الشجاعيّة.. الموت مرّ من هنا!

الشجاعيّة.. الموت مرّ من هنا!

غزة

علاء الحلو

avata
علاء الحلو
26 يوليو 2014
+ الخط -

"أن تقرأ وأن تسمع ليس كأن ترى".. هذه القناعة الوحيدة التي ستخرج بها عندما تتجوّل في شوارع وأزقة حيّ الشجاعيّة شرق مدينة غزّة، هو الذي كان قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع نابضا بالحياة، لكن تسونامي العدوان الإسرائيلي مرّ من هنا.

رائحة الموت والخراب والدمار تحوم في أجواء الحيّ المدمر، وكأن زلزالاً قوياً ضربه فقلبه رأساً على عقب. تناثر ركام المنازل وتناثرت الأحلام، وحَطَّت فوق سيل الدماء الذي غمر المكان ليرسم لوحة ألم منقطعة النظير. وتكرّرت المجزرة في بلدة خزاعة جنوب القطاع، وعدد من المناطق الأخرى.

خلال الحرب المستمرّة على قطاع غزّة، شكّل المدنيّون "بنك أهداف" للاحتلال الإسرائيلي الذي قتل وجرح الآلاف منهم ودمّر البيوت والمساجد والمستشفيات والمدارس فوق رؤوسهم، متحدياً القوانين الدوليّة وقواعد حقوق الإنسان والاتفاقيات كافة.

الحاج أبو محمد الجخبير، من سكان الحيّ. فور إعلان الهدنة التي وافقت عليها الفصائل الفلسطينيّة اليوم السبت لمدّة 12 ساعة، توجّه إلى منطقة الشجاعيّة التي تركها منذ الأسبوع الأول للعدوان على قطاع غزّة، ليطمئنّ على بيته ومنطقته. لكنه صدم. فمنزله تحوّل ركاماً، ولم يبقَ فيه حجر على آخر. لم يتمالك أعصابه، فجلس فوق الركام شاكياً همّه لله في مصابه الكبير.


ما أصاب الجخبير دعا جميع من حوله إلى البكاء حزناً على ما آلت إليه حاله وحال المئات من المواطنين في الحيّ والآلاف من سكان قطاع غزّة، الذين استهدف الاحتلال بيوتهم الآمنة من دون أي مسوّغات أو أسباب إلا لأنهم فلسطينيّون من قطاع غزّة.

ويقول الجخبير وقد خنقته العَبَرات، إن لا دخل له في كل الأحداث التي جرت. فعند اشتداد القصف وخوفاً على عائلته، ترك بيته الذي بناه بمساعدة أبنائه من عرق جبينهم. ويسأل "ذقنا الأمرَّين من أجل بناء البيت. هذا البيت هو كل ما ملكت في حياتي. إلى أين سأذهب الآن؟". 

من تحت الركام 

سامي الحلو من أهل الحيّ أيضاً، استشهد عدد من أفراد عائلته. جاء إلى هنا خلال فترة الهدنة لتفقّد أحوال أقاربه ومساعدتهم في البحث تحت الأنقاض عن بعض المفقودين. يقول "أشعر بألم بالغ. أنا بحاجة إلى سنين طويلة كي تخفّف منه".

ويوضح أن القصف الإسرائيلي كان جنونياً على حيّ الشجاعية، وهو يختصر حال غزّة بأسرها التي تعرّضت لأكثر من عشرة آلاف طنّ من القذائف. ويخبر أنه استبعد البقاء على قيد الحياة هو وأسرته، لافتاً إلى أن الموت والألم باتا يخيّمان على كل شبر من المكان والمدينة.

محمد الجخبير وسامي الحلو ليسا حالتَين منعزلتَين. فآلاف المواطنين عادوا إلى منازلهم لتفقدّها خلال فترة الهدنة، حاملين قلوبهم على أكفّهم. فهم لا يعرفون ماذا تبقّى لهم هنا، من ممتلكات وأحلام تركوها بعد اشتداد الإجرام الإسرائيلي. هذا الإجرام الذي استهداف المواطنين وكل ما هو متحرّك. وتجدر الإشارة إلى أن الركام أغلق عدداً كبيراً من الشوارع، نظراً لضخامة حجم الدمار.

من جانبه، راح أبو سمير الهسي يقلب كفَّيه بعد أن قُصف بيته وهدّم فوق محله التجاري الذي كان يبيع فيه مواد غذائيّة. فحاول مع أبنائه إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بضائع من تحت الركام، وسط مخاوف من خرق الاحتلال الإسرائيلي الهدنة المؤقتة، وبخاصة أنه لا يلتزم بأي من الاتفاقيات والمعاهدات.

إلى ذلك، كان مشهد التكافل الاجتماعي بارزاً في الحيّ الذي هَبّ أبناؤه الذين لم تلحق ببيوتهم أضرار كبيرة، لمساعدة جيرانهم المتضرّرين والمنكوبين في التنقيب بين الركام والتخفيف من الآلام. وذلك في مشهد مؤلم يذكّر بمشاهد الكوارث والمصائب الضخمة.

أما فرق الإسعاف والدفاع المدني، فهرعت لانتشال الضحايا من شهداء وجرحى من تحت الركام، والذين لم تتمكن من إجلائهم من قَبل بفعل إطلاق النار المباشر عليها والذي أودى بحياة عدد من عناصرها وأصاب العشرات. وذلك في تنكّر واضح من قبل الاحتلال للمواثيق الدوليّة التي تكفل حريّة عمل هؤلاء وقت النزاعات والحروب.

ذات صلة

الصورة
توماس غرينفيلد في مجلس الأمن، أكتوبر الماضي (بريان سميث/فرانس برس)

سياسة

منذ لحظة صدور قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف النار في غزة سعت الإدارة الأميركية إلى إفراغه من صفته القانونية الملزمة، لكنها فتحت الباب للكثير من الجدل.
الصورة

سياسة

وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إفادات وصفها بالصادمة عن سلسلة جرائم مروعة وفظائع ارتكبها جيش الاحتلال خلال عمليته المستمرة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
الصورة
إطلاق نار (إكس)

سياسة

شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، إجراءاتها العسكرية في بلدات عدّة غربي رام الله، وسط الضفة الغربية، بعد عملية إطلاق نار قرب طريق استيطاني.
الصورة
دانييلا فايس

سياسة

تواصل عرّابة الاستيطان وأحد أشد قادته دانييلا فايس تصريحاتها الفاشية المعادية للفلسطينيين، منادية بترحيلهم من غزة وسائر فلسطين والعودة للاستيطان في غزة.