يوم البيئة.. العالم العربي مهدّد فلنستهلك بعناية

يوم البيئة.. العالم العربي مهدّد فلنستهلك بعناية

05 يونيو 2015
تفاقم التلوّث يهدّد العالم العربي (فرانس برس)
+ الخط -

في الخامس من يونيو/ حزيران، غالباً ما نتذكر البيئة في يومها العالمي، من خلال عناوين لافتة، في حين تبقى المحافظة عليها مجرّد حبر على ورق، ولا تبلغ صرخات المجتمع المدني المعنيّين. في البلدان العربية، لا سيّما لبنان، يُلحظ غياب للاستراتيجيات البيئية الإنقاذية، وسط جفاف ناجم عن التغيّر المناخي وندرة في المياه وتصحّر، وغيرها من المشكلات التي تؤكد عدم توفّر حلول على الرغم من كثرة الكلام عن مشاريع بيئية كبرى.

هذا العام، يأتي شعار اليوم العالمي للبيئة "سبعة مليارات حلم. على كوكب واحد. فلنستهلك بعناية"، كتحدٍ لنا جميعاً. ويدعو برنامج الأمم المتحدة للبيئة في هذا اليوم العالمي، الجميع ليصبحوا على دراية بكيفية تأثير عادات الاستهلاك الفردية اليومية لسبعة مليارات شخص على هذا الكوكب، وكيفيّة إحداث تغيير إيجابي هائل من خلال الاستهلاك بوعي ومسؤولية. واختار البرنامج "الاستهلاك وأنماط الحياة المستدامة" كعنوان لهذا العام، بهدف تسليط الضوء على الحاجة الملحّة للتحوّل إلى أنماط جديدة لاستخدام الموارد الطبيعية. فالبشرية تستخدم اليوم موارد أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يتخطى قدرة كوكب الأرض على التجدّد. تجدر الإشارة إلى أن هذه التحديات سوف تستمر بالتصاعد مع التوقعات بارتفاع عدد سكان العالم إلى تسعة مليارات نسمة في عام 2050، إذا ما استمرت أنماط الاستهلاك الحالية.

نحن مهدّدون

تشير المعلومات الأخيرة، الصادرة عن تقرير للمنتدى العربي للبيئة والتنمية، إلى أن العالم العربي مهدّد في كل بلدانه، وأكثر فأكثر ابتداءً من العام الجاري، 2015. وذلك من خلال ندرة المياه، نظراً لقلّة موارده المائية بالمقارنة مع ارتفاع عدد سكانه المتزايد من عام إلى آخر، بالإضافة إلى تنامي أخطار تغيّر المناخ وتفاقم التلوث في ربوعه. يأتي ذلك إلى جانب معطى أساسي وهو مناخه الجاف في معظم بلدانه، وشبه الجاف في المتبقي منها. وهذا ما أدى إلى بلوغ معدل الاستهلاك السنوي للشخص العربي الواحد من المياه نحو 500 متر مكعب، في مقابل معدل سنوي عالمي يسجّل نحو ستة آلاف متر مكعب. وهو ما يشكل أحد أبرز العوائق أمام التنمية في هذه البلدان، من بينها 13 بلداً تصنّف من بين البلدان التسعة عشر الأكثر فقراً بالمياه في العالم. إلى ذلك، فإن كمية المياه المتوفرة للفرد في ثمانية بلدان عربية، ودائماً بحسب التقرير المذكور، هي 200 متر مكعب سنوياً. وينخفض ذلك إلى نصف الكمية، أي 100 متر مكعب للفرد العربي الواحد في ستة بلدان.

ويشير تقرير المنتدى أيضاً إلى إمكانية معالجة أزمة المياه في هذه البلدان عبر التربية والأبحاث واعتماد استراتيجية ترتكز في الأساس على الإصلاحات المؤسساتية.

اقرأ أيضاً: مجزرة بيئية في بلاد الأرز

التصحّر إلى تفاقم

من جهة أخرى، بيّن تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية أن التصحر هو من أبرز العوامل التي تعوق التنمية في البلدان العربية، وتلحق أضراراً جسيمة بالمنظومات البيئية، وخصوصاً تلك الصالحة منها للاستغلال الزراعي، بالإضافة إلى النزوح من الأرياف إلى المدن. إلى ذلك، جاء في دراسة صادرة عن المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة، "أكساد"، التابع لجامعة الدول العربية، بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة "إيكاردا"، أن ظاهرة تدهور الأراضي الزراعية تعدّ من أبرز المشكلات البيئية التي يعاني منها العالم العربي، بشكل أثّر بشدّة على الإنتاج الزراعي بشقّيه النباتي والحيواني، وهي تهدّد بقوّة الأمن الغذائي لدول المنطقة.

جهود للحدّ من المخاطر

في هذا السياق، علّق الخبير في البيئة والجيولوجيا، الدكتور ولسون رزق، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إنه "أمام هذه الأخطار البيئية، يستدعي الأمر جهوداً بحثية مكثفة واستثمارات مرتفعة في إطار من التضامن بين الدول العربية، بهدف إنشاء مراصد مراقبة لمعاينة تقدم التصحر من خلال تكثيف التشجير، وبناء الحواجز وما إلى ذلك من مشاريع من شأنها تحويل الصحراء إلى واحات يطيب العيش فيها، بالإضافة إلى إنشاء محطات للطاقة الشمسية توفر مزيداً من قدرات الطاقة للبلدان التي تحتاجها، وحتى البلدان النفطية التي بإمكانها توجيه النصيب الأوفر من مواردها النفطية والغازية إلى التصدير وتكتفي باعتماد ما يمكن أن توفره محطاتها الشمسية".

الأمطار إلى تراجع

من جهته، يقول رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت الدولي، مارك وهيبي، لـ"العربي الجديد"، إنه وبعد الرصد الجوّي، "يتبيّن أن الانحباس الحراري إلى ارتفاع في خلال السنوات المقبلة، وذلك نتيجة مدى تأثير الإنسان على البيئة وزيادة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، من دون أن ننسى التأثير المباشر على مستوى البحار". يضيف: "في بلدان الخليج مثلاً، يسوء المناخ نظراً لقلة الأمطار المتساقطة. أما في سورية والأردن والعراق والجوار ومن بينها لبنان، فسوف يُسجَّل ارتفاع في نسبة التصحر بفعل التغيّرات المناخية. من المتوقع أنه من اليوم ولغاية 30 أو 40 عاماً مقبلة، سوف تنخفض كمية الأمطار 20%، بالتالي التصحر على الأبواب. كذلك من المتوقع أن يرتفع مستوى البحار وتتقلّص المساحات الخضراء وتزداد الفيضانات والأعاصير وترتفع نسب درجات الحرارة بفعل الاحتباس الحراري".

ويؤكد وهيبي أن "تلك التأثيرات بدأنا نلمسها، سواءً في لبنان أو في بلدان الجوار، إذ ازدادت الأيام الحارة بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق. بالتالي يؤثر ذلك على النمط البيئي".

لا للاستسلام

أما رئيس جمعية "جيف"، نادر النقيب، فيقول لـ"العربي الجديد": "كجمعية بيئية، نرى نصف كوب المياه الملآن. لهذا حددنا نشاطات عدة لهذا اليوم في وسط بيروت، بالتعاون مع وزارة البيئة اللبنانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي". يضيف: "ويأتي ذلك في إطار تحسين البيئة في لبنان على الرغم من كل الظروف الصعبة التي يمرّ بها، من دون أن نستسلم للأمر الواقع"، مشدداً على "أهمية إبعاد السياسة عن البيئة وإنقاذها من التلوث المزمن. هذا هو هدفنا في الجمعية وهذا ما نحاول شرحه للناس في اليوم العالمي للبيئة".

الطاقة الشمسيّة نعمة

ثمّة بلدان عربية، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، تسعى إلى مواجهة ندرة المياه من خلال برامج استراتيجية في مجال تحلية المياه. لكن هذه البرامج مكلفة مالياً وتستهلك كثيراً من الطاقة التقليدية، الأمر الذي يستدعي اللجوء إلى الطاقات المتجددة، وأبرزها الطاقة الشمسية التي أنعم الله بها على كل البلدان العربية من دون حدود.

اقرأ أيضاً: النفايات الإلكترونيّة تنشر سمومها