تقرير حقوقي يرصد وقائع الإهمال الطبي في سجون مصر

تقرير حقوقي يرصد وقائع الإهمال الطبي في سجون مصر

30 يناير 2019
يعاني المعتقلون من ظروف كارثية (فرانس برس)
+ الخط -
كشف مركز عدالة للحقوق والحريات، وهي منظمة مجتمع  مدني مصرية، في تقرير صدر الثلاثاء بعنوان "كيف تعالج سجينًا حتى الموت"، أن أعداد حالات الإهمال الطبي داخل السجون في الفترة من 2016 حتى 2018 وصلت إلى ما يقارب 819 حالة، بينما وصلت أعداد الوفيات إلى 60 حالة وفاة. 

ونقل التقرير عن زوجة سجين في سجن ليمان 440 وادي النطرون قولها: "الإهمال في سجن وادي النطرون رهيب، بكلم مرة المأمور بقوله إن جوزي تعبان وبيموت، قال لي ما يموت ولا يغور في داهية إيه المشكلة".

التقرير جمع 46 شهادة من سجناء ومحبوسين احتياطياً وأهاليهم وأطباء ومحامين عن المعاناة والتعنت داخل السجون المصرية للحصول على الرعاية الطبية.

ولم يغفل التقرير الإشارة إلى بناء 23 سجناً جديداً من 2013 حتى 2018 تماشياً مع منهجية التوسع في الاعتقالات وغلق المجال العام والمحاكمات غير العادلة.


وأكد المركز أن إتاحة الرعاية الصحية للجميع على قدم المساواة أحد العناصر الرئيسية لتحقيق مبدأ الحق في الصحة بشكل عام، الذي كفله الدستور في المادة 18، لكن مسار ما بعد الثالث من يوليو/تموز 2013 وما تلاه من تحولات سياسية أسهمت في تغيير المنظومة الحاكمة للعدالة الجنائية في مصر تغييراً راديكالياً تبلور في صورة تعديلات تشريعية، كان له أثر بالغ في زيادة أعداد المحتجزين في مصر بصورة غير مسبوقة، استجابت لها الدولة ببناء سجون جديدة.

وحسب التقرير، فقد كشف ذلك المسار أن الإهمال الطبي داخل السجون المصرية أصبح أمراً معتاداً، مما يشكل تهديداً حقيقّياً لصحة المرضى المسجونين ويخالف النصوص القانونية المحلية والدولية، هذا إلى جانب غياب منظومة واضحة تنظم من خلالها تقديم الرعاية الطبية للسجناء.

ورصد التقرير شهادة سجين في سجن طرة شديد الحراسة "العقرب" قائلاً: "مافيش حاجة اسمها رعاية طبية، يعني انسى الموضوع ده مش موجود"، مشيراً إلى أن ملخص الرعاية الطبية في السجون تظهر بعد الطرق على الزنزانة لمدة 4 أو 5 ساعات في الحالات المستعجلة، كحالات ضيق التنفس او ارتفاع درجة الحرارة، مضيفاً في مثل هذه الحالات يكون هناك ثلاثة احتمالات إما أن يتوجه المريض للمستشفى ويتعامل مع الحالة ممرض واصفاً حباية او حقنة أو "أي حاجة".

ويشير السجين في شهادته إلى أن الحل الثاني أن يتم معالجة السجين عن طريق "الشاويش"، قائلاً: "دي حقيقه والله يعني هو بيخدوا ويطلعلوا اي قرص عنده من الدرج يقوله اضرب ده وأنت هتبقى كويس".

أما الحل الثالث أن يتم تجاهل المريض: "يكفي إن هم  يشوفوك بتفرفر قدامهم ويسيبوك تفرفر يعني، ويقنعك أنك مافيش فيك حاجة". 

وقال التقرير إنه مع التكدس داخل أماكن الاحتجاز بشكل يتجاوز طاقتها الاستيعابية، وتدهور الأوضاع المعيشية في الداخل، وما يستتبعه من انتشار للأمراض، كل ذلك أدى إلى تزايد المشكلات الصحية الخاصة بالمحتجزين.

ووفقاً لما رصده المركز من ارتفاع غير مسبوق في أعداد حالات الإهمال الطبي، فضلاً عن أعداد الوفيات خلال الثلاث السنوات الأخيرة (2016، 2017، 2018) التي تزيد عن خمسين حالة داخل السجون فقط، دون غيرها من أماكن الاحتجاز، وهو ما يعد مؤشراً لتدني الرعاية الصحية داخل السجون، في الوقت الذي تعلن فيه وزارة الداخلية أن تقديم الرعاية الطبية داخل السجون يتم على أعلى مستوى، وأن مستشفيات السجون مزودة بأحدث الأجهزة والمعدات، بالإضافة إلى تصريح الوزارة المعتاد مع كل حالة وفاة بأنها ناتجة عن هبوط حاد في الدورة الدموية، وهو الذي يعتبر عرضاً من أعراض الوفاة، ولا يعتبر سبباً للوفاة، ولا تهتم بإعلان الأسباب الحقيقية للوفاة أو تبريرها، وذلك لا ينفي مسؤوليتها القانونية، حيث أن إهمال وزارة الداخلية الذي يؤدي للوفاة يعد جريمة قتل بالامتناع.