النظامية، وهو ما يقيد حركة غير الملتحقين، أو يدفعهم إلى الهرب

الخدمة الإلزامية والاحتياطية في الجيش السوري النظامي تشكل هاجساً كبيراً لأبناء محافظة درعا، جنوبي سورية، حتى أنّهم يبتكرون طرقاً للتهرب منها، إما من خلال عدم مبارحة بلداتهم والسهول المحيطة بها، أو الهروب خارج سورية، تفادياً لحواجز النظام التي تقتاد من يقع تحت يديها مباشرة إلى التجنيد.

يقول أبو سليمان الدرعاوي، وهو ثلاثيني متزوج ولديه 3 أبناء، لـ"العربي الجديد": "أنا مطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية ضمن القوات النظامية، وكلّ يوم أعيش حالة من القلق من احتمال أن تأتي إحدى الدوريات وتعتقلني. مثلي كثر يعيشون الظروف نفسها، وهكذا ينشأ تواصل بيننا، وحتى مع الشبان في قرى مجاورة، لنتخذ احتياطاتنا". يضيف: "لماذا عليّ أن أقاتل مع النظام؟ أمن المعقول أن ننسى دماء الشهداء، ومنازلنا وأراضينا التي دمرها، وحتى الخداع الذي مارسه علينا هو والروس؟ مضى عام على سيطرته على درعا والقنيطرة، وما زلنا نعيش في وضع أسوأ من أيام المعارك والحصار، حتى أنّ تعامله معنا لم يتغير أبداً وكأنّه لم يعش سنوات طويلة من الحرب، فما زال يحاول أن يفرض سيطرته كما كان قبل عام 2011". يبيّن أنّه لا يملك عملاً مستقراً، وإن كان حالياً يعمل في حصاد موسم الشعير والقمح والحمص، وهذا العمل يؤمن حالياً الحد الأدنى من احتياجات عائلته، لكن إن جرى اعتقاله وزجّه في الخدمة العسكرية فراتبه لن يكفيه كمصروف شخصي.




يقول الناشط الإعلامي في درعا، أبو محمد الحوراني، لـ"العربي الجديد" إنّ "الشبان الممتنعين عن الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، ملتزمون بالبقاء داخل مناطقهم، ولا يغادرونها، تجنباً للمرور على الحواجز، خوفاً من اعتقالهم وسوقهم إلى الخدمة العسكرية". يلفت إلى أنّ "هناك أمنيات اليوم لدى الشبان بعودة الحراك الثوري إلى المنطقة، والعمل العسكري للسيطرة عليها، خصوصاً أنّ درعا اليوم تعيش حالة من التوتر بسبب الفلتان الأمني وتكرار الاغتيالات وعمليات الخطف، في حين تنتشر البطالة بين الشبان بنسب مرتفعة، ويتفشى الفقر بين الأهالي المحرومين من الحدّ الأدنى من الخدمات الأساسية في المناطق السكنية، إذ يتواصل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وغالباً، لا يصل التيار، بالإضافة إلى خروج جزء كبير من شبكات توزيع مياه الشرب والصرف الصحي عن الخدمة، في وقت تعتبر الأسعار خصوصاً للمواد الغذائية مرتفعة بنسب كبيرة عن مثيلاتها في العاصمة دمشق".

يرفض الشبان أن يقاتلوا أو يقتلوا باسم النظام (أنور عمرو/ فرانس برس) 












يذكر الحوراني أنّ "قلة من الشبان تتوافر لها فرصة عمل، وما يتوافر غالباً يكون في مجال الزراعة، وهو عمل موسمي، بالإضافة إلى بعض الأعمال التجارية، ما يؤمن دخلاً يومياً للفرد لا يتجاوز أربعة دولارات أميركية، في حين تحتاج العائلة كحد أدنى يومياً إلى نحو عشرة دولارات، لتؤمن احتياجاتها، وهو ما يغرقها في الديون. وبشكل عام، فإنّ غالبية العائلات تعتمد في معيشتها على ما يصلها من أقاربها خارج البلاد".

من جهته، يقول الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" أبو محمود الحوراني، لـ"العربي الجديد": "في الوقت الحالي هناك ضغط نفسي كبير على العائلات في درعا، خصوصاً الشبان، فقلما تجد عائلة لم تفقد شاباً على الأقل منها إما جراء الاعتقال أو القصف أو الاقتتال. واليوم يأتي النظام ويطلب من بقوا في المحافظة إلى الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، ما يجعل العائلة مهددة بفقدان بقية شبانها في المعارك، بالإضافة إلى فقدانها المعيل الذي بالكاد يوفر احتياجات عائلته". يعتبر أنّ الشبان اليوم لا يجدون مهرباً غير الهجرة خارج سورية: "وبالتالي يتخلصون من خطر إجبارهم على الخدمة العسكرية، كما يحصلون على فرصة عمل تؤمن الحد الأدنى من الدخل لإعالة عائلاتهم، وقد سجل منذ أواخر يونيو/ حزيران الماضي، أكثر من 30 حالة خروج لشبان إلى دول الجوار عن طريق مهربين، مقابل مبالغ مالية كبيرة، بعدما انتشر أنّ النظام لن يمنح فترة ثالثة لتأجيل الالتحاق بالخدمة".




يلفت إلى أنّ "الشبان اليوم محاصرون في مناطقهم، يمضون وقتهم في الانتظار، وتجدهم يجتمعون يلعبون الورق، في حين تدور الأحاديث بينهم حول الشؤون العامة جداً، إذ يتفادون الدخول في نقاشات متعلقة بالثورة، خصوصاً أنّ النظام متواجد في المنطقة، في وقت يعيش الأهالي حالة من عدم الثقة منذ سيطرة النظام على المنطقة قبل عام". ويضيف: "هناك مئات من الشبان في البلدات التي يمتلك النظام نسبة عالية من السيطرة عليها، فهو لا يسيطر على كامل ريف درعا بالقوة نفسها، فتجدهم فيها مترقبين لأيّ تحرك لقوات النظام، ومنهم من يتنقل من بلدة إلى أخرى ليبتعد عن احتمال اعتقاله، وهناك شبان يمضون وقتهم وحتى ينامون في السهول لتجنب أيّ عملية مداهمة لمنازلهم".

المساهمون