أندية قراءة لأطفال الكويت

أندية قراءة لأطفال الكويت

10 مارس 2017
ينصتون إلى الراوية (العربي الجديد)
+ الخط -

يُلاحَظ المزيد من انتشار أندية القراءة الخاصة بالأطفال في الكويت، لا سيّما مع تزايد عدد الأهالي الراغبين في تزويد أبنائهم بجرعات ثقافية. في هذه الأندية، يحصل الصغار على المعلومات في ما ينمّى خيالهم وتقوّى لغتهم العربية وتُعزّز ذائقتهم الأدبية، فيأتي ذلك كمحاولة لملء الفراغ، الذي تخلّفه المناهج التربوية غير المتكاملة بحسب ما يقول أهل الاختصاص.

وأندية القراءة الخاصة بالأطفال تكون عادة تابعة لمكتبات أو مجموعات ثقافية أو لجان خيرية وحكومية، بإشراف كتّاب وروائيين وشعراء. فيخصص يوم في الأسبوع تُقرأ فيه القصص القصيرة باللغة العربية وتُشرح معانيها، في محاولة لتحبيب الأطفال باللغة العربية وكسر الحاجز بينهم وبين القراءة خصوصاً، والأدب عموماً.

إلى ذلك، ينظّم مشروع "تكوين" للكتابة الإبداعية صباح كلّ يوم سبت، وهو يوم عطلة في البلاد، فعالية خاصة بالأطفال تقوم خلالها راويات بقراءة قصة قصيرة، لتسألهم عنها وعن أبرز ما تعلموه واستفادوا منه وتخيلوه حولها. وتقول الروائية الكويتية الشهيرة، بثينة العيسى، وهي مؤسسة مشروع "تكوين" الثقافي: "أظنّ أنّ أسباب نفور الأطفال من اللغة العربية في الزمن الحالي ترتبط بتحديات عدّة، أوّلها أنّ اللغة المكتوبة تختلف عن اللغة المنطوقة. لدينا اللهجة المحلية ولدينا الفصحى". وتضيف لـ "العربي الجديد" أنّ ثاني التحديات هو في أنّ "اللغة العربية الفصحى لا تقدّم نفسها كلغة ممتعة، لأنّ النصوص المختارة للتلاميذ في مناهج اللغة العربية التي تضعها وزارة التربية الكويتية، والتي تلزم بها مدارس القطاعَين الحكومي والخاص، هي نصوص مملة جداً وتقليدية ولا تنمّي أيّ خيال أو إبداع عند الطفل. لذا، نحاول تقديم نماذج لأدب الأطفال مشوّقة وممتعة، لنجعل الطفل أكثر رغبة في التعبير عن نفسه في اللغة العربية".

وتعود العيسى إلى مشكلة المنطوق والمكتوب، فتقول إنّ "الطفل قادر على قراءة اللغة العربية وكتابتها، لكنّه لا يسمعها. حينما نتكلم، نحن نتكلم باللهجة المحلية، واللغة الشفهية تختلف عن اللغة المكتوبة". تتابع: "أظنّ أنّني عندما أدرّب الطفل على الإنصات والاستماع إلى قصة أو قصيدة باللغة الفصحى، فأنا أصنع عنده ما يسمّى بـالسليقة النحوية. هذا هو الهدف من الأندية. ونحن نقدّم أدب الأطفال مترجماً من كلّ اللغات إلى العربية، وهذا ما يُعَدّ بوابة للأطفال كي يقرؤوا الأدب مستقبلاً".




في سياق متصل، تعاني المدارس الحكومية في البلاد من "فقر" في البرامج التعليمية والثقافية والنشاطات المرافقة. فيقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت، خليل خالد، لـ "العربي الجديد" إنّ "ثمّة فقراً كبيراً في النشاطات المصاحبة للحصص الدراسية التي تتمحور حول الثقافة، وأبرزها حصة اللغة العربية في المدارس. تلميذ المرحلة الابتدائية أو المتوسطة يدرسها كما يدرس طالب الجامعة أو الدراسات العليا نصوصها الأدبية". ويضيف: "كذلك، لا تتوفّر رقابة حقيقية على ما يقدّمه المدرّسون من نشاطات، الأمر الذي أدّى إلى هذا الخلل الكبير. فإدارات المدارس تهتمّ بالكمّ وليس بالكيف. على الورق، نجد أنّ ما يقدّم هو رائع جداً، لكنّ التلاميذ في الواقع لا يفقهون اللغة العربية بصورة جيدة". ويتابع خالد أنّ "هذه المشاريع المختصّة بتوعية الأطفال حول الأدب واللغة العربية هي رائعة جداً وتؤكد وتنبّه إلى دور المجتمع المدني في سدّ الفجوات المتعلقة بالخلل المسجّل في العملية التربوية وفي عملية تنمية الطفل عموماً".

تجدر الإشارة إلى أنّ أندية قراءة كثيرة للأطفال تعاني من عدم إقبال حقيقي، على خلفية إهمال أسر كثيرة دور الثقافة واللغة العربية. ويشير أولياء أمور إلى تخوّفهم من تأثير هذه الأندية على سير العملية الدراسية. إلى ذلك تأتي بعض الأندية ضيّقة المساحة، نتيجة عدم وجود موارد كافية لاستئجار أو تملّك مكان أوسع.

يقول مسؤول أحد الأندية لـ"العربي الجديد" إنّ "نادينا يعمل تحت غطاء ومظلة جمعية إسلامية خيرية، وهذا يؤثّر على نسب الإقبال لدينا، إذ إنّ آباء كثيرين يتخوّفون من أن يحصل الأطفال على ثقافة غير محببة في النادي. لكنّنا نحاول الإيضاح بأنّنا نعمل فقط على تحبيب الأطفال بالقراءة، وزرع حبّ الثقافة في نفوسهم عبر قصّ الحكايات التاريخية عليهم، التي تطغى عليها في الغالب الصبغة الدينية". ويضيف، وقد فضّل عدم الكشف عن هويته، أنّ "الإقبال يتأثر كذلك بمدى إعلان المشاهير عن فعالياتنا. في إحدى المرات، أعلن داعية مشهور عن فعالية لنا مخصصة للأطفال فحضرها كثيرون. بصراحة، لا أؤيد وضع كل أندية القراءة تحت مظلة واحدة، لأنّ هذه الأندية هي نشاطات شعبية. فإذا قدّمت الجهات الرسمية الدعم لها، كبّلتها وأدخلتها في دوامة الروتين المملة، التي ساهمت من قبل في جمود المشهد الثقافي على كلّ الأصعدة في الكويت وحتى خارجها".

دلالات