الحياة أفضل في فلسطين

الحياة أفضل في فلسطين

17 يوليو 2017
لا أمل في العودة (العربي الجديد)
+ الخط -
عاشت الحاجة فاطمة حسن حياة صعبة. كانت في الخامسة من عمرها حين خرجت من فلسطين مع والدتها وشقيقيها الصغيرين، إذ إن والدها كان قد توفي قبل النكبة. ورغم أنها كانت صغيرة السن في ذلك الوقت، إلا أنها ما زالت تذكر رحلة الخروج من فلسطين نحو لبنان. تذكر أنّها كانت ذاهبة ووالدتها لرعى الأبقار، إذ كانت العائلة تعتاش من خيرات الأرض، قبل أن تتغير حياتها رأساً على عقب. كانت وعائلتها يعيشون حياة مستقرة في فلسطين، إلى أن حلت نكبة 48، واضطروا إلى الخروج من بلدتهم خوفاً من الحرب والقتل.

سنوات طويلة عاشتها الحاجة فاطمة كلاجئة وما زالت. ورغم مرور كل هذه السنوات، ما زالت تنتظر العودة إلى بلادها، وإن كانت تقول إنه "لا أمل في العودة". تنقلت الحاجة فاطمة من مكان إلى آخر في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، جنوب لبنان، وقد تمكنت من شراء منزل في النهاية، لكن بعد سنوات من التشرد. تقول: "ليتنا لم نخرج من فلسطين ونتذوق مرارة اللجوء. خلال النكبة، لم يخرج من بلدنا كل من كان يسكنها، بل بقي كثيرون. ومن خرج منها إلى مكان آخر، عاد إليها بعدما هدأت المعارك، وبنى فيها بيوتاً، وعاش حياة كريمة".

تتابع فاطمة: "أثناء مداهمات اليهود بيوتنا وأرضنا، أذكر أنهم كانوا يصادرون الماشية. حين خرجنا، سرنا على أقدامنا بين الجبال حتى وصلنا إلى لبنان. خفنا من أن يقتلنا اليهود. ولم يكن من خيار غير التوجه إلى لبنان. وحين وصلنا إلى جنوب لبنان، سكنا منطقة العباسية، وبنينا بيوتاً من القش، وعشنا فيها فترة طويلة. بعد ذلك، أجبرتنا الدولة اللبنانية على الخروج من المنطقة، ورحلنا إلى تل الزعتر في بيروت. لم يستطع أهل بلدنا العيش هناك أكثر من يوم واحد، فانتقلنا إلى مخيم البص (جنوب لبنان)، وبقينا فيه مدة ثلاثة أيام، ثم توجهنا إلى مخيم البرج الشمالي، سكنّا فيه لكن تعذبنا كثيراً. عشنا حياة صعبة جداً. بقينا فيه إلى أن اجتاح الإسرائيليون لبنان في عام 1982، فاضطررنا إلى تركه بعدما بدأوا القصف من البحر، وصارت القذائف تسقط على البيوت، وقد قصف بيتنا. ثم نزحنا إلى مدينة صيدا (جنوب لبنان)". في الوقت الحالي، يسكن بعض أولادها في مخيم البرج الشمالي، وقد كبروا وتزوجوا.

في صيدا، كان الاستقرار شبه مستحيل. انتقلوا من منطقة إلى أخرى لأسباب عدة. وبعد فترة من المعاناة، انتقلت العائلة إلى منطقة السكة القريبة من مخيم عين الحلوة. ومرة أخرى، بنوا بيوتاً من القش والكرتون ليعيشوا فيها. كان الأمر صعباً، خصوصاً أنهم عاشوا فيها فترة طويلة، وتحملوا كل شيء، على غرار الحر والبرد وانعدام الخدمات من مياه وكهرباء. بعدها، طلب منهم ترك حي السكة والبحث عن مكان آخر، وقد حصلوا على تعويضات من أجل تأمين منازل بديلة. كانت قيمة التعويضات زهيدة جداً، ولا تكفي لشراء غرفة في منطقة صيدا. لذلك، "لم نستطع إيجاد مكان لنعيش فيه غير مخيم عين الحلوة". في المخيم، تمكنت الحاجة فاطمة من شراء بيت، ما زالت تسكن فيه حتى اللحظة.

لم تستطع نسيان الفترة التي عاشتها في فلسطين. تذكر أنها كانت تشعر بالأمان والاستقرار. وبمجرّد أن غادرت فلسطين، انقلبت حياتها رأساً على عقب. منذ ذلك الوقت، لم تنعم بحياة هادئة. كما أن العيش في المخيم ليس سهلاً، في ظل نقص كثير من الخدمات. صحيح أنّها اعتادت الأمر، إلا أنه يصعب عليها قبوله.

تقول الحاجة فاطمة بحسرة: "ليتني لم أتزوج وأنجب أطفالاً". تضيف أن "المرأة تنجب الأطفال، تربيهم، وتتعب من أجلهم، لكن حين تكبر، لا تجد أحداً. ما من أحد يسأل عني". تتابع: "لطالما تمنيت أن أعود إلى فلسطين، إلى أرضي وبيتي. لكنني لم أعد أرى أملًا في ذلك. الحياة صعبة جداً في لبنان، وتحديداً في المخيم، في ظل الاشتباكات التي تحصل بين الحين والآخر. فلا أمن ولا استقرار".

المساهمون